مقالات وآراء

الردّ الإيراني… استثنائية المشهد والرسائل

‭}‬ رنا العفيف

مشهد لافت واستثنائي في حدث تاريخ جلي وواضح، فيه من التأويلات والأهمية والرسائل حزمة عقائدية للتطور الاستراتيجي الذي خطته طهران من صوابية القرار في حتمية الردّ المؤكد، كيف يمكن تشخيص هذا الردّ وماذا عن الانطباع الإسرائيلي لهذه العملية التاريخية؟
الرسائل كثيرة وصريحة وبالغة جداً بأنّ لدى إيران ومحور المقاومة القدرة على الردّ بكفاءة عالية وتخطيط سليم. جاء الردّ ليقول: لا تعبثوا معنا ولا تتجاوزوا الخطوط الحمراء، موجهاً للأميركي أيضاً وتحديداً للرئيس الأميركي جو بايدن الذي قال لنظيره الإيراني لا تفعلوها ولكن إيران فعلتها وردّت بشكل غير مسبوق، إذ التقديرات كما نشرت الأوساط الإسرائيلية 185 مُسيّرة و 110 صواريخ أرض أرض و 36 صاروخاً باليستياً بعيد المدى،
هذه الضربة ركزت على نقاط دقيقة وحساسة شاهدها العالم بأسره خاصة في فلسطين المحتلة ولا سيما في القدس، وكذلك في الجولان السوري المحتلّ ومنطقة شمال فلسطين المحتلة، وتمّ التركيز على الجنوب الذي يحوي منشآت عسكرية ومطارات وقواعد عسكرية معظمها خالٍ من السكان، وبالتالي أهمية الرسائل التي أراد الإيراني إيصالها هي عديدة متكافئة ومتكاملة بالتنسيق والدقة والتكتيك الذي أربك الكيان وشلّ حركته وقياداته العسكرية حتى بلغت ذروة الأسئلة في الأوساط العسكرية من قبل قيادات وخبراء ومسؤولين عن الردّ المركّب وماذا يعني بذلك، فتبيّن أنه طائرات مُسيّرة تستغرق بضع ساعات حتى تصل ثم تتبع بصواريخ تصل خلال 12 دقيقة، الأمر الذي جعل الكثير من القيادات والخبراء الإسرائيليين يستفسرون عن نوعية وطبيعة الردّ إذ أنها كانت تتوارد فكان الجواب أو الردّ صواريخ ومُسيّرات تترجم نصراً يتلوه لما هو آتٍ وأعظم في المرحلة التي دخلت حيّز التنفيذ للعالم السياسي على الصعيد الدولي، وهذا يشير ويفسّر بالمعنى السياسي الاستراتيجي الإيراني بشكل خاص أنّ رصاصة النصر العظيم والكبير انطلقت من الجمهورية الإيرانية الإسلامية وانطلق خلف ما يخفي العدو من العيوب يتلمّسها ويكشف ثغرات التي ينفذ منها إليه فما كان إلا أن انتصر محور المقاومة على هذا الكيان في ساح القتال بين قوسين أيّ 13 نيسان/ إبريل 2024،
بكل ّتأكيد هذه العملية التاريخية الفذة تمثل واقعاً استثنائياً برسائلها النارية وصواريخها ومُسيّراتها التي تنبئ بتحوّل كبير في تاريخ الصراع مع الكيان ونقطة تحوّل استراتيجي هامّ على اعتبار أنه ليس عملاً عادياً كالذي يجري كلّ يوم وإنما هي سابقة تاريخية ستفتح أبواب الاستبسال من جديد في مرحلة جديدة تضرب الأمثال بها بعد أن دشنت إيران مفتاح التطور الاستراتيجي لمعادلة تصبّ لمصلحة المنطقة برمّتها إذ يمكن القول إنها ترسم الخارطة الجيوسياسية في المنطقة من خلال التحالفات التي ستكون من خلال رسم السياسة الدولية على كافة الأصعدة التي تتوارد أسئلتها من الآن كيف ستكون مسار الأمور؟ ماذا بعد؟ كيف ستتأثر الحرب في غزة وغيرها؟
استطاعت إيران بهذه الضربة أن تؤكد على أمور هامة ودقيقة وعدت بالردّ والانتقام وهذا كان واضحاً على لسان قائدها السيد علي خامنئي، وعلى لسان محور المقاومة متمثلاً بالسيد حسن نصر الله والسيد عبد الملك الحوثي، وقد ثبتوا جميعهم المعادلة الذهبية كعنصر مفاجئ يعصف بالكيان ومعه الحلفاء المربكون قبل الردّ وبعدّ الردّ، إذ أصابهم الهلع والذعر في كيفية التصدّي لهذه الردود واستهدفت إيران ما تريد وأصابت بدقة إصابات مباشرة، وهي لم تضرب أهدافاً مدنية وهذا هام جداً وإنما استهدفت مناطق حساسة وحيوية في مناطق الكيان ومناطق ضربت مباشرة من منشآت عسكرية وهذه الخسائر سيتمّ الحديث عنها في الإعلام الإسرائيلي في المرحلة المقبلة على الرغم من التعتيم الإسرائيلي، شاهد العالم كيف استطاعت إيران قصف عمر الكيان مبيّنة من خلاله نقاط الردع الإسرائيلي الذي أصبح هشاً وهزيلاً ومتآكلاً حتى راحت استنجدت بالولايات المتحدة لحمايتها والدفاع عنها، فالانطباع الإسرائيلي هنا هو أنّ ضرب القنصلية الإيرانيةفي بدمشق خطيئة مميتة فتحت جدالاً عميقاً في الأوساط الأميركية والإسرائيلية وماهية خطورة هذه الخطوة والحديث عن الربح والخسارة التي يمكن أن تترتب عليها مع الإشارة لتصدير أزماتها من خلال افتعال هذه الضربة، بطبيعة الحال جاء الردّ دون شرط أو قيد وضمن إطار الحق القانوني والشرعي الذي فتح صفحة تاريخية جديدة في الحروب المستمرة مع الكيان حملت في أوزارها رسالة النور والإيمان بالنصر الكبير في معركة التحرير إلى أصقاع الأرض، وشهد العالم قاطبة الجمهورية الإيرانية الإسلامية بأسمى الصفات وأنبل الأخلاق تردع الكيان دعماً لنصرة غزة والقضية فالردّ الإيراني لم يكن عادياً بل كان مميّزاً وميزته أنه أثبت للأميركي والإسرائيلي والألماني والفرنسي والبريطاني وللأنظمة العربية وبالمجمل محور الشر، أنّ إيران ومحور المقاومة قادرون في كلّ وقت اجتمعت كلمتهم على سحق من ينوي بهم شراً في تحطيم الأسطورة الصهيونية في وحدانية القوة وقدسية الهدف الذي رسم الطريق الصحيح لردّ اعتبار القضية الفلسطينية رداً على جرائمهم الذي يندى لها جبين البشرية في غزة والمنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى