ما بين إنجار معركة استرجاع تدمر وانبلاج معركة حلب

جمال رابعة

كان لفرنسا وآل سعود ومِنْ خلفهم الكيان الصهيوني، الدور المتقدّم في محاولات عرقلة الاتفاق النووي الايراني مع السداسية الدولية، إلى أن تمّ ذلك بإصرار وصلابة ودبلوماسية متميّزة من الجانب الإيراني.

اليوم يتكرّر المشهد ذاته من قبل الفريق ذاته والأدوات والكومبارس لدورهم المشبوه في الاعتداء على حرية الشعوب وسيادتها الوطنية.

وما شهدناه في لقاء فيينا تحت مسمّى المجموعة الدولية لدعم سورية اسم على غير مسمّى، اذا تمّ استثناء روسيا وإيران، أقول إنّ التفاهم الأميركي الروسي موجود لكن التعاون مفقود، لأنه ليس هناك نية صادقة لدى الجانب الأميركي لجهة الحرب على الإرهاب، لتحقيق الأهداف السياسية والمصالح الاقتصادية لمحور العدوان على الدولة السورية، بدليل واضح أنّ الأميركيين راضون عن كلّ ما يقوم به آل سعود وأردوغان، بتقديم الدعم اللوجستي والمالي والسلاح لهذه العصابات الوهابية الإرهابية التكفيرية وإعادة تسليحها، وتشكيل «جيش الاسلام»، وخرق الهدنة على كامل الجغرافية السورية، وأخصّ بالذكر حلب ونقلاً عن تصريحات للسيد لافروف في كواليس فيينا قوله «عندما تحدّث الأميركيون عن جبهة النصرة لا يجيبون» مضيفاً بقوله إنّ الأميريكيين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر.

التشويش والمشاغبة التي تمارسها فرنسا ضدّ سيادة الدولة السورية قبضت ثمنها في ليبيا ومعها بريطانيا بحصص تمّ توزيعها في فيينا، إضافة إلى تركيا بدعم حكومة السراج الإخوانية في مواجهة «داعش».

واشنطن تحاول إطالة أمد الصراع والحرب في سورية، بدعم قوى الإرهاب في محاولة منها لتأجيل أيّ حلّ سياسي في سورية لمزيد من استنزاف الدولة السورية وإضعافها، وذلك من خلال التستر على ما يحصل من دعم لهذه القوى الإرهابية، عبر البوابتين التركية والأردنية وتأمين الغطاء السياسي لأردوغان وآل سعود، وما وفد الرياض في محادثات جنيف سوى واجهة سياسية لتعطيل أيّ حوار سوري سوري، وصولاً الى تصعيد عسكري على كامل الجغرافيا السورية، خدمة للمشروع «الصهيوأميركي» بتحقيق حالة اللاإستقرار في سورية، واستجابة لتصريحات القادة الصهاينة كما ورد على ألسنتهم بأنّ استقرار سورية اكثر خطورة على هذا الكيان المزعوم.

وما يحدث في الشمال والشمال الشرقي في سورية بدعم قوات سورية الديموقراطية من قبل واشنطن، يتصل بذات الأهداف التي تفضي إلى استنزاف الدولة السورية وإضعاف قرارها السياسي والاعتداء على السيادة الوطنية.

إذ أكد الرئيس السوري بشار الأسد في برقية تهنئة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لمناسبة «عيد النصر على النازية» «أنّ حلب تُعانق ستالين غراد البطلة ولن تقبل بأقلّ من دحر العدوان والانتصار»، في رسالة إلى كلّ مَن يعنيه الأمر أنّ سورية ماضية قدماً في تحرير حلب؟

تعلم القيادة الروسية إنّ إقصاء تركيا عن التدخل بشأن السوري لا يتمّ إلا عبر حسم المعركة في حلب، لكنها تعتبر أنّ تحريرها في هذا التوقيت يؤدّي إلى توقف العملية السياسة وصعوبة العودة إلى مفاوضات جنيف على اعتبار أنّ الجانب الروسي هو من يتولى العملية السياسية.

يقول الدكتور علي أكبر ولايتي: أنّ حلب هي ثاني مدينة مهمة في سورية، فتحريرها وإعادة بنائها من أهمّ الواجبات والأولويات، وأنّ أصدقاء سورية يعلمون، وأعداء سورية يعلمون، أنهم لن يستطيعوا بأيّ شكل من الأشكال فرض حلّ مفروض على الشعب السوري.

لذلك كان هناك تباين سياسي ميداني عسكري في الموقف حيال معركة حلب بين الدولة السورية وإيران وحزب الله من جهة وروسيا من جهة أخرى.

وبموجب جملة تفاهمات روسية أميركية، حول إتمام عملية فرز الجماعات الإرهابية المسلحة بما يسمّى كتائب معتدلة وأخرى متطرفة، من خلال موافقتهم على الهدنة المؤقتة عبر اتصالهم بغرفة عمليات حميميم بحضور أميركي غير منظور.

أستطيع القول هنا أنّ المناورة السياسية الروسية حققت أهدافها، وهذا ما شهدناه في مؤتمر المجموعة الدولية لدعم سورية بكلام أميركي عن عملية سياسية بمشاركة الرئيس الأسد، وإعطاء مهلة للجماعات والعصابات المسلحة التي يدعمها آل سعود بفك ارتباطها العضوي مع «جبهة النصرة» لجهة إخراجهم من المفاوضات والهدنة، إذا لم يتحقق ذلك مع إصرار الطرف الروسي على توصيف وتصنيف «جيش الإسلام» و»أحرار الشام»، بأنها مجموعات وعصابات إرهابية

وما يجري الآن في الميدان في حلب ومحيطها، ما هو إلا تكتيك عسكري بانتظار قرار معركة حلب الاستراتيجية.

وفي سؤال طرحته على جنرال روسي قلت: لقد اعتدنا من الرئيس بوتين اتخاذ قرارات مفاجئة في محاربة الإرهاب، وحيث كان قرار مشاركة الطيران الروسي إلى جانب الجيش العربي السوري، مفاجأة للعالم بعد تنسيق وموافقة من الدولة السورية… هل نتوقع مفاجأة أخرى؟

أجاب الجنرال: نعم هناك مفاجأة… قادمات الأيام تفصح عن ذلك… لننتظر…

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى