إرهابي اسطنبول: نفذت تعليمات مباشرة من «داعش»
أقرّ الأوزبكستاني عبد القادر مشاريبوف منفذ الهجوم الإرهابي على ملهى «رينا» الليلي في اسطنبول، بأنه كان ينوي نقل المبلغ المالي الضخم الذي صادره الأمن التركي إلى الرقة السورية. وأكد خلال استجوابه، أنه نفذ العملية بعد أن تلقى تعليمات من الرقة معقل تنظيم «داعش». كما ذكرت الصحافة التركية. كذلك، لا يزال الغموض يلف الهجوم لجهة اختلافه عن عمليات «داعش» السابقة.
وسبق لوسائل إعلام تركية، أن رجحت أن يكون المبلغ وقدره 197 ألف دولار، مكافأة دفعها «داعش» لمنفذ الهجوم مقابل ارتكاب المذبحة في النادي الليلي الشهير، ليلة رأس السنة، التي راح ضحيتها 39 شخصا. لكن مشاريبوف أصرّ خلال استجوابه، على أنّ هذا المبلغ لم يكن مخصصاً لنفقاته الشخصية، بل كان عليه أن ينقله إلى الرقة السورية، المعقل الرئيسي لتنظيم «داعش». وأكد أنه نفذ العملية بعد أن تلقى تعليمات من الرقة معقل تنظيم «داعش» في سورية.
ونقلت صحيفة «حرييت» وقناة «سي أن أن ترك»، أمس، مقتطفات من عملية استجوابه، أوضح فيها أنه كان يفترض أولاً، أن يستهدف ساحة تقسيم في وسط اسطنبول، التي تعج بالسياح، لكنه قام بتغيير خطته بسبب الإجراءات الأمنية المشددة. وأضاف: «تلقيت تعليمات من الرقة. تلقيت أوامر بتنفيذ هجوم في ساحة تقسيم ليلة رأس السنة».
وبعد أن تلقى تعليمات بإيجاد هدف آخر في المنطقة، استقل سيارة أجرة وجال على طول الساحل ورصد ملهى «رينا» الليلي، الذي كان «هدفا مناسبا لشن هجوم. للوهلة الأولى، لم يكن هناك تدابير أمنية مشددة».
وقال فيسي كيناك، نائب رئيس الوزراء التركي، أمس: «200 ألف دولار مبلغ كبير جدا. وقال مشاريبوف إنه كان ينوي نقل تلك الأموال إلى الرقة. ويعني ذلك أن تسليمه هذه الأموال جاء ليس لتغطية نفقاته الشخصية، بل بغية إعادتها إلى المنظمة الإرهابية». ولم يكشف المسؤول التركي عن المصدر الذي حصل الإرهابي منه على تلك الأموال.
ولفت كيناك أيضا، إلى مصادرة طائرتين مسيرتين من الشقة التي كان يقيم فيها مشاريبوف، قائلا: «الحديث يدور ليس عن مجرد عصابة إجرامية. بل كان بإمكان أعضاء العصابة استخدام التكنولوجيا المتطورة. إنهم يقومون بذلك في سورية، حيث ينفذون عمليات استطلاعية بواسطة طائرات مسيرة، كما أنهم استخدموا هذا الأسلوب في اسطنبول».
وكانت تسريبات عن استجواب الأمن التركي لمشاريبوف، قد دلت على كون هجوم رأي السنة منسقا مع قيادي «داعشي» في الرقة. وقال المتهم للمحققين، إنه وصل إلى تركيا عبر إيران تنفيذا لأوامر من الرقة وبغية الانضمام لصفوف إرهابيي ««داعش» في سورية. لكنه أثناء إقامته في محافظة قونية التركية، تلقى أوامر أخرى بشأن تنفيذ هجوم في اسطنبول.
وحسب الخطة الأولية المنسقة مع القيادي الداعشي، كان على مشاريبوف مهاجمة المحتفلين بعيد رأس السنة، في ميدان تقسيم في اسطنبول، لكن الإرهابي تراجع عن هذه الخطة، بسبب الإجراءات الأمنية الصارمة التي كانت مفروضة في تلك المنطقة، واستقل سيارة أجرة طوال طريق الكورنيش وهو يبحث عن هدف ملائم لشن هجوم دموي. وبعد أن لاحظ أن الحراسة عند مدخل ملهى «رينا» كانت قليلة، اتصل مجددا بالرقة، ونسق الخطة الجديدة.
وتقول تقارير صحافية، إن مشاريبوف يحمل الجنسية الطاجيكية، بالإضافة إلى جنسيته الأصلية الأوزبكية. وإنه يتقن خمس لغات هي: الأوزبكية والروسية والصينية والتركية والعربية. وإنه تلقى تدريبا عسكريا لمدة عامين في باكستان وافغانستان. وتضاربت الروايات عن كيفية دخوله الأراضي التركية وفيما تقول واحدة إنه دخل إليها قادما من إيران، ترجح أخرى أنه جاءها قادما من معاقل «داعش» في سورية.
ومن بين التفاصيل التي تحدثت عنها وسائل الإعلام الدولية، أن الشرطة التركية اكتشفت مكان اختباء مشاريبوف قبل اربعة أو خمسة أيام، إلا أن اقتحام الشقة، التي كان يقطنها، تأخر بغرض رصد تحركاته واتصالاته.
أما بشأن ما كان بتصرفه في الشقة، فلا يزال العثور على طائرتي «درون» يثير التساؤلات عن الغاية منهما، إضافة إلى وجود أربعة أشخاص معه في الشقة ساعة الاقتحام، هم رجل عراقي وثلاث نساء: مصرية وصومالية وسنغالية. والأخيرة أضافت المزيد من الغموض برسالة كتبتها إلى السفاح تقول فيها: «أنا أحبك جداً، أنت مجنون للغاية». ويقول أحد سكان المبنى، الذي قبض في إحدى شققه على مشاريبوف: «قبل ذلك لم أشعر بأي شكوك، أنا أسكن بالشقة التي تقع تحت الشقة التي كان يقطنها مشاريبوف، في الأيام الأخيرة كنت أسمع صوت طفل. وقبل ذلك لم أسمع على الإطلاق أصوات أطفال من هذه الشقة».
وعلى الرغم من كل شيء وقع القاتل في قبضة العدالة وانتهى تواريه الطويل عن الأنظار. وحانت الفرصة للكشف عن جميع ملابسات الجريمة البشعة على لسان هذا القاتل المحترف، الذي نفذ جريمته بدم بارد وأزهق أرواح 39 شخصا.