أولى

أميركا هي العدو الأصيل وحامية الصهيونية

‭}‬ د. جمال زهران*
قدّمت عملية «طوفان الأقصى».. تأكيدات بأنّ أميركا هي العدو الأصيل للعرب وفلسطين، بل وإقليم الشرق الأوسط كله، وليست الطفلة المدللة المدعوة باسم «إسرائيل»، واسمها الأصلي «الكيان الصهيوني» فقط. فعملية «طوفان الأقصى»، لم تكن هي الكاشفة لذلك، إلا لذوي الرؤية المنعدمة، ولفاقدي البصيرة، بل يصل الأمر لمنعدمي الوطنية والعروبة. وجاءت عملية الطوفان لتؤكد الحقيقة بوضوح وفجور، ومن اللحظة الأولى بعد يوم (7) أكتوبر، وهو يوم المفاجأة الاستراتيجية للمقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، فكان كالقنبلة النووية على رأس البيت الأبيض، وليس على رأس المغرورين الإرهابيين الذين يحكمون الكيان الصهيوني برئاسة/ النتن-ياهو فحسب!
لذلك جاء رد فعل الولايات المتحدة باعتبار أن الضربة الاستراتيجية قد وجهت لأميركا مباشرة، سريعاً بتحريك الأساطيل إلى البحر المتوسط، ومضيق هرمز، ومضيق باب المندب (المحيط الهندي وبحر العرب)، ومبادرة عاجلة من الرئيس الأميركي (بايدن)، بالتوجّه في زيارة داخلية لإحدى ولايات أميركا (الكيان الصهيوني) الذي تعرّضت لنكبة مفاجئة، عجزت أجهزة استخباراتها (هي وطفلتها المدللة) على كشفها قبل وقوعها!
ويمكن رصد العديد من المؤشرات التي تؤكد أن العرب وفلسطين والمقاومة في مواجهة مباشرة مع أميركا (وريثة الاستعمار القديم)، ومع رموز الاستعمار القديم (دول أوروبا الفاعلة مثل بريطانيا – فرنسا – ألمانيا – إيطاليا)، في ما يلي:
1- مسارعة الرئيس الأميركي (بايدن) شخصياً، بالاتصال بالنتن-ياهو – رئيس وزراء الكيان الصهيوني، لمؤازرته ودعمه المطلق وحثه على سحق عزة وتأديب المقاومة خاصة (حماس والجهاد)، وبعد عدة أيام ذهب في زيارة مباشرة إلى الكيان، عبر طائرة عسكرية من قبرص أو اليونان، بعد أن حطّت طائرته الرئاسية هناك واستبدلها في طائرة عسكرية، خشية تعرّضه لهجوم، بعد أن ألغى هبوط طائرته في مطار عمان بالأردن. واجتمع برئيس وزراء الكيان (نتن-ياهو)، ومجلس الحرب، ومجلس الوزراء، باعتبارهم مساعدين له! وأعلن من قلب العاصمة (تل أبيب) في فلسطين المحتلة دعمه المطلق للكيان الصهيوني (إسرائيل)، على الرغم من أن بايدن لا يطيق هذا النتن-ياهو شخصياً، وساعد في إسقاطه فور نجاحه، وعاد مرة أخرى!
2- توجيه البارجات الأميركيّة، إلى السواحل الفلسطينية المحتلة في شرق البحر المتوسط لحماية الكيان، وإعلان الدعم والتضامن عسكرياً، وتهديد الأطراف الداعمة في الإقليم للمقاومة الفلسطينية، وخاصة حزب الله وإيران وهو بذلك فقد أعلن خيار (الدعم المطلق، والردع) لكل من تسوّل له نفسه في التفكير في التدخل في معركة غزة، لتمكين الكيان الصهيونيّ من سحق المقاومة والقضاء عليها نهائياً!
3- التوجيه الأميركي لدول أوروبا الفاعلة (بريطانيا – فرنسا – ألمانيا – إيطاليا)، بالتوجّه فوراً لزيارة الكيان الصهيونيّ تباعاً، وإعلان الدعم والتأييد المباشرين لهذا الكيان، أياً كانت النتائج، وهو ما حدث فعلاً. حيث أتوا جميعاً وبشكل سريع إلى الكيان، لإعلان الحماية والدعم والرعاية لهذا الكيان!
4- قيام بايدن بتقديم طلب للكونغرس للموافقة على دعم إضافيّ للميزانية بما قيمته (14) مليار دولار، لتوجيهها إلى الكيان الصهيونيّ مباشرة، وباعتبار أن أميركا هي صاحبة الولاية والعصمة لهذا الكيان الاستعماريّ. والإعلان على أن سقوط وانهيار الكيان الصهيونيّ هو سقوط لأميركا، وللغرب كله، وهو ما يرفضونه بشكل فاجر وعلنيّ، متجاهلين حقوق الطرف الآخر صاحب الأرض وهم الفلسطينيّون!
5- إعلان بايدن الفاجر بأنه صهيونيّ جداً، وأن «إسرائيل» لا بد لها أن تبقى وتستمرّ، وإذا لم تكن موجودة فإنه علينا السعي لإيجادها. وذلك في إشارة إلى حتميّة استمرار الكيان الصهيوني الاستعماري في المنطقة ليؤدي وظيفته الاستعمارية أصلاً، وأنه بالتالي لن يسمح بزوال هذا الكيان، متصوراً أن كل شيء بإرادته. ويتناسى بايدن وكل استعماريّ المآسي السابقة التي واجهوها من قبل. فهو قد تناسى ما حدث له في فيتنام وأفغانستان والصومال، وكوريا، وفي مواجهة المقاومة العراقية عقب احتلال أميركا للعراق في 2003!
6- تغاضى (بايدن) عن جرائم الكيان الصهيونيّ في ظل رئاسة (النتن-ياهو)، والذي ارتكب مجازر غير مسبوقة في التاريخ، ومنها الإبادة الجماعية المنظمة بقتل المدنيين والتركيز على الأطفال والنساء والشيوخ، وبنسبة 70% من إجمالي الشهداء (أكثر من 20 ألف شهيد)، والمصابين أكثر من (60) ألف مصاب حتى الآن (لحظة كتابة المقال، وتدمير المستشفيات، والمدارس ودور العبادة (مساجد وكنائس)، والمخابز، ومحطات الكهرباء، وغيرها، بحيث تنعدم سبل الحياة في القطاع لإجبار سكانه على التهجير القسريّ والإجباريّ، ويستمر القصف اليومي على مدار (90) يوماً حتى الآن دون إدانة أو مؤاخذة أو مجرد لوم! وفشل مجلس الأمن في استصدار قرار إدانة للكيان الصهيونيّ، أو وقف الحرب على شعب غزة بسبب الفيتو الأميركي الفاجر! ولا يزال بايدن أعمى ولا يرى شيئاً من هذه الجرائم، بل ويدعم القتلة للاستمرار في ارتكاب المجازر تحت سمع وبصر العالم كله، ويعلن بايدن بكل فجور وبرود أنه لا يرى الجيش الصهيونيّ يقتل المدنيين! كما يرى أن قتل الإعلاميين غير عمديّ! وقد تجاوز عدد الشهداء منهم الـ (100)!
7- بلغت جملة الطائرات الأميركيّة التي وصلت محملة بالأسلحة والذخائر للكيان الصهيوني (230) طائرة، و(20) باخرة، محملة بأحدث الأنواع من الذخائر والقنابل الإجراميّة والمسماة بـ «الغبية»، التي تقتل المئات في دقائق بلا رحمة! فضلاً عن المساعدات المالية من الدولارات المطبوعة بالمليارات لتعويض خسائر الكيان التي تجاوزت خلال هذه الفترة (وهي ثمانون يوماً) أكثر من (50) مليار دولار!
8- مشاركة قوات المارينز الأميركية في الحرب مباشرة، وقوات من بريطانيا وقوات من فرنسا، ومن ألمانيا، تمّ التعرّف على ذلك وتأكيده عبر قتلهم على يد المقاومة، وإعلان جنسيّاتهم!
9- تكوين تحالف أميركي لمحاصرة اليمن والتهديد باستخدام القوة بعد إعلاق باب المندب في وجه السفن الصهيونيّة، وضرب ميناء أم الرشراش (إيلات)، الذي تم هجره، وإحداث الشلل فيه بنسبة (80-90%)، وتوقف تماماً عن العمل! بما له من تداعيات اقتصادية خطيرة ضد الكيان، وبالتالي ضد أميركا!
10- محاولة التوظيف السياسيّ لأطراف إقليمية عربية أساسية، للاستمرار في حصار المقاومة، وحصار غزة، والحيلولة دون تكون موقف عربيّ داعم للمقاومة!
وختاماً: فإننا اليوم في إقليمنا العربي والشرق أوسطي في مواجهة مع أميركا مباشرة، وليست مع الكيان الصهيوني فحسب، والمقاومة الفلسطينية والعربية تحقق المكاسب على الأرض وفي الميدان، فماذا حققت أميركا إلا الخسران المبين، هذا ما سنتناوله في المقال المقبل…
*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة قناة السويس، جمهورية مصر العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى