مقالات وآراء

مراكمة أوراق الضغط… لا مكان آمناً للكيان الصهيوني

‭}‬ رنا العفيف
مسار المواجهة يحدّده محور متكامل يملك أوراق القوة، ويراكم أوراق الضغط على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية، وأيّ ضربة استراتيجية تمثلها عمليات المقاومة اليمنية ضدّ السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر؟ وما أهمية ذلك؟
منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» والعدو الإسرائيلي يبحث على قشة ليتمسك بها وهو غارق في أزماته، محاولاً بذلك تحقيق هدف استراتيجي أو إنجاز عسكري، ولم يحقق ذلك بالمطلق على أيّ مستوى، بالرغم من الدعم الأميركي الغربي…
طبعاً واقع مرير أدخل الاحتلال في دوامة الإرباك والتخبّط، وآخر التخبّط كان احتجاز سفينة تحمل علم الاحتلال أو تشغلها أو تمتلكها شركات «إسرائيلية»، وبالتالي كان لافتاً أنّ الكيان محاصر على الجبهات في خضمّ مسار المواجهة التي تحمل رسائل اقتدار تصل إلى بنك أهداف إسرائيلية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية، إذ جعلت الاحتلال يتيقن ويتوقع كلّ شيء انطلاقاً من بوابة الجبهات المتعدّدة حال دون خطأ في الحسابات أو تقدير الموقف بالحد الأدنى، حيال المشاركة الفعلية في معركة الإسناد بكلّ جدية لنصرة القضية لطالما هناك من يدير الحرب على غزة أميركياً، فكانت مصالح واشنطن في عين المقاومة برمتها في المنطقة…
كما لاحظنا أنها باتت أهدافاً يومية للمقاومة الإسلامية في العراق، فكانت الضربة الإستراتيجية التي تمثلها العمليات العسكرية للمقاومة سواء العراقية أو اليمنية ضدّ السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، أو ضدّ القواعد الأميركية في العراق وسورية، تمثل تحولاً كبيراً على مستوى القضية الفلسطينية وهذا له أبعاد استراتيجية حيوية على المستوى السياسي والاعلامي والعسكري، أربك العدو الإسرائيلي بعد أن حاول عزل غزة والقضاء على حماس، ولم يستطع فعلياً الإسرائيلي والأميركي فعل ذلك، لتتحوّل المواجهة إلى مواجهة إقليمية ودولية يشهدها العالم برمته،
لذلك تخشى أميركا و»إسرائيل» من تطوّر المواجهة مع محور المقاومة بدءاً من جبهة لبنان وصولاً إلى الجبهات الأخرى كاليمن والعراق وسورية، بالإشارة إلى عدة رسائل حيوية في حال قرّر الأميركي أن يدخل المعركة، أيّ هناك جبهات أخرى لديها مهام، وكلّ جبهة مهامها تختلف عن الأخرى، فكان للعراق دور في مشاغلة وإرباك القواعد الأميركية، بالتوزاي مع جبهة الضفة لتخفيف الضغط على غزة، وغيرها كلها ساهمت في التشبيك العسكري مما سمح لغزة أن تخوض معركة ضارية حققت إنجازات كبيرة جداً على أكثر من مستوى، وقد يكون هناك نوع من البطء ولكن بكّل تأكيد هي تعمل ضمن خطة محبوكة أو مضبوطة على إيقاع تكتيكي معيّن على مستوى الساحات، على اعتبار أنّ هناك اعتياداً عسكرياً مفهوماً لدى المقاومة في مواجهة «إسرائيل» التي كانت عبر التاريخ تخوض حرباً توسعية، أيّ كانت تقاتل خارج حدود فلسطين، ولكن نتيجة الضربات الإستراتيجية والأهداف الحيوية للمقاومة، جعلها تقاتل ضمن الحدود، معتقدة بأنّ الضغوط الأمنية والعسكرية واللوجستية والحصار والقتل، سيأتي بنتيجة كما تزعم الولايات المتحدة التي منحت نتنياهو رخصة بالقتل والذبح والتدمير والتهجير القسري…
وما حصل فعلياً من حراك جبهوي وهو استكمال لمعركة طوفان الأقصى، له أهمية عظمى ترتقي إلى حجم العقيدة الراسخة في القضية ذاتها والتي كرّست مفهوم المقاومة على كلّ الصعد الإنسانية والأخلاقية والسياسية والعسكرية…
بالمجمل بشتى صنوفها لها تأثير جيوبولتيكي استطاعت المقاومة بمحورها ردع أيّ غطاء سياسي وعسكري وأمني أن يحاصر غزة، وخير دليل المصالح الأميركية، وبالتالي هذا التحوّل الكبير له تبعات حتى ما بعد الهدنة التي من الممكن أن تتمدّد أو نرى تصعيد بالعموم ما زالت الأمور غير واضحة، وهنا نتحدّث عن أهمية الجبهات ومنها جبهة الجنوب التي كانت تقاتل من الأمام وأخرجت على الأقلّ ثلاث فرق من التحشيد على غزة وأفرزتهم إلى الشمال، بالإضافة إلى تدمير مراكز الرصد والمراقبة والإشارة وإلى ما هنالك، جميع الأهداف بما فيها الإعلامية أدّت إلى إرباك وتخبّط واضح لدى الإسرائيلي في معركة الصورة ومعركة كيّ الوعي بالإضافة إلى عدة معارك وجبهات مفتوحة غيّرت مسار المعركة لصالح المقاومة التي اكتسبت مهارة عالية في فن الردّ الإستراتيجي على مستوى العالم، ما يعني أنّ هناك الكثير لدى المقاومة على كلّ الجبهات وقد يبدو لنا أنها ما زالت متواضعة…
وكانت للهدنة انعكاسات على جبهات أخرى قد تتبلور أو تتطور أو تبرز منها وسط العمليات العسكرية المستمرة على جنين، وما بعد الهدنة يختلف تماماً وكلياً عما قبله، لطالما معركة الإسناد مربوطة بميدان واقع غزة، وسيتمّ التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي ومن يقف وراءه بطريقة مختلفة، وواشنطن قد لا يبدو لديها رغبة أو قدرة على دخولها حرب إقليمية بالرغم من أنّ هناك نية مبيّتة بذلك، وهي تراقب وترصد الحراك الجبهوي وتعلم أنها في مرحلة بدائية من هذا الأمر، لكون الأميركي لا يريد تطوير المواجهة في مقابل يريد المحور حماية غزة، وبالتالي نحن ربما أمام متغيرات لها مراحل تدريجية تشي في تطور آخر لمستجدات المعركة على الساحة الفلسطينية المرتبطة بغرف عمليات مشتركة لمحور المقاومة الذي يتحضر للخطوة التالية في سياسة النتائج المضبوطة على إيقاع غزة وتبعاتها في المنطقة تفضي بأن لا مكان آمناً للكيان الصهيوني…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى