سورية تسقط طائرة استطلاع «إسرائيلية» لاريجاني في بيروت تأسيساً لدور مقبل في الرئاسة

كتب المحرر السياسي:

بالتزامن مع النشاط السياسي المحموم في المنطقة، الذي يتوّجه الرئيس الروسي بزيارة إلى القاهرة مطلع العام المقبل، لينتقل إلى موسكو ويستقبل الرئيس السوري بشار الأسد في وقت لاحق، كان الجيش السوري يسجل المزيد من الأرصدة، فمع تقدّم هام في حيّ جوبر الدمشقي، نجحت الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرة استطلاع من دون طيار في سماء مدينة القنيطرة، مسجلة بذلك معادلة جديدة على خط الدعم الذي تقدّمه «إسرائيل» لمسلحي «جبهة النصرة» على حدود الجولان.

تزامن العملية مع زيارة رئيس البرلمان الإيراني إلى سورية، كان محض صدفة، لكنه قال إنّ حجم التحالف السوري مع روسيا وإيران عميق في مجال إرادة المواجهة ومتسع المدى في مجال توريد أسباب القوة.

الذي أبقى لاريجاني يبيت ليلته في دمشق، ليست السياسة بل فلسطين ومقاومتها، حيث يلتقي بقادة فصائل المقاومة ليلاً، ويتوجه إلى بيروت صباح اليوم.

المعلومات عن زيارة لاريجاني أنها بداية زيارات لاحقة إلى بيروت ودمشق ستواكب المسار السياسي الذي سينطلق بداية العام لحلحلة الملفات العالقة في المنطقة، على إيقاع التقدم الحاصل في مسارات التفاوض الدولية والتي تشكل إيران وملفها النووي محوراً رئيسياً فيها، وتشكل الأزمة السورية قضيتها التي تحكم المواقف منها تعقيدات لبنانية كثيرة تتداخل مع استحقاقه الرئاسي.

الزيارة تأتي بعد زيارة نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف المشابهة في الدور والوظيفة، ولبنان الذي تاه بعض سياسييه في مهمة المبعوث الفرنسي وكادوا يصدّقون ما نقله عن تفويض إيراني ـ أميركي لفرنسا بمهمة صناعة التسوية الرئاسية، عاد ليتوه في التغيّرات المحيطة بملف عسكرييه المخطوفين مع مفاجآت النائب وليد جنبلاط والوزير وائل أبو فاعور.

جنبلاط كسرها وجبرها مع الوزير نهاد المشنوق واللواء عباس إبراهيم بتصريحين، رمّم أحدهما كسور الآخر، لكنه مدّد مهمة أبو فاعور التي رفع عنها رئيس الحكومة تمام سلام الغطاء عملياً.

ملف التفاوض وتفويض أبو فاعور

بينما كان الحديث عن حصر ملف العسكريين المخطوفين بيد «طباخ واحد»، فجأة تعدد «الطباخون» وبات لكل جهة سياسية مطبخها بمعزل عن غيرها. فبعد إعلان الشيخ وسام المصري دخوله على خط الوساطة بين الدولة والخاطفين، أكد نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي أنه قبل طلب وزير الصحة وائل أبو فاعور أن يكون وسيطاً أيضاً علماً أنه لم يصدر عن أبو فاعور أي بيان رسمي في هذا الصدد.

لكن بدا أن رئيس الحكومة تمام سلام منزعج من هذا الأمر الذي يجري من دون علمه. وأكد سلام مساء أمس أن أبو فاعور «لم يبلغني بأي تفويض لأحد ولم يصدر عنه أي بيان في هذا الإطار بل سعى منذ البداية بجهد شخصي وهذا مشكور. فكل جهد يبذل ينتج منه نتيجة طيبة نحن نرحب به».

ولفت سلام في مقابلة مع تلفزيون «الجديد» ضمن برنامج «الأسبوع في ساعة» إلى أن «هناك تنافساً إعلامياً وتنافساً بين القوى السياسية وبين الأهالي أنفسهم الذين لم يستمع لهم أحد كما أنا فعلت». وأضاف: «نحن من الأساس قلنا إن الموضوع حساس ودقيق، فنحن لا نتعامل مع جهات بل مع حالة شاذة غير طبيعية ما يستدعي تحصين أنفسنا وألا نعطي انطباعات بأن كل جهة تفاوض وحدها، والتكتم هو الأساس للتقدم بهذا الموضوع»، لافتاً إلى أن «كل المغالاة لم تفرج عن أي أحد وإذا ما استمر التزاحم والتسابق بين الجميع فلا نتيجة طيبة في هذا الملف».

وكشف أن «ملف العسكريين يتجه إلى محلات مؤذية ومضرة كما حصل منذ 10 أيام، عندما قيل إنه تم إخلاء سبيل فلان وفلان ما اضطر الأجهزة الرسمية لنفي الأمر، وهذا كان يمكن أن يتسبب بأزمة».

وأوضح أنه «توجد تباينات سياسية على كثير من الملفات في لبنان لذلك قلت منذ البداية الرجاء إبعاد هذا الملف عن التسييس»، متسائلاً: «هل سمعنا أي أمر عن مفاوضات «حزب الله»؟ وهل الدول التي تفاوض تنشر تفاصيل أو أخبار أم نرى فقط المخطوفين قد حرروا؟ لا يوجد أسبقية لمن حرر بل الأهم أن نصل إلى نتيجة خصوصاً أننا نتعامل مع جهات لا ترحم».

وكشف سلام آن «لدينا خطوطاً عريضة فنحن لن نفاوض بالمفرق ولن نقبل بالتفاوض تحت وقع القتل، ولا مشكلة لدينا بالمقايضة وصحيح أنه كان فريق ضد المقايضة وفريق معها وقد حاولنا التحرك ضمن الفريقين وما أطلبه اليوم التعاطي الجدي من قبل الخاطفين للتعاطي والتفاوض والأهم هو وقف القتل». ولفت إلى أن «هناك تنافساً بين داعش والنصرة بين من هو متطرف أكثر لجذب المقاتلين وهذه المنافسة غير مريحة على الإطلاق ولذلك فالملف ليس له شبيه وهو شائك جداً وبكل تأكيد لا يحمل الاستعراض».

واعتبر سلام «أننا كخلية أزمة شكلنا خلية أمنية وهم من يزودننا بالمعلومات لنبني موقفنا، ونحن نتعاطى مع أرواح وليس مع عملية بيع وشراء، والجيش عندما يرى أنه من خلال خطة عسكرية قادر على تحقيق نتيجة فلن يتردد، ونحن أعطينا الجيش غطاء سياسياً كاملاً منذ زمن وليس اليوم».

جنبلاط : ماذا فعل المشنوق وإبراهيم؟

وكان جنبلاط أعلن أن أبو فاعور يستمر بتفويض منه بالاتصال مع تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» «لأن همنا حياة العسكريين وأتمنى على الباقي في خلية الأزمة إدراك أهمية حياة العسكريين»، وسأل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والآخرين من كبار المسؤولين «هل همهم حياة العسكريين وماذا يفعلون؟».

ثم عاد جنبلاط و«لطّف» كلاّمه الأول على المشنوق وإبراهيم وقال في تصريح: «المطلوب توحيد الجهود لإطلاق الجنود تحت شعار المقايضة وأولوية سلامة حياتهم»، مضيفاً آن «في خلية الأزمة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ذا الخبرة الكبيرة والوزير نهاد مشنوق ذا المعرفة الواسعة».

في الموازاة، يواصل الشيخ المصري مهمته في هذا الملف من دون تكليف رسمي. وأعلن انه سيلتقي «داعش» مجدداً لتسلم مطالبها في شكل رسمي، مؤكداً أنه ينسق مع اللواء إبراهيم.

وفي رد عنيف لافت على الوسطاء، أكّد أمين الهيئة القيادية في حركة المرابطون العميد مصطفى حمدان «أن الإرهابيين يستخدمون الوسطاء المجهولي الهوية والانتماء على رغم ظهورهم الإعلامي في حرب نفسية، لتحقيق مكاسب يومية تتعلق بالتمويل المالي واللوجستي وتحسين أوضاعهم المعيشية في ثلج الشتاء»، مؤكداً أنه «يجب أن يتوقف أمثال هذا الوسيط الذي سرّب فيلم الفيديو الأخير عن المخطوفين خدمة لحربهم النفسية».

ودعا إلى «وجوب اقتراح أسلوب لمعالجة جدية خارج إطار الهوس الإعلامي للنائبين وليد جنبلاط ووائل وهبي أبو فاعور ظاهره إنساني وعمقه تنفيذ أوامر المعلمين بدعم وتمويل ما يسمونه بالمعارضة السورية داعشية ونصرة وغيرهم الذين يدارون من غرفة عمليات واحدة أميركية إسرائيلية».

كما دعا إلى «اقتحام سجن رومية لأنه أصبح مستعمرة إرهابية وإعادة تمركز قادة الإرهابيين في زنازين منفردة، وأكد على تنفيذ حكم الإعدام في سراي بعبدا إذا ما تعرض أي عسكري مخطوف للذبح أو القتل».

لاريجاني في بيروت اليوم

أما سياسياً، فعلى رغم دخول البلاد أجواء الأعياد، استمر الحراك السياسي على خط الاستحقاقات المرتقبة ومنه موضوع الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل. وفي حين اكتمل جدول أعمال الحوار، أكد المعنيون به أنهم تبلغوا موعد الجولة الأولى منه من دون الإفصاح عنها.

وضمن هذه المناخات، تأتي زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بيروت اليوم قادماً من دمشق، وذلك بتأخرها ساعات عن موعدها الأساسي الذي كان مقرراً مساء أمس. ويستهل لاريجاني نشاطه في بيروت بزيارة ضريح القائد الشهيد عماد مغنية في روضة الشهيدين ثم يلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس سلام ووفداً فلسطينياً.

قرار الأمم المتحدة يحرك ملف النفط اللبناني

على صعيد آخر،هنأ الرئيس سلام، اللبنانيين، بتبني الأمم المتحدة قرار إلزام «إسرائيل» بدفع تعويضات للبنان عن أضرار البقعة النفطية خلال عدوان تموز 2006، واصفاً الأمر بأنه إنجاز وانتصار سياسي ودبلوماسي كبير للبنان.

إلا أن المنتظر بعد هذا القرار تسريع ملف النفط وهو ما أكده زوار الرئيس بري الذين لمسوا تقارباً في الأفكار في ملفي النفط والغاز وأن الأيام المقبلة ستشهد حلحلة في شأن ملف الغاز.

مأساة لبنانية جديدة

وبعيداً من السياسة، كان لبنان مساء أمس على موعد مع مأساة جديدة، بوصول جثامين ضحايا الطائرة الجزائرية المنكوبة إلى مطار بيروت بعد نحو أربعة أشهر ونصف من مصرعهم إثر سقوط الطائرة التي كانت تقلهم وعائلاتهم إلى الجزائر، وتحطمها في شمال مالي.

ورافق الجثامين في الطائرة من فرنسا إلى لبنان، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، المدير العام للمغتربين هيثم جمعة، الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير وعدد من ذوي الضحايا. وكان في استقبال الجثامين النائب علي بزي ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير البيئة محمد المشنوق ممثلاً رئيس الحكومة تمام سلام، وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، ووزراء ونواب وحشد من الشخصيات وذوي الضحايا. وبعد الاستقبال الرسمي نقلت سيارات الإسعاف نعوش الضحايا إلى بلداتهم ليواروا الثرى فيها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى