حسّان: مستمرّون في مسيرة الصراع ضدّ ناشري الدمار البيئي حتّى الانتصار عليهم وتحقيق السلام لشعبنا وأجيالنا الجديدة برجي: نحن حزب يعمل لحركة نهوض في المجتمع على كافّة المستويات
أقامت منفذية الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي مؤتمرها البيئي الأول تحت عنوان «واقع الكورة البيئي: لتحديد المخاطر والمطالب ورفع الضرر عن الكورة وأهلها»، في قاعة جمعية النهضة العمرانية في أميون، بحضور عميدة البيئة في الحزب السوري القومي الاجتماعي ليلى حسان ممثلة مركز الحزب، عميد الخارجية حسان صقر، منفذ عام الكورة د. جورج البرجي، ممثل الوزير السابق فايز غصن وتيار المردة المحامي رامي لطوف، عضو المكتب السياسي في حزب الله محمد صالح، مسؤول حركة أمل في الشمال بسام سلامة، منسق أقضية الشمال في التيار الوطني الحر المحامي جورج عطالله، منسق التيار الوطني الحر في الكورة جوني موسى، مسؤول الحزب الشيوعي في الكورة مرسال حاوي، رئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كريم، العميد المتقاعد أمين صليبا، رؤساء بلديات ومخاتير، رؤساء جمعيات بيئية وأعضائها وحشد من الفاعليات.
حنّا
استهلّ المؤتمر بالنشيد الوطني، ثم كلمة ترحيب وتعريف من د. جوزف حنا، أشار فيها إلى أسباب انعقاد المؤتمر «كي لا تبقى الكورة مكسر عصا للرأسمال الجشع، والشركات، كي لا تبقى بؤرة ملوثة بيئياً وصحياً، كي نضع حداً لكلّ التجاوزات، والاعتداءات على ترابنا وأرضنا وهوائنا وصحتنا، كي نعيد إلى الكورة خضارها ونضارتها ودورها الحضاري».
برجي
ثم تحدث منفذ عام الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي د. جورج برجي فقال: «باسم منفذية الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي أرحّب بكم فرداً فرداً في أميون عاصمة الكورة الخضراء… أقول خضراء ولستُ أكيداً من بقائها كذلك، لأنّ تلال الكورة تُجرف وأراضيها تصحّرت ومعالمها الطبيعية تغيّرت.
هواؤنا مليء بالغبار والتلوّث والسموم، ناهيك عن عشرات، بل مئات الإصابات السرطانية والرئويّة التي تضرب أطفالنا وأهالينا، خاصة في قرى وبلدات الطوق المحيطة بشكا ومعالمها… الخطر داهم ويطالنا جميعاً، فهل نبقى ساكتين عاجزين؟ لماذا هذا الصمت السياسي الكوراني المريب؟ عسى ألّا يكون التلوّث البيئي قد طال بعض العقول أو الجيوب…
أضاف برجي: من الواضح أنّ الشركات تتحايل على القانون بخصوص المقالع وغيرها، وتشتري صغار النفوس وأصحاب الضمائر النائمة، ولهؤلاء نقول: أنتم مشاركون في تدمير الكورة وقتل أهلها! فتخيّلوا لو أنّ أحد آبائكم، لا سمح الله، هو المصاب بالسرطان، فماذا تعني لكم كلّ أموال وكنوز العالم؟
لهذا الحديث تتمّة أخرى…
يا أبناء الكورة… كورتنا في الأساس كورة جمال: خضار، علم وفكر وثقافة، وهي أيضاً كورة عزّ وبطولة وكرامة… الجميع يعرفنا، نحن لسنا هواة تسلية أو تضييع وقت. كلمتنا فعل وموقف… على المسؤولين أن يسمعوا صوتنا جيداً، وعلى أصحاب المعامل والشركات أن يفهموا جيداً بأننا لن نرضى باستمرار الوضع كما هو الآن…
وتابع برجي قائلاً: نحن حزب يعمل لحركة نهوض في المجتمع على كافّة المستويات… حركتنا قائمة على حبنا لشعبنا وأرضنا، وهذا أساس في بناء فكرنا العقائدي والأخلاقي… وكما قاومنا ودافعنا عن أرضنا وكرامتنا في وجه العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري، سندافع عن كورتنا الحبيبة بكلّ ما أوتينا من قوّة بالعمل السلمي والقانوني والديمقراطي المنظّم، ونضع حدّاً لكلّ تجاوز على مصالح الكورة وأهلها… لقد حزمنا أمرنا في منفذية الكورة واللجنة التحضيرية لهذا اليوم البيئي مشكورة اللجنة على جهودها أن لا تقاعس ولا تهاون ولا تراجع، بل مستمرّون حتّى تحقيق كرامة الكورة وأهلها… وستلي هذا اليوم خطوات تنفيذية ويدنا كما هي دائماً ممدودة للجميع… كونوا مستعدّين للوقوف معنا ولتوحيد جهودنا كي ندافع عن كورتنا الحبيبة ونعيد إليها كلّ حق وكلّ خير وكلّ جمال، كي تبقى الكورة خضراء وأهلها أصحّاء…
حسّان
وألقت عميدة شؤون البيئة ليلى حسان كلمة باسم مركز الحزب استهلتها بالقول: «يشرّفني أن أكون بينكم في الكورة التي صبغت أشجار زيتونها بلون السلام والحب والاخضرار.
هذه الكورة الخضراء بوجودكم إخوة للحق مدافعين عن قضايا الإنسان والمصير، وما هذا اليوم البيئي إلا استمرار لتراث الكورة في العطاء وإصرار على افتتاح مسيرة الصراع ضدّ ناشري الدمار البيئي حتى دحره والانتصار عليه.
إنّنا في هذه المسيرة نمدّ أيدينا إلى جميع شرفاء هذا الوطن أيّاً تكن انتماءاتهم الفكرية والسياسية والدينية لنرسم معاً وجهاً جديداً للحياة في بلادنا ولنبني الدرع البيئي الذي يحمي الإنسان من المعاناة التي يعيشها اللبنانيون، ولا سيما أبناء الكورة التي ضربت الرقم القياسي في هذه المعاناة.
أضافت حسان: ها هي شجرة الزيتون أمّ العطاء تتعرّض مع زيتها النوراني لأبشع المكائد على أيدي عصابات استيراد وتزوير زيت الزيتون التي بسبب إغراقها أسواق لبنان بالزيت المستورد والزيت المزوّر سبّبت بقاء الزيت اللبناني سجين الخوابي لا يتمكّن المزارعون من بيعه لسنوات بل يُجبرون على بيع قطع عزيزة من أرضهم وهذا ما سبّب اعتداءً كبيراً على غابات زيتون الكورة الخضراء من جهتين: من جهة طرابلس تسبّب بيع الأراضي لتجّار العقارات بقيام غابات الأبنية على أنقاض غابة زيتون الكورة الجريحة.
ومن الجهة الغربيّة، تسبّب بقيام عشرات المقالع لمصانع الإسمنت التي اقتلعت الجبال واقتلعت آلاف أشجار الزيتون واعتدت على واجهة الكورة البحرية مهدّدة بتغيير مناخي خطير.
وتابعت: تتساءلون ما سبب ارتفاع معدّل الوفيّات بالسرطان في عدد من القرى المحيطة بمصانع إسمنت شكا، السبب واضح وهو استعمال الفحم البترولي القاتل وغيره. وهو أمر خطير يشكل حرب إبادة خطيرة ضدّ الآمنين من أبناء شعبنا في الكورة وشكا.
وسألت حسان: أيّ بلد في العالم يسمح بوجود مصانع إسمنت قاتلة بين بيوت الأهالي السكنيّة؟ لقد كانت شكّا والكورة محطّ أنظار أبناء جميع المناطق اللبنانية نظراً لاعتدال مناخهما وجمال طبيعتهما وساحلهما، فتوافد العديد منهم ليسكنوا في الساحل الكوراني الدافئ غير عالمين أنّ بيوتهم التي بنوها ستتحوّل إلى مقابر جماعية لهم بسبب التلوّث البيئي الرهيب الذي تنشره شركات ومقالع إسمنت الموت.
إزاء هذا الإرهاب البيئي الخطير نعلن أننا لن نسمح بأن تستمرّ هذه الجريمة الجماعية، ونحن جاهزون لتقديم الغالي والنفيس للدفاع عن كرامة أهلنا وزيتوننا في الكورة الخضراء.
من جانب آخر، أليس غريباً أن تشهد الكورة كارثة إقامة مصنع لسحب جفت الزيتون داخل بساتين زيتونها وبين قراها وإلى جانبه مصنع للتكرير يستعمل الأول المذيبات العضوية كمشتقات البنزين والهكسان في استخراج الزيت من الجفت ويستعمل الثاني الصودا الكاوية القطرون في تكرير الزيت؟ فأيّ دمار رهيب ينتظر أهلنا وزراعتنا وبيئتنا إذا استمرّ عمل هذا المعمل في بلدة بزيزا رغم إصدار وزارة الصناعة قراراً بسحب تراخيص هذا المعمل فتحايل القيّمون عليه بالترخيص لتشغيل معمل الجفت على أساس أنّه معصرةٌ لزيت الزيتون وقد سبق أن أوقف أيضاً.
وقالت حسان: نحن وإياكم، انطلاقاً من هذا اليوم البيئيّ الأخضر وانطلاقاً من الكورة التي تحارب الظلم والاستبداد والحقد الهمجيّ، نحن على موعد مع مسيرة الصراع ضدّ ناشري الدمار البيئي أياً كانوا وأياً تكن الجهات التي تدعمهم، وإنّنا مستمرّون في هذه المعركة حتّى الانتصار على أعداء الإنسان وحتى نحقّق السلام والأمان لشعبنا وأجيالنا الجديدة».
بو كريم
في المحور الأول «واقع الكورة البيئي» تحدث رئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كريم عن إيجابيات بيئية جديدة تمحورت حول تركيب محطات لقياس التلوث، منها في فيع، ما يتيح إمكانية الاعتماد على وثائق علمية لتحديد مصادر التلوث. وتطرق إلى محطتي الصرف الصحي، لا سيما تلك الكائنة بين شكا وأنفه، وهي بانتظار إمداد الخطوط إليها.
وفي موضوع الصيد الجائر، دعا بو كريم البلديات إلى أخذ زمام المبادرة ومنعه. وأشار إلى مشروع الاتحاد، منذ أكثر من ست سنوات، للتخلص من النفايات المنزلية الصلبة بشكل حضاري يتقدّم على المشاريع الأوروبية، لافتاً إلى أنّ المشكلة بقيت في إيجاد العقار، رغم أنّ الاعتمادات المالية للمشروع ميسّرة على شكل هبة. واستعرض الإجراءات التي قام بها الاتحاد مع بعض البلديات تجاه معمل الجفت في بزيزا ما أدّى إلى إقفاله، ومن ثم إلى إعادة العمل به بمذكرة إدارية، معلناً عن متابعته القضية مع وزير الصناعة. واستفاض في الحديث عن شركات الإسمنت وتأثيرها على بلدات الكورة، واللجنة التي شكلها الاتحاد والتحركات التي قامت في هذا الصدد والاقتراحات للتخفيف من التلوث، مشدّداً على أنّ الإرادة السياسية هي المتحكمة في الأمر.
سابا
وتحدث رئيس «هيئة حماية البيئة والتراث» رفعت سابا عن واقع البيئة في الساحل التاريخي الطبيعي الممتدّ من وادي نهر الجوز إلى وادي نهر هاب، وما لحقها من تدهور بيئي، مشيراً إلى ما لحق بالشاطئ من ردم وإنشاء مرافئ سياحية وصناعية، وشفط للرمول، وتوقف العمل بمرفأ الصيادين في أنفه.
وركز على معامل الترابة والإسمنت في شكا منذ نشأتها والخطوات التي قامت بها الهيئة على الصعد كافة للحد من تلوثها، مشيراً إلى أنه «رغم كلّ شيء وعدم البتّ بموضوع التلوّث الحالي ومعالجته، تمّ أخيراً الترخيص بزيادة الإنتاج لشركة الترابة الوطنية بنسبة الضعفين.
واستعرض سابا مساوئ المنطقة الصناعية في شكا ومخاطرها على البيئة.
قسطنطين
وأكد رئيس لجنة البيئة في التجمع الوطني الديمقراطي في لبنان جورج قسطنطين عيناتي أنّ «شركات شكا تعمل اليوم على إزالة معالم الكورة البيئية والتاريخية ومصدات الرياح الجنوبية الغربية». وتساءل: «إلى متى تبقى هذه المصانع القاتلة بين بيوتنا رغم أنّ القانون الدولي للبيئة قد منع إقامة المصانع التي تعمل بالفحم البترولي البتروكوك ما لم تكن تبعد 120 كلم على الأقلّ عن أماكن السكن»؟
أبي شاهين
وشدّد رئيس «هيئة حماية البيئة» في شكا بيار أبي شاهين على أنّ «مسؤولية انتشال المجتمع في شكا والجوار من هذه البؤرة الملوثة من جميع الشركات العاملة، دون حسيب أو رقيب، تقع علينا أولاً كمجتمع صامت مستسلم وعلى البلديات ثانياً».
واستعرض أنواع التدهور البيئي في المنطقة من مصانع الإسمنت ومعمل السكر والمسالخ والمجارير ومعمل الجفت وشركة الأترنيت.
عبدالله
وفي المحور الثاني «الواقع الصحي: انعكاس الواقع البيئي على صحة المواطن الكوراني» تحدث جون عبدالله عن تجربته بالعمل البيئي منذ التسعينيات، محدّداً المحطات المضيئة التي تمكن فيها بالتكاتف مع ناشطين بيئيين واتحاد البلديات وبلديات من توقيف العمل بمقالع الشركات في الكورة. وشدّد على دور السلطات المحلية والأهالي في حماية البيئة.
قبرصي
واستعرض الدكتور باسم قبرصي وفق دراسة أُعدّت للمؤتمر، نتيجة الإحصاءات الصحية والبيئية في سبع بلدات كورانية على 106 عائلات، مؤكداً أنّ 73 في المئة من هؤلاء الأشخاص مصابون بالسرطان، وعرّف بمرض «المازوتيليوما» السرطاني الذي يصيب الرئة وارتفاع نسبة المصابين به في الكورة.
ضاهر
وفي المحور الثالث «الواقع القانوني للشركات والمقالع»، تحدث إيلي ضاهر عن اللجنة التطوعية التي تشكلت من نخبة من المحامين الكورانيين، وهي تعمل لتحضير ملفات، تحدّد فيها المخالفات البيئية لتقديمها إلى القضاء. وأكد أنه عدا عن اهتمام اللجنة بالمراجعات القضائية، فهي تعمل لإيجاد مشروع قانون يعدل العقوبات بحقّ المخالفين البيئيين من غرامات مالية إلى عقوبات جزائية.
توصيات
وفي الختام صدر عن المؤتمر المقرّرات والتوصيات التالية:
1 – اعتبار مصانع إسمنت شكا ومقالعها وطريقة النقل والتشغيل المسبّب الأكبر والأكيد للتلوث.
2 – إعلان الكورة منطقة منكوبة بالتلوث البيئي والوفيات بالسرطان.
3 – رفع الدعم عن مادة الإسمنت الأسود وفتح باب الاستيراد ليهبط السعر إلى وضعه الطبيعي، أي حدود 50 للطن الواحد.
4 – إلغاء التراخيص بمضاعفة الإنتاج في شركة الترابة الوطنية.
5 – وقف جرف التلال نهائياً بما تشكّله من خطر على القرى والبلدات المحيطة.
6 – إلزام الشركات باحترام كامل الشروط البيئيّة من إنتاج الطاقة وتركيب الفلاتر.
7 – تخزين المواد الأولية والمصنّعة ضمن مستوعبات مسقوفة.
8 – استخدام المرافئ الخاصة بالشركات بطرق حديثة بعيدة عن التلوّث.
9 – حفظ النفايات السامّة في منشآت فوق سطح الأرض في حظائر آمنة.
10 – الطلب من وزارة البيئة تقديم دراسة تقييم بيئي استراتيجي للمنطقة الصناعية: أنفه شكا الهري كفريا والقرى المحيطة بشكّا خاصة.
11 – إصلاح ما تمّ تخريبه في سهل الكورة أميون ومقالع الصخور التشجير .
12 – عدم شفط الرمال لأيّ سبب من الشاطئ الكوراني.
13 – تنظيف مرفأ الصيادين في أنفه.
14 – تشجيع المصانع على إخلاء الشاطئ لاستعماله لتنفيذ مشاريع سياحية.
15 – التخلّص من بقايا معمل شركة الإترنيت ومعالجة مكبّ وادي حامات.
16 – إقفال معمل زيت الجفت في بزيزا الكورة بشكل نهائي وصارم.
17 – إلزام الشركات بالتعويض على أسر ضحايا مجزرة السرطان في الكورة.
وتخلل المؤتمر عرض فيلم وثائقي عن البيئة في الكورة من إعداد جورج العيناتي وتوزيع نتائج الإحصاءات في الكورة حول أمراض السرطان المنتشرة ومسبّباتها وعدد المصابين.