«دنيا 2015»… الكوميديا من وحي الوجع

محمد سمير طحان

تربح النجمة أمل عرفة الرهان حتى الآن في الجزء الثاني من مسلسل دنيا، وتنجح في استقطاب اهتمام الجمهورين السوري والعربي من خلال عملها الذي يعيد شخصية «دنيا» بعد 15 سنة على عرض الجزء الأول، للحضور بقوة في هذا الموسم الدرامي الرمضاني بكل ما يحمله هذا «الكاركتر» من خفة ظلّ وذكاء في ردود الفعل.

وتجدّد أمل عرفة في هذا العمل قدرتها الاستثنائية على الأداء الكوميدي والذي لم يخفت أو يتراجع مع الوقت، وتُظهر إمكاناتها الفنية الاحترافية الممسكة بتفاصيل الشخصية التي تلعبها وكأنها لم تغادرها يوماً، سواء في اللهجة المحكمة أو لوازم الحركات والكلام.

أما من ناحية النصّ والسيناريو الذي كتبته عرفة بمشاركة مخرج العمل زهير قنوع وسعيد الحناوي، فجاء أحد عوامل نجاح العمل بما يمتاز به من متانة في بناء المواقف الكوميدية المعتمدة على عدة خطوط درامية متشابكة، إلى جانب وجود شخصية «طرفة» الأساسية والتي لا تقلّ أهمية عن البطلة، وتؤدّيها الفنانة شكران مرتجى بكثير من الاحترافية وخفّة الظلّ مع تطوّرات فرضتها السنوات الافتراضية في عمر الشخصية، ما كوّن ثنائياً كوميدياً من الطراز الأول، يقدّم الطرافة والحضور الجميل بعيداً عن الاستسهال والتهريج المجاني، وبمشاهد معدّة بإحكام.

الإخراج جاء متطوّراً لدى زهير قنوع الذي امتلك تقنية خاصة في التعامل مع الكوميديا بعد عدّة تجارب مع هذا النمط الدرامي، ووصوله إلى النضوج الفني اللازم لتقديم عمل متكامل وبمشاهد مسبوكة بعيداً عن الترهّل في أداء الممثّلين، أو الانفلات في المواقف. وذلك يظهر من خلال إدارة كاميرا حسّاسة لأداء النجوم المشاركين وزوايا تصوير تخلت عن «الفنتازيا» لمصلحة الواقعية في الموقف، خصوصاً أنّ قنوع شارك في كتابة السيناريو، ما جعل دخوله في أدقّ التفاصيل يساعد في تقديم مشاهد مسبوكة من الناحية الفنية.

وجود عدد من نجوم الكوميديا والدراما جاء عاملاً إضافياً لنجاح العمل، وذلك تلبية للتنوّع في القصص والأحداث مع كل حلقة، ويحسب للمسلسل تقديمه إسقاطات درامية عن الأحداث الجارية في سورية من دون الغوص في المعاناة، ما جعل من المسلسل غير معزول عن واقعه، وأقرب إلى الناس، ويقدّم لهم وجبة من المتعة التي تحترم عقل المشاهد السوري، وتخفّف عنه أوجاعه ومعاناته في ظل ما يعيشه من وجع بسبب الأزمة.

واللافت، كان حصول العمل على متابعة واسعة واستحسان لدى المشاهد العربي بحسب استطلاعات مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المحطات العربية، ما يثبت قدرته على منافسة غيره من الأعمال الكوميدية العربية التي يبذخ عليها، وتضمّ أهمّ نجوم الكوميديا في الدول العربية، ويُظهر قدرة صانعيه على تقديم عمل كوميديّ سوريّ راقٍ فنياً من وحي الوجع الذي أصاب السوريين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى