اليونان ترفض خطة الإنقاذ الأوروبية… ودعوة لقمة أوروبية
بشرى الفروي
رفض اليونانيون، بغالبية كبيرة شروط خطة الإنقاذ، التي قدمها المقرضون، في تصويت يحمل خطر انهيار مالي ويظهر تحدياً يمكن أن يقسم أوروبا.
الاستفتاء الذي جاء بعد خمسة أشهر من المحادثات غير المثمرة بين منطقة اليورو والحكومة اليونانية التي شكلها حزب سيريزا اليساري الراديكالي بزعامة «ألكسيس تسيبراس» مع حزب «اليونانيون المستقلون» اليميني، والجهات الدائنة وهي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي.
وكان رئيس الوزراء اليوناني «ألكسيس تسيبراس» أعلن عقب إعلان النتائج أن الاستفتاء اليوناني أظهر أنه لا يجوز ابتزاز الديمقراطية وأن الشعب اليوناني تجاوز الخوف.
وعبرت الأحزاب اليونانية الرافضة لخطة الدعم الأوروبية والتي دعت للتصويت بـ «لا» عن فرحها بانتصار «الديمقراطية اليونانية» وأكدت أنها رد واضح من الشعب اليوناني على «الابتزاز الاوروبي».
وأظهرت النتائج تقدم رافضي خطة الدائنين، بنسبة 60.54 في المئة مقابل 39.46 في المئة لمناصري الـ«نعم». الخطة التي كانت تتضمن تقديم مزيد من القروض في مقابل زيادة الضرائب وخفض معاشات التقاعد ومزيد من التقشف الذي أصبح بسببه واحداً من كل أربعة يونانيين بلا عمل.
الأصداء العالمية الكبيرة للاستفتاء ضجت بها الصحف والقنوات الاخبارية تحليلاً وقراءة في التداعيات، صحيفة «فاينانشال تايمز» قالت إن اليونان كانت سابقاً تمثل رمزاً للتحول الديمقراطي وفقاً للمشروع الأوروبي، أما الآن فقد تصبح أثينا شعاراً لعملية جديدة وخطيرة، تدعى «تفكك الاتحاد الأوروبي». وركز محللون على «الانعكاسات السياسية» لهذه النتائج حيث أن الاقتصاد اليوناني لا يشكل سوى نسبة اثنين في المئة من الاقتصاد الاوروبي، وأن ما حدث كان بمثابة انتفاضة شعبية يونانية استقلالية وتعبيراً عن مصالح اليونان في وجه تسلط الاحتكارات البنكية متعددة الجنسية التي تستخدم المديونية كأداة إخضاع اقتصادية وسياسية ضد العديد من الدول في العالم. وأكدوا أن ذلك سيمثل سابقة تكسر طوق الإذعان الذي فرض على حكومات عديدة في أوروبا وخارجها وأن العدوى ستكون مرجحة الانتقال إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أسبانيا والبرتغال وإيطاليا والعديد من دول اوروبا الشرقية والجنوبية التي تئن تحت وطأة شروط صندوق النقد والبنك الدولي وتحالف المقرضين الدوليين. نتائج الاستفتاء التي وضعت الأوروبيين على المحك دفعت بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل لعقد اجتماع يوم الثلاثاء في باريس لتقييم الآثار المترتبة على نتائج الاستفتاء في اليونان، حيث برز من خلال ردود وتصريحات المسؤولين الأوروبيين حالة من التخبط حيث عبر وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابرييل عن صعوبة مواصلة المفاوضات مع اليونانيين، وأضاف أن رئيس الوزراء اليوناني «قطع آخر الجسور مع أوروبا». من جهة أخرى قال الرئيس الإيطالي «سيرجيو ماتاريلا» إن قرار الشعب اليوناني يجب أن يحترم حتى لو أدى إلى أن تؤول الأمور إلى اتجاه غير معلوم.
روسيا الجارة اللدودة للاتحاد الاوروبي والتي تراقب الازمة اليونانية عن كثب، أعلنت على لسان رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي «قسطنطين كوساتشوف» أن النتيجة النهائية للاستفتاء سيقوي من موقف اليونان في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، عبرت صحيفة «نيويورك تايمز» عن القلق الاميركي من احتمال خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي، وقالت إن الرهان منعقد على ما هو أكثر أهمية وخطورة من عضوية اليونان في الاتحاد الأوروبي وأنه لا ينبغي أن يغيب عن البال أن اليونان عضو مهم في حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. ومن المستبعد أن يرضى قادة الحلف بخروج اليونان من الاتحاد الأوروبي.