آن الأوان لأميركا أن تقلق من انهيار النظام السعوديّ

سرّبت مصادر خليجية مطّلعة خبراً مفاده أن طاقماً طبّياً فرنسياً وصل عاصمة إلى المملكة الوهابية، للمشاركة في متابعة حالة الملك سلمان بن عبد العزيز الصحية المتدهورة. وأكدت مصادر دبلوماسية في العاصمة الرياض، أن الملك سلمان، بدأ في الآونة الأخيرة يفقد اتّزانه، والقدرة على القيام بمهامه، وينتقل بين مكتبه وقصوره تحت رعاية طاقم طبّي.

وأضافت المصادر أن نجل الملك محمد بن سلمان وضع الأجهزة الأمنية الخاصة به في حالة تأهّب، وشدّد من إجراءات الرقابة على عدد من الأمراء، خصوصاً أبناء الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وعلى وليّ العهد محمد بن نايف، في سياق إعداد نفسه لتولّي الحكم.

وترى المصادر أن الوضع الصحي للملك جدّد حالة الصراع بين الأمراء، غير الراضين على ما قام به الملك سلمان، ومنح نجله صلاحيات واسعة ومواقع رفيعة، وإبعاد أبناء أشقائه، وبشكل خاص شقيقه مقرن الذي خرج من الحكم مدركاً أبعاد مخطّطات سلمان ونجله.

وتشير المصادر هنا، إلى أن هناك حركة دبلوماسية نشيطة في صفوف الممثليات الأميركية والأوروبية، في إطار توقّعات بصراع حادّ قد يكون دموياً بين المتنافسين على المناصب، ويهدّد النظام الوهابي.

كما أكّدت تقارير إعلامية أنّ أمر ترتيب البيت السعودي لم يستقر بعد، على رغم القرارات السريعة والعاجلة والمفاجئة في الوقت نفسه التي اتخذها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز منذ أشهر، وتصعيده الأمير محمد بن نايف إلى ولاية العهد بعد قبول استقالة الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد، ثم تصعيده نجله الأصغر 29 سنة إلى الرجل الثالث في الدولة «وليّ وليّ العهد، ووزيراً للدفاع».

وأضافت هذه التقارير، أنّ الخلافات التي برزت بين أبناء الأسرة الحاكمة في مملكة الرمال، وانتقلت من جلسات الغرف المغلقة إلى العلن، ووجدت طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لم تعد إشاعات أو تخمينات، أو تتناقل من مصادر مجهولة، إنما تنقل في تصريحات و«تغريدات» و«بوستات» على «فايسبوك» و«تويتر» ووسائل إعلام أجنبية، من قبل أمراء من العائلة الحاكمة، تشير إلى اتساع هوة الخلافات وعدم رضا شريحة ليست صغيرة من أبناء الأسرة الحاكمة على تعيين محمد بن نايف ولياً للعهد، ومحمد بن سلمان ولياً لوليّ العهد، وامتد الأمر إلى الطعن في شرعية البيعة للمحمدين، بل هناك ستة من كبار أبناء الملك عبد العزيز رفضوا بيعة المحمدين، وهناك من يطالب علناً بإقالتهما، وتدخل كبار الأمراء في الأسرة لإنقاذ الموقف، من تهوّر محمد بن سلمان، وخوف محمد بن نايف على منصبه، من جموح بن سلمان والإطاحة به، في ظل استغلال الأخير مرض والده العاهل السعودي، الذي لم يعد سرّاً.

بين أيدينا، تقرير نشرته مجلّة «فورين بوليسي» الأميركية مؤخّراً، وترجمه وحرّره فتحي التريكي لـ«الخليج الجديد».

جاء في التقرير: كما لو لم يكن هناك بالفعل ما يكفي من المشاكل للشعور بالقلق في الشرق الأوسط، فإن المملكة العربية السعودية قد تدخل دائرة المشاكل هي الأخرى. من تراجع أسعار النفط، إلى اتخاذ خطوات خاطئة في السياسة الخارجية تتسبّب في تصاعد التوتر مع إيران، تلتقي الأحداث الأخيرة لتلقي بتحدّيات خطيرة في وجه النظام السعودي. والتي إذا لم يتم إدارتها بشكل صحيح، يمكن لهذه الأحداث أن تتجمع في نهاية المطاف لتشكل عاصفة كاملة تزيد بشكل كبير من مخاطر عدم الاستقرار داخل المملكة، مع عواقب لا حصر لها لأسواق النفط العالمية والأمن في منطقة الشرق الأوسط.

وهنا، استعراض لهذه المشاكل التي يمكن أن تلقي بالبلاد في أتون دوامة عدم الاستقرار.

التصدّعات داخل العائلة المالكة

في الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية رسالتين لأمير سعودي مجهول تم توجيههما إلى كبار الأعضاء في العائلة المالكة داعياً لهم إلى القيام بانقلاب قصر ضدّ الملك سلمان. وتزعم الرسالتان أن الملك سلمان، الذي اعتلى العرش في كانون الثاني، ونجله الأمير الثلاثينيّ صاحب النفوذ ونائب وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، قد انتهجا سياسة خطيرة تقود البلاد نحو الخراب السياسي والاقتصادي والعسكري. في مقابلة مع صحيفة «غارديان»، أصرّ الأمير أن مطلبه تغيير القيادة يلقى دعماً متزايداً، ليس فقط داخل العائلة الحاكمة، إنّما بين صفوف الشعب السعودي. كما يدّعي المقال أن الرسالة المكتوبة بالعربية قد تمت مشاركتها أكثر من 15 ألف مرة.

الحرب في اليمن

كلما استمرّت الحرب لفترة أطول كلما زاد الخطر بأن التدخل السعودي ضد المتمرّدين الحوثيين يمكن أن يصبح مصدراً خطيراً لفتنة داخلية. وذكرت صحيفة «غارديان» في قصتها على لسان الأمير السعودي أن كثيرين من السعوديين ينتقدون «قيام أغنى دولة عربية بقصف أفقر الدول العربية»، كما يورد لوماً خاصاً للأمير محمد بن سلمان، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع في المملكة بصفته القوة الدافعة الأكبر خلف المجهود الحربي. واسماً إياه بلقب «المتهوّر»، اتهم الأمير في رسالته محمد بن سلمان بالتسرّع في الولوج إلى اليمن من دون استراتيجية أو خطة واضحة للخروج، ما أدّى إلى تصاعد التكاليف في الدماء والأموال، واتساع الأزمة الإنسانية وتزايد الانتقادات الدولية.

المشاكل الاقتصادية

إلى حدّ كبير، بسبب السياسة السعودية، انخفضت أسعار النفط بنسبة 50 في المئة خلال السنة الماضية. يواجه السوق تخمة بسبب الطفرة النفطية الأميركية، وكانت الاستراتيجية السعودية تعمد للحفاظ على نسبة الإنتاج عالية، والكفاح من أجل حصة أكبر في السوق، في انتظار انهيار السوق بعد خروج المنتجين الأعلى تكلفة، خصوصاً في أميركا. النفط الرخيص تسبب في تحفيز الطلب واستنفاذ فائض العرض. كانت النظرية قائمة على أن ارتفاع أسعار سيعود قبل أن تشعر المملكة بأيّ قرصة اقتصادية حقيقية.

ولكن الطريقة السعودية لم تنجح تماماً، أو على الأقل لم تعمل بالسرعة التي توقعها السعوديون. في الواقع، استندت موازنة السعودية 2015 على أن النفط سيتم بيعه عند سعر 90 دولاراً للبرميل. اليوم، تبدو الأسعار أقرب إلى نصف هذا الرقم. في الوقت نفسه، فإن السعوديين قد تكبّدوا سلسلة من النفقات التي لم يخطّط لاستيعابها، بما في ذلك تلك التي ترتبط مع صعود الملك سلمان على العرش تأمين الولاء للملك الجديد يمكن أن يكون عملاً مكلفاً والحرب في اليمن.

والنتيجة، عجز في الموازنة يقترب من 20 في المئة، أو بما يزيد عن مئة مليار دولار، ما يتطلب من السعوديين استنزافاً ضخماً لاحتياطيات النفط الأجنبي بمعدل قياسي حوالى 12 مليار دولار شهرياً بينما تتسارع أيضاً مبيعات السندات. وبحسب ما ورد، فقد قام السعوديون بتبديد أكثر من 70 مليار دولار من أصولهم العالمية خلال الأشهر الستة الماضية.

في حين أنه ليس هناك خطر أن المملكة ستستنزف كامل أموالها عن قريب، فإنه مع استمرار هذا الاتجاه من عجز كبير في الموازنة، وانخفاض أسعار النفط، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي، فإن الأسواق الدولية ستصبح أكثر عصبية مع الآثار المحتملة على المؤشرات الرئيسة مثل التصنيف الائتماني وهروب رأس المال. إضافة إلى المخاوف على المدى الطويل، أن صادرات النفط السعودية ستنخفض خلال السنوات المقبلة مع تزايد الاستهلاك المحلي. في الواقع، المحللون يرون الآن أن التوسع السريع في الطلب المحلي قد يجعل المملكة مستورداً صافياً للنفط بحلول الثلاثينات من هذا القرن. وغنيّ عن القول أن مثل هذا التطوّر يشكل تهديداً قاتلاً للمملكة، إذ إنّ مبيعات النفط ما زالت تشكل 80 إلى 90 في المئة من إيرادات الدولة.

محاربة العجز عن طريق خفض النفقات وفرض التقشف لا يبدو أنه خيار جذاب للحكومة التي كان سلاحها الأول لدرء السخط المحلي مع اندلاع موجة «الربيع العربي»، منح شعوبها المزيد من الأمور والخدمات المجانية. يشكل دعم الطاقة وحده 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية. هناك أيضاً إعانات واسعة النطاق في الطعام والمسكن والمياه إضافة إلى مجموعة أخرى من السلع الاستهلاكية. السعوديون يدركون تماماً دور الزيادات الحادة في تكاليف المعيشة في إشعال الثورات في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك في تونس ومصر واليمن.

على رأس المشاكل المالية المتنامية، لا يزال اقتصاد المملكة مثقلاً بسلسلة أخرى من المشكلات والأمراض. السعوديون الذين تقلّ أعمارهم عن ثلاثين سنة يشكّلون ثلثَي السكان، وثلثُ هؤلاء يعانون من البطالة. وعلى رغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة، ما تزال هناك تقارير تبلّغ عن ارتفاع معدلات الفقر بشكل مدهش بين السعوديين الأصليين، تصل هذه النسبة إلى 25 في المئة في بعض التقارير.

مأساة الحج

شهدت هذه السنة كارثتين كبيرتين خلال موسم الحج في مكة. حادثة انهيار الرافعة التي قتل فيها أكثر من مئة حاج، تلاها حادثة التدافع التي خلّفت 769 قتيلاً على الأقل، مع اتهامات متعدّدة أن العدد الفعلي للضحايا يتخطّى الآلاف. وفي أعقاب ذلك، واجه السعوديون موجة غير مسبوقة من الانتقادات حول إدارتهم موسم الحج. هذا أمر خطير، في الواقع نظراً إلى أن قوامة بيت آل سعود على رعاية المقدسات الإسلامية من صميم شرعيتهم لإدارة البلاد. التشكيك المستمر في أهلية العائلة الحاكمة لرعاية الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة تعني التشكيك في الشرعية السياسية والدينية للعائلة الحاكمة.

تصاعد الصراع مع إيران

أدّت الانتقادات الإيرانية للسعودية على إثر حوادث الحج على وجه الخصوص إلى تكثيف هذا التوتر الممتد أصلاً بسبب خلافات بلغت ذروتها على خلفية لقضية النووية والأنشطة الإيرانية لزعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها. كان القتلى الإيرانيون في حوادث الحج هذه السنة أكثر من أيّ جنسية أخرى، ويقدّرهم أحدث إحصاء برقم 464 وهو رقم مرشح للزيادة. حذّر الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، السعوديين من مواجهة ردّ فعل عنيف، وقال خامنئي إن إيران قد أظهرت حتى الآن ضبطاً كبيراً للنفس في مواجه «الجرائم السعودية». وفي إيران دعا وزير الدفاع الأسبق والجنرال في صفوف الحرس الثوري مصطفى محمد نجار السعوديين إلى اتخاذ تحذير خامنئي على محمل الجدّ، لأن إيران كانت قادرة على توفير استجابة «قوية وساحقة» في وجه المخالفات السعودية.

حسن نصر الله، زعيم حزب الله، دعا بدوره المملكة العربية السعودية إلى التنازل عن إدارة الحج إلى لجنة من المسلمين. اتّهم رئيس المجلس الأعلى الإيراني للأمن القومي علي شمخاني، السعودية بأنها «تشكل الضرر الأكبر على الإسلام بعد داعش». الجنرال في الحرس الثوري علي فضلي نائب قائد قوة الأمن الداخلي الإيراني، الباسيتج، ادّعى أن دعم المملكة لـ«داعش» والمنظمات المتطرّفة السنّية الأخرى قد ساهم إلى حدّ كبير في كارثة مكة المكرمة. وفي معرض حديثه عن الاحتفال الديني الشيعي المقبل، أعرب عن أمله أنه «يوماً ما، وبعد سقوط بيت آل سعود، سنكون قادرين على الاحتفال بعيد الغدير في موقعه الحقيقي»، ويعني مكة المكرمة بطبيعة الحال.

ما وراء مأساة الحج، يبدو أن إيران تصعّد من تحدّيها للمصالح السعودية في المسارح الأخرى كذلك. في 30 أيلول، أعلنت المملكة أنها قد استولت على قارب صيد إيراني محمل بالأسلحة في طريقه لإمداد المتمرّدين الحوثيين الذين يقاتلون قوات التحالف السعودي في اليمن، في اليوم التالي، أعلن الجار الحليف للمملكة، البحرين، انه اكتشف مصنعاً لتصنيع القنابل على صلة وثيقة بالحرس الثوري الإيراني. سحبت البحرين فوراً سفيرها من طهران وأعلن المبعوث الإيراني في البلاد كشخص غير مرغوب فيه «في ضوء استمرار التدخل الإيراني في شؤون مملكة البحرين… من أجل خلق الفتنة الطائفية وفرض الهيمنة والسيطرة». وفي اليوم التالي، ردّت إيران بطرد القائم بالأعمال البحريني من طهران.

وفي سورية، يتكرّر المشهد بطبيعة الحال، فقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية ظهور تحالف عسكري إيراني ـ روسي للحفاظ على نظام الأسد في السلطة وقتال المتمرّدين المدعومين من السعودية. بالتزامن مع بدء حملة قصف كبرى من قبل الطائرات المقاتلة الروسية. فقد قامت إيران بإرسال المئات من القوات إلى سورية للمساعدة في قيادة هجوم برّي جديد لاستعادة الأراضي من المتمرّدين الذين تدعمهم السعودية.

التراجع الأميركي

جاء التدخل الدراماتيكي الروسي في سورية الذي يهزّ المملكة الآن في وقت تتخلّى فيه الولايات المتحدة عن دورها كضامن تقليدي للاستقرار في الشرق الأوسط. هذه بالطبع أنباء سيئة جداً بالنسبة إلى السعوديين الذي ربطوا بقاءهم طوال أكثر من سبعين سنة بالولايات المتحدة. الوضع الطبيعي الجديد في واشنطن يتضمن عقد الصفقات الدبلوماسية مع إيران، العدو الأسوأ للمملكة. تماماً كما يعقب الليل النهار، فإن الانخفاض السريع للقوة الأميركية والموثوقية يترك حتماً المملكة العربية السعودية عرضة للاضطرابات بشكل متزايد.

لا أحد يستطيع الرهان على زوال بيت آل سعود في وقت مبكر. على مدار عقود، أظهرت العائلة الحاكمة قدرة على البقاء في مواجهة التيارات السياسية والإيديولوجية والعسكرية التي جرفت أنظمة أخرى. لذلك توقع أن العائلة المالكة قد تكون على وشك صدمة حقيقية هو نوع من التفكير الساذج.

ما نقوله إنّ الأخطار ينبغي أن تؤخذ على محمل الجدّ. البيئة الإقليمية التي تواجه المملكة ربما لم يوجد لها مثيل في عدائيتها. الشرق الأوسط ينهار، ونظام الدولة قيد سقوط الحر. تحوّل «الربيع العربي» منذ فترة طويلة إلى شتاء إسلامي. المحور العسكري الإيراني ـ الروسي متعطش للهيمنة والولايات المتحدة في طريقها للخروج تاركة خلفها حلفاء مدمرين معنوياً مع خصوم يمتلكون الكثير الجرأة والرغبة في إحداث الفوضى.

وفي الوقت نفسه، كما هو موضح أعلاه، فإن التحدّيات التي تحدق بالمملكة داخلياً تتصاعد ببطء. استدعاء أيّ قائمة من علامات التحذير بأن المجتمع قد اقترب من مرحلة الخطر في ما يتعلق بعدم الاستقرار، أمر ممكن ويطابق فعلياً ما يحدث اليوم. تزايد الانشقاقات بين النخبة. الغرق في حرب خارجية مكلفة. زيادة الضغوط الاقتصادية. علامات تآكل الشرعية. القوة الصاعدة من الجهات الفاعلة الأجنبية. ذلك إضافة إلى تلاشي الحماة الخارجيين التقليديين.

بطبيعة الحال، فإنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، قياس ما إذا كان أيّ من هذه العوامل قاب قوسين أو أدنى من أن تصير نقطة تحول بالنسبة إلى السعوديين. مرة أخرى، إذا كان التاريخ دليلنا، فإن هذه العلامات لا تقود إلى أمرٍ حتميّ أو يقينيّ. ونحن قد نكون لا نزال في مراحل مبكرة جداً لاتخاذ القرارات الحكيمة في الوقت المناسب.

ما يبدو آمناً للقول، أنّ معظم المؤشرات الرئيسة تُظهِر الآن في وقت واحد، أن المملكة تسير في الاتجاه الخاطئ ربّما للمرّة الأولى في تاريخها. وبهذا المعنى، يمكن أن يكون هناك خطر أكبر مما كان عليه في الماضي إذا ترك الأمر من دون معالجة هذه الآثار السلبية التي قد تلتقي في نهاية المطاف في شلال قد يطغى على النظام.

نعم، احتمال حدوث المخاطر الأسوأ قد يكون منخفضاً إلى الآن. ولكن عواقب عدم الاستقرار على نطاق واسع في المملكة يحتمل أن تكون ضارة جداً على مصالح الولايات المتحدة. إذا كانت الأمور تبدو سيئة الآن في المنطقة، فإن الانهيار في المملكة العربية السعودية سيجعل جميع الأزمات الحالية ضئيلة بالنسبة إليه.

خيارات محدودة

في حين أن الولايات المتحدة الأميركية قد تملك خيارات محدودة للغاية لتقوم بها في المدى القصير إزاء التحدّيات المتصاعدة في المملكة داخلياً، فإنه لا يزال لديها قدرة كبيرة على تخفيف بعض التهديدات والضغوط الخارجية المتزايدة التي تواجه السعوديين. هذه هي بالتأكيد ميزة الولايات المتحدة التنافسية: قدرتها على طمأنة الشركاء الاستراتيجيين الرئيسيين حول التزامها بأمنهم وعزمها على الحفاظ على علاقتها الإقليمية بالقوى الصديقة وردع الخصوم إذا لزم الأمر.

وهذا الدور بالتحديد هو ما فشلت فيه إدارة أوباما فشلاً كارثياً، أو بمعنى أصحّ رفضت القيام به خلال السنوات الماضية، ما أثمر في النهاية عن تقويض الروح المعنوية والثقة بين الأصدقاء، وفي المقابل شحذ طموحات القوى المعادية.

والسؤال الآن حول مدى قدرة إدارة «أوباما» على التعافي من الفوضى الجيوسياسية التي أشعلتها. وهل لديها حقاً أدنى فكرة عن سلسلة الأحداث الكارثية التي تسبّبت فيها سياسة وضع علامة «مغلق للأعمال التجارية» على سياستها في الشرق الأوسط؟ هل نفهم أخيراً حقيقة ما يحدث حين نتخلّى عن مواقع القيادة وتأثير ذلك على موازين القوى بين المتنافسين الإقليميين وتسارع مستويات العنف والتطرف والفوضى؟

للأسف، ليس هناك أيّ سبب على الإطلاق للاعتقاد أن الجواب على أيّ من هذه الأسئلة هو نعم. وفي هذه الحالة، ستستمر المخاطر في النموّ لتبقى على رأس الكوارث التي سيتركها أوباما لخليفته، ومن المرجّح إضافة خطر أكبر إلى هذه القائمة: وضع غير مستقر ومحفوف بالمخاطر في المملكة العربية السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم وموقع أقدس الأماكن الإسلامية. والبلد المغمور، على قدر المساواة تقريباً، في الأسلحة الأميركية المتطورة والوهابيين الغاضبين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى