نريد حلاًّ مكتوباً بالحرف واللهجة السوريين
الياس عشّي
قبل عامين أجرت القناة الفرنسية الثانية مقابلة مع المؤرخ الفرنسي المعاصر أوليڤييه روا، قال فيها: «إنّ معركة زعماء العالم مع الرئيس الأسد هي معركة شخصيّة في محاولة منهم لكسر كبريائه وأنا على وشك أن أشهد أوّل انتصار لزعيم عربيّ على زعماء القرار في العالم».
أبشر… نبوءتك مسيو روا تحققت، أو في طريقها إلى التحقيق، وما رأيناه في اللقاء التشاوري الذي تمّ في موسكو، خلال اليومين السابقين، يؤكد هذا الانتصار الذي تحدّثت عنه. فاللقاء التشاوري بين مكوّنات المعارضة السورية من جهة، ووفد الجمهورية العربية السورية من جهة أخرى، أعاد إلى الذاكرة جميع الخطب التي ألقاها الرئيس الأسد في مناسبات متعدّدة، والمقابلات المرئية والمكتوبة التي أجريت معه منذ اندلاع الحوادث حتّى الآن. ففيها جميعها راهن السيّد الرئيس على الحوار، وعلى الحل السياسي، وعلى محاربة الإرهاب، وعلى تمسّك السوريين بحقّهم القومي في استعادة فلسطين، والجولان، ومزارع شبعا. وفي مقدّم ذلك كله، كما كان يصرّ الرئيس الأسد على أن يأتي الحلّ سوريّاً، وأن يكتب بحبر سوري ولهجة سورية، إذ لا مكان لمن استبدل علمه الوطني بعلم الانتداب، ولا لمن عقد مؤتمراً في ظلّ خريطة سوريّة شوهاء اجتزئت منها اسكندرون، ولا لمن سعى إلى ضرب سورية عسكريّاً، ولا لمن تحالف مع العدو «الإسرائيلي» وأبدى استعداده للاعتراف بالكيان اليهودي، ولا لمن قتل وذبح وسرق ودمّر وقسّم وكاد ينجح في إلغاء الوطن السوري برمّته.
الآن، بعد أربع سنوات هجينة دخلت في التقويم الحضاري لسورية، حان للسوريين، مهما تنوّعت آراؤهم، وانتماءاتهم، ومذاهبهم، وأصولهم، أن يعودوا ويقرأوا من جديد خطب الأسد، وأن يسلّموا بأنّ الحوار هو الأساس، وبأنّ خيمة واحدة تنصب في حقل من حقول الياسمين، ويجتمع تحتها السوريون وحدهم، هي الأجمل بين قصور المؤتمرات كلّها.
الآن، حان للسوريين القوميين الاجتماعيين أن يباهوا بأن المؤسس أنطون سعاده في مبادئه الأساس وضع البوصلة في الاتجاه الصحيح عندما تحدّث في المبدأين الأولين عن أنّ «سورية للسوريين، والسوريون أمّة تامة» و «مصلحة سورية فوق كلّ مصلحة».