السعودية تعلن الحرب المفتوحة
عامر نعيم الياس
أعلنت السعودية بدء عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، والتي تستهدف مواقع الحوثيين. وجاء ذلك بتوجيه من الملك سلمان بن عبد العزيز. العملية التي بدأت في الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل جاءت بعد دقائق من بيان خليجي مشترك جمع السعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر، تم من خلالها الإعلان عن استجابة خليجية لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بحماية الشعب اليمني.
وأعلن السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير في مؤتمر صحافي عن وجود عشر دول ستشارك في عملية «عاصفة الحزم». وقال الجبير أن واشنطن تدعم الرياض في العملية العسكرية.
حتى اللحظة، من غير الواضح ما إذا كان التحالف الذي تقوده السعودية ذا صبغة عربية بحتة، أم أنه سيطعّم بدول إقليمية. لكن الواضح أن التحالف يضم السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين إلى جانب الأردن ومصر السيسي، قد أَعلن وقبيل بدء أعمال القمة العربية في شرم الشيخ العدوان على اليمن. من دون انتظار قرار الجامعة العربية، ومن دون انتظار مجلس الأمن. وحده الخليج أراد وحصل على ما يريده. أراد عن تخطيط مسبق للعملية في ضوء إدراك الرياض لموازين القوى في اليمن وحجم الأخطار والتحولات التي أدّت إلى وضع عاصمة آل سعود بين فكّي كمّاشة من العراق إلى اليمن.
هو الأمن الخليجي وأمن المملكة بحسب البيان الصادر عن دول مجلس التعاون باستثناء سلطنة عُمان. من دفع طائرات الخليج الأميركية إلى شنّ الغارات على الأحياء الآمنة في العاصمة اليمينية، في هجوم يستجيب لمطالب الرئيس الهارب عبد ربه منصور هادي لمواجهة جماعة «أنصار الله» التي أسقطت بطريقة دراماتيكية الحكم الكرتوني لعبد ربه منصور هادي، ما أجبر السعودية على التدخل المباشر، لكن ماذا بعد؟
تدحرجت كرة النار في اليمن. تدرك السعودية قبل غيرها أن المغامرة البرية في اليمن مكلفة. كما تدرك قبل غيرها أن الضربات الجوية لا تجدي نفعاً إلا إذا اقترنت بعمل برّي على الأرض، لكنها تعمّدت الدخول المباشر على خط الأحداث في اليمن لإدخال المنطقة في حرب مفتوحة، وفتح الأبواب أماكم تصعيد خطير في ساحات الصراع في المنطقة لن تقف حدوده عند اليمن، وإن كان سيحتل على المدى المنظور أولوية في التوجه نحو الحسم خصوصاً من قبل الحوثيين وحلفائهم في المنطقة وعلى رأسهم إيران، فالتجارب السابقة للرياض في اليمن وفي وقت لم تكن قوة الحوثيين قد تبلورت بالشكل التي هي عليه الآن، وحتى التوازنات داخل مجلس الأمن الدولي لم تكن على ما هي عليه اليوم، فشلت حيث تم نقل المواجهة إلى داخل أراضي المملكة. فهل هذا ما سيحدث اليوم؟ هل يجبر الحوثيون القوات السعودية على التورط في اليمن؟
تحضر مصر السيسي التي جاء مؤتمر شرم الشيخ لدعمها بالمليارات من الدولارات كدفعة على حساب المشاركة الفعلية في الحرب على اليمن، لكن هذه المرة إلى جانب السعودية الممول الرئيسي للاقتصاد الذي أهلكه «ربيع مصر»، فهل تراهن الرياض على تدعيم تدخلها البرّي في اليمن بقوات عربية تقودها مصر هذه المرة، بعد فشل القوات السعودية منفردة في عام 2006 من مواجهة الحوثيين في المناطق الحدودية مع اليمن؟ وهل تراهن مصر على رسم دورها الإقليمي من زاوية اليمن مرةً أخرى في ضوء غموض الموقف التركي من هذا التحالف؟ هل تريد مصر أن تشكل رأس الحربة في مواجهة إيران إقليمياً في ضوء عدم رغبة أنقرة في الدخول المباشر على خط الحرب العربية ضد اليمن ضماناً لمصالحها مع إيران وإدراكاً منها لخطورة المستنقع اليمني؟
الأردن ومصر تدعمان عاصفة الجنون السعودي في المنطقة إلى جانب المغرب وباكستان والسودان وفق وكالة الأنباء السعودية. فيما يحصل تنظيم «القاعدة» في اليمن على غطاء سياسي ممثلاً بتحالف يعتمد الخطاب الطائفي لإدارة هذه الحرب، ما يعني أن البلاد مقبلة على تصعيد أمني خطير يستهدف المواطنين اليمنيين الأبرياء قبل أي شيء آخر، من دون أن نغفل ساحات الصراع الأخرى، فالتصعيد في اليمن لا يمكن في ظل رفع منسوب الخطاب الطائفي أن ينفصل عن الساحات الأخرى، والردّ والردّ المتبادل بين أطراف اللعبة الإقليمية يشملان كل الساحات التي تقاد من جانب الخليج بعقلية واحدة لا تفرّق بين ساحة وأخرى.
كاتب ومترجم سوري