هزيمة المخلوق الشيطاني «داعش»

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

ها هو العراق يأخذ طريقه نحو تحرير ما تبقى من فلول داعش التي تنتمي إلى عرق كراهية الإنسان وتكفيره.

الحرب المقدّسة الدامية التي شنّتها هذه الجماعة المتطرفة كانت بمال المسلمين ونفطهم وإعلامهم وبشرهم، والتي أدّت إلى خلق المزيد من الفرقة والتبعثر والشقاق في صفوف أبناء الإسلام. وقد حلّت الكارثة على أمّة كان من المفترض أن تُصدّر القيم الإيجابية والفضائل الأخلاقية وترفع لواء الرحمة والتسامح في وجه قوى عالمية متغطرسة مارست شتى صنوف القتل والإبادة والاحتلال والاغتصاب بوحشية لا مثيل لها. واستعملت في تدمير هذه الأمة والمنطقة وهتك كرامتها وسلب ثرواتها هذا الطابور الخامس الذي تمّ تنظيمه وتسليحه ليقوم بكلّ تصرّف قبيح مشين.

بعد سنوات أربع بدأت تظهر حقيقة مََنْ موّل وسلّح ودرّب هؤلاء الشياطين الذين جيء بهم من أصقاع العالم ليمارسوا أفعالهم الشنيعة بكلّ حرية، حتى إذا أراد أحد ما أن يعرف الإسلام، فإنه سيقول ها هو ذا!

ومن أجل نفي التزوير ومنع الجريمة المنظمة التي ترتكب بحق المنطقة وأهلها خرج رجال أشراف أشداء، لردّ ما لحق بالإسلام وبهذه الأمة من تُهم وعيوب وجور وقتل وسبي وتشريد. كانت الخيانة الحقيقية لو أنّ العلماء الأتقياء والرجال الأنقياء لاذوا بالصمت والحياء. ولكن هذا ما لم يحصُل، حتى وفّق الله لبناء الحشد الشعبي الذي عمل بكدّ لسنوات متواصلة بهدف هدم بناء الطاغوتية، ومرتع الشياطين الذين أرادوا أن ينطلقوا من الموصل إلى مختلف البلدان العربية والإسلامية كي يؤسّسوا دولتهم المزعومة، لكن حسابات الحقل لم تتفق مع حسابات البيدر.

وكما يقال: «الدِّين الذي يفرضه السيف تذهب به الرياح». هكذا ينهار هؤلاء وتتلاشى دولتهم قطعةً بعد قطعة. وأمام هذا الإنجاز الذي حققه أبطال الحشد الشعبي والقوات العراقية المختلفة يمكن أن نسجل الملاحظات التالية:

ما كان بالإمكان هزيمة داعش وإحداث هذا التحوّل الميداني العسكري الكبير لولا فتوى المرجعية الدينية التي أسهمت في حثّ الشباب العراقي المؤمن على التضحية لوقف مسلسل الذبح والتدمير والتقسيم الذي تقوم به هذه العصابات الإجرامية.

ثانياً: ما كان بالإمكان أن تُهزم داعش ومموّلوها، وأن يُعاد خلط الأوراق والمعادلات لولا الدعم الإيراني المفتوح للحشد الشعبي والقوات العراقية. وقد تحدّث بالأمس القريب اللواء قاسم سليماني عن هذا الدعم اللامحدّد وأطنان الأسلحة التي قدّمتها الجمهورية الإسلامية للشعب العراقي بتوجيهات مباشرة من الإمام الخامنئي، كي يستطيع أن يقف في وجه هؤلاء الإرهابيين.

ثالثاً: ما كان بالإمكان هزيمة داعش لولا الوقفة البطولية لمجاهدي حزب الله الذين قدّموا خبراتهم وأغلى ما يملكون في سبيل الدفاع عن وحدة العراق وسلامة أهله ومقدساته.

رابعاً: ما كان بالإمكان هزيمة داعش لولا كلّ المخلصين في محور المقاومة. فقد وجدوا أمامهم هذا المخلوق الشيطاني الذي زُرع بأيدٍ أميركية وسعودية وتركية وإماراتية وقطرية لتهشيم المنطقة وتخريبها… ولكن إرادة الله كانت هي العليا بفضل هذا المحور الذي منع المشروع الجديد الذي يقوم على دعامتين: الصهيونية والوهابية.

إنّ محور المقاومة أكد أنّه قادر على الانتصار وعلى قطع يد الأشرار ومَن يدعمهم وإعادة روح الأمل والسلام والضوء والتفاؤل. فالمحبون لأوطانهم والمؤمنون بأديانهم المنفتحة لا يستسلمون، بل يقدّمون أغلى ما عندهم لسحق آلهة الفتنة والضلال والدم!

الانتصار في الموصل هدية من السماء لكلّ الشهداء والجرحى والمجاهدين الذين ما برحوا يردّدون: هيهات منّا الذلة!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى