معركة تحرير الجرود مستمرّة ولا وقف للنار قبل اندحار الإرهابيّين الحريري تفقّد خطوط الجبهة: الجيش هو مَنْ يختار التنسيق مع سورية إذا أراد
يواصل الجيش اللبناني من جهة، والمقاومة والجيش العربي السوري من جهةٍ ثانية، المعركة ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي في جرود رأس بعلبك و جرود القاع والقلمون الغربي.
«فجر الجرود»
ففي الجانب اللبناني، أعلنت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان لها، أنّ وحدات الجيش باشرت اعتباراً من فجر أمس، تنفيذ عملية إعادة تمركز وانتشار في كامل البقعة التي حرّرتها من تنظيم «داعش» الإرهابي خلال الأيام الماضية، وتواصل استعداداتها الميدانيّة تمهيداً للقيام بالمرحلة الرابعة من عملية «فجر الجرود»، فيما تقوم الفرق المختصّة في فوج الهندسة باستحداث طرقات جديدة وأعمال تفتيش بحثاً عن الألغام والعبوات والأفخاخ لمعالجتها فوراً.
وأشارت القيادة إلى عدم وجود أيّ وقف لإطلاق النار ضدّ المجموعات الإرهابيّة حتى دحرها بصورة نهائيّة.
وفي سياقٍ متصل، نعت قيادة الجيش الرقيب أول وليد محمود فريج الذي استشهد صباح أمس متأثّراً بجروح كان قد أُصيب بها في جرود رأس بعلبك يوم السبت الماضي، خلال قيامه بتفكيك لغم أرضي.
«وإن عدتم عدنا»
وعلى صعيد عمليّة «وإن عدتم عدنا»، سيطر الجيش السوريّ ورجال المقاومة على «مرتفع قرنة شعبة البحصة»، في جرود الجراجير، في المحور الجنوبي وعلى «قبع إسماعيل» و«شعبة حرفوش» في جرود البريج، في المحور الشرقي، بعد اشتباكات عنيفة مع إرهابيّي تنظيم «داعش».
وفي إطار متابعة العمليّة العسكريّة للجيش، وصل رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون على متن طوّافة عسكريّة إلى فوج الحدود البرّي في ثكنة رأس بعلبك، ومنها انتقلا لتفقّد خطوط الجبهة العسكريّة الأمامية في الجرود وزارا منطقة الكاف، وهي أعلى التلال الاستراتيجيّة التي كان يتحصّن بها «داعش» قبل دحره منها.
جولة الحريري وقائد الجيش
وفي إطار متابعة العمليّة العسكريّة، تفقّد رئيس الحكومة سعد الحريري خطوط الجبهة، حيث وصل صباحاً عبر طوّافة عسكرية إلى ثكنة فوج الحدود البرّية الثاني التابعة للجيش في منطقة رأس بعلبك، وكان في استقباله قائد الجيش العماد جوزيف عون وكبار الضباط، وتفقّد غرفة عمليات الجبهة واطّلع على سير العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش لتحرير ما تبقّى من جرود منطقتَيْ الرأس والقاع من مسلّحي تنظيم «داعش» الإرهابي.
وعقد مؤتمراً صحافياً في الثكنة، قال فيه: «كلّ الحكومة تقف خلف الجيش البطل الذي يقوم بمهمّة صعبة، واتكّالنا على الله دائماً وعلى الجيش خاصة بحماية لبنان. هذه المعركة، معركة وطنيّة بأعلى مستوى، ولدينا شهداء سقطوا ورووا بدمائهم الأرض لحماية البلد ليعيش اللبناني بحرية واستقرار وأمن. وهذا الجيش لطالما قدّم التضحيات من دون أن يسأل».
وأضاف: «هذا الجيش يرفع رأسنا، ونحن نريد له أن يقوى والحكومة ستستثمر فيه، لأنّنا نريد الدولة وحدها أن تقوم بالمهام الأمنيّة وسنكمل المشوار».
وتابع: «أشكر الجميع، وعلى رأسهم قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي وعد ووفى لهذا البلد، وأتمنّى للجميع السلامة، لأنّ لبنان بحاجة إلى هذا الانتصار بوجه الإرهابيّين».
واشار إلى «أنّ كلّ لبنان، من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إلى الحكومة إلى كلّ النوّاب والوزراء وكلّ الشعب اللبناني، يقف مع الجيش ونحن نقدّر ما يقوم به والانتصار قريب».
وردّاً على سؤال حول مصير العسكريّين المخطوفين، قال الرئيس الحريري: «نحن وقيادة الجيش وكلّ الأجهزة العسكريّة نعتبر موضوع المخطوفين أولويّة، وعندما تكون لدينا معلومات لن نخفيها عن أحد، لكنّ هذه المهمة توجب علينا العمل بكلّ صمت كما عمل الجيش بكلّ صمت».
ولفتَ إلى «أنّ الدّعم الدوليّ للجيش اللبناني يظهر في مدى التقدّم الذي يحرزه، واليوم نحن بحاجة أكثر للدعم، والحكومة أيضاً ستقدّم الدعم وسنعمل مع كلّ الأفرقاء ومع المجتمع الدولي لتأمين المساعدات للجيش».
وعن وجود أيّ تحفّظ على التنسيق بين الجيشَين اللبناني والسوري، أوضح رئيس الحكومة «أنّنا نحمي أراضينا، وكان هناك مكتب تنسيق في السابق وربّما يعمل في بعض الظروف، والجيش هو من يختار إذا أراد هذا التنسيق».
وأشار ردّاً على سؤال إلى «أنّ الجيش لم يكن عاجزاً عن تحرير جرود عرسال من «جبهة النصرة». كان لدينا قرار سياسيّ في هذا الموضوع، وحسابات مختلفة كحكومة وجيش. وضعنا الأمور كلّها على الطاولة، وكانت أولويّتنا حماية النازحين واللبنانيّين وانتهت المعركة بالتفاوض وذهبت «النصرة» إلى سورية».
بعد ذلك، انتقل الحريري وقائد الجيش بآليّة عسكريّة إلى جرود رأس بعلبك والقاع، حيث تفقّدا المواقع على الخطوط الأماميّة.
وصدر عن قيادة الجيش – مديريّة التوجيه بيان حول الزيارة.
من جهةٍ أخرى، أجرى وزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصرّاف الموجود في روسيا، في زيارة رسميّة، اتصالاً بقائد الجيش هنّأه فيه على التقدّم الذي أحرزه الجيش اللبناني في معركته ضدّ الإرهاب، واطّلع منه على آخر تطوّرات المعركة، ونوّه بالتضحيات الكبيرة التي يقدّمها الجيش في سبيل تحرير أرضه من الإرهاب. كما أطلعه على أجواء المحادثات مع المسؤولين في روسيا، ونقل إليه دعماً روسيّاً للبنان في معركته ضدّ الإرهاب.
تشييع شهيدَيْن
وإلى قافلة الشهداء الذين ارتقوا في معركة «فجر الجرود»، نعت قيادة الجيش مديرية التوجيه، الرقيب أوّل وليد محمود فريج، الذي استشهد صباح أمس متّأثراً بجروح كان قد أُصيب بها في جرود رأس بعلبك في 19 الحالي، خلال قيامه بتفكيك لغم أرضي.
ونُقل جثمانه في الثانية عشرة ظهراً من المستشفى العسكري المركزي – بدارو إلى بلدة سعدنايل – البقاع، حيث أُقيم المأتم وووري في الثرى في جبّانة البلدة بعد صلاة العصر.
كما شيّع الجيش اللبناني وأهالي مدينة صور بمأتم مهيب الشهيد العريف عباس كمال جعفر، تقدّمه النائب علي خريس، ممثّل قائد الحيش العميد الركن علي مكي، ضباط من الجيش وقوى الأمن الداخلي وقيادات عسكرية، رئيس اتحاد بلديات قضاء صور المهندس حسن دبوق وحشد من أبناء المدينة والجوار.
وقُبيل انطلاق موكب التشييع من أمام منزل العائلة، أدّت فرقة من الجيش التحيّة وعزفت لحن الموتى، حيث ألقى مكي كلمة ذكّر في مستهلّها بمناقبيّة الشهيد وتضحياته في خدمة الوطن، وقال: «إنّ المعركة التي يخوضها الجيش اللبناني ضدّ الإرهاب ستتكلّل بالنجاح والانتصار، وهي معركة كلّ لبنان في وجه عدوّ عنصري حاقد يستهدف هذا الوطن شعباً وتاريخاً وحضارةً، تماماً كما يستهدف الإنسانية جمعاء قتلأ وتدميراً وانتهاكاً للحرمات والمقدّسات».
وأضاف: «شهيدنا الغالي، لقد أبَيت إلّا أن تلتحق بركب الشهداء دفاعاً عن الوطن وحدوده، فلك أسمى التحيات والإكبار، ولروحك الطاهرة ولعائلتك الصابرة المشهود لها بمحبة الجيش ولبنان. لن ننساك يا رفيق الدّرب».
وختم موجّها التعازي بِاسم وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون.
بعدها، انطلق موكب التشييع وجاب شوارع المدينة، حيث لفّ النعش بالعلم اللبناني وسط نثر الأرزّ والورد وصولاً حتّى جبانة الخراب، ليوارى في ثراها حيث قلّده العميد مكّي وساماً.
وكان وفد من «حركة الناصريين المستقلين- المرابطون في محافظتي الشمال وعكار باسم أمين الهيئة في الحركة مصطفى حمدان، بالشهيد الرقيب باسم موسى في بلدته برقايل وبالشهيد الجندي عثمان الشديد في بلدته الكويخات.
وأكد أمين مجلس محافظة الشمال في «المرابطون» عبد الله الشمالي «أهمية الالتفاف حول الجيش اللبناني، في معاركه البطولية التي يخوضها ضد التنظيمات الارهابية في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع لتحريرها منهم»، منوهاً «بدور الأجهزة الأمنية كافة في عملياتها الاستباقية في كشف هذه الشبكات التخريبية ومنعها من تحقيق أهدافها».
ملاحقة الخلايا النائمة
وفي إطار متابعة تحرّكات الخلايا الإرهابيّة النائمة وإحباط مخطّطاتها لضرب الاستقرار الداخلي، أعلنت المديريّة العامّة للأمن العام أنّه «بعد عمليّة متابعة ورصد دقيقتَين، وبناءً لإشارة النيابة العامّة المختصة، أوقفت المديرية العامّة للأمن العام السوري ع.أ.ك ، مواليد 1994 لانتمائه إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، ونشاطه لصالحه في مجال تجنيد الأشخاص وإرسالهم إلى سورية للقتال في صفوفه.
بالتحقيق معه اعترف بما نُسب إليه، وأنّه اقتنع بفكر تنظيم «داعش» الإرهابي من خلال الانتصارات التي حقّقها الأخير والأراضي الواسعة التي سيطر عليها، ونشط لصالحه على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشأ العديد من القنوات والمجموعات التي تروِّج لفكره، وصار من خلالها يعمل على تجنيد الأشخاص تمهيداً لالتحاقهم بصفوفه.
تعرّف لاحقاً على أحد قياديّي التنظيم المُشار إليه في سورية، وقدّم أمامه البيعة، حيث عرض عليه الأخير فكرة الجهاد من لبنان بدلاً من الانتقال إلى أرض الخلافة، وتنفيذ عمليّة انتحارية ضدّ أحد مراكز الجيش اللبناني، فوافق صاحب العلاقة واتّفقا على أن يتمّ تأمين حزام ناسف وتحديد الهدف المنوي ضربه، إلّا أنّه لم يتمكّن من تنفيذ العملية بسبب توقيفه.
بعد انتهاء التحقيق معه، أُحيل إلى القضاء المختصّ والعمل جارٍ لتوقيف باقي الأشخاص المتورّطين».