بلوزا… بلدة لبنانية سمتها الخير والإيمان

تحقيق بدوي حبق

بلوزا، بلدة من بلدات منطقة جبة بشري، تقبع على كتف وادي قنوبين، تحدّها على هذا الكتف بلدة بات، ويبلغ ارتفاعها 1450 متراً عن سطح البحر.

تسميتها تعني بلدة اللوز، وذلك لكثرة اللوز الذي كان موجوداً فيها قديماً، يبلغ عدد سكانها حوالى 700 نسمة، يتوزّعون بين الساحل والجبل، وينتشرون ساحلاً على مناطق زغرتا وجبيل وجونيه. ويقصدونها في عطلة نهاية الأسبوع ويقيمون فيها في فصل الصيف بشكل دائم. والأقلية منهم تبقى صيفاً وشتاء في البلدة.

يتوزّع أبناؤها المنتشرون في بلاد الاغتراب في أستراليا وتحديداً في سيدني وهي الشريحة الكبرى منهم ويبلغ عددهم حوالى 700 نسمة بحسب إحصاءات عام 1992. وهناك عديد من أبناء بلوزا في فنزويلا وكولومبيا وأميركا وكندا وبعض الدول الأوروبية، يساهمون بشكل مستمر في دعم أبناء البلدة ومساعدتهم على كافة الأصعدة والنواحي.

لا مجلس بلدياً في بلوزا، إنما هناك مختار واحد هو حنا مارون، وقد أخذ العمل الاختياري من والده الذي كما يقول أهل البلدة أنه خدمها لفترة 65 سنة متتالية وكان يعيّن بالتزكية لما كان يتمتع به من عمل إنساني خدمةً مجانية لكل الناس. وقد كرّمته وزارة الداخلية ومنحته درعاً تكريمية لعطاءاته الجمّة. أما نجله المختار الجديد، فيتابع اليوم المسيرة ذاتها حائزاً على محبة الناس وتأييدهم له.

بلوزا بلدة الدعوات والإيمان والقداسة، فهي كانت شراكة مع البطريركية المارونية ومعالمها الدينية وكنائسها ومزاراتها، تدلّ على أنها بلدة الإيمان والتنسّك. فيها مغارة القديسة بربارة في منطقة شير بلوزا على كتف وادي قنوبين، ويحلّ عيدها في شهر كانون الأول، وفي الرابع منه يتوافد إليها أبناء البلدة للتبرّك. ويروى أن القديسة بربارة عندما كانت هاربة من والدها الوثنيّ الذي كان يريد قتلها لاعتناقها الدين المسيحي، اختبأت في المغارة التي سمّيت على اسمها. كما يوجد في بلوزا سنديانة مار سركيس وباخوس التي تحتضن مذبحاً خارجياً، وفيها عدد من المدافن.

كنيستها الرعائية هي كنيسة مار سابا، إذ يوجد ضمنها وتحت كرسي الاعتراف مدفن كان يدفن فيه كهنة الرعية. وإلى جانب الكنيسة غرفة كان يرتاح فيها البطريرك جبرايل البلوزاوي مؤسّس الرهبنة الأنطونية عندما كان ينزل إلى وادي قنوبين. وحالياً تُبنى على جبل بلوزا كنيسة مار الياس ويحكى أنها تبنى على أنقاض مغارة كانت تدعى مغارة مار الياس.

كذلك، تجد في بلوزا وفي السياق عينه، عدداً من المزارات كمزار الحبل بلا دنس، مزار مار شربل، مزار القديسة بربارة، مزار القديسة تريزيا، مزار مار يوسف، مزار مار روماوس، مزار مار الياس، مزار سيدة حوقا، مزار سيدة بشوات، مزار القديسة رفقا ومزار مار شليطا. وهذا يدل على عمق الإيمان المتجذر في البلدة وفي روح أهاليها.

بلوزا هي بلدة رئيس دير مار شربل بقاع كفرا الأب جوني سابا، كما يلفت الانتباه في بلوزا عدد من الرهبان والراهبات والكهنة، وفيها أخوية الحبل بلا دنس من شبيبة وزنابق وفرسان، كما تحمي الكبار في السن جمعية «قلب يسوع» وجمعية تضمّ السيدات تدعى جمعية «بساط الرحمة»، وهي تهتم بالأمور الدينية والنشاطات الاجتماعية والثقافية والأعمال الخيرية. وتتويجاً لعالمها الديني، حاز على رتبة البطريركية ثلاثة مطارنة من بلوزا.

إلى جانب وجهها الديني، لبلوزا وجه سياحي، إذ يحطّ القاصدون جبة بشري رحالهم في مطعم سابا المشهور في بلوزا ويزورون مصانعها ليختاروا منها تذكارات من خشب الأرز.

وتشتهر بلوزا بزراعة الأشجار المثمرة كالتفاح والإجاص والكرز والخوخ. وبلوزا بلدة تفتخر بعدد من رجالاتها الذين رفعوا اسمها واسم لبنان عاليا منهم نذكر الدكتور رتشارد الشدياق صاحب مستشفى لسرطان الأطفال في أميركا، وهي بلدة كرم نزيه حنا مصنّع كابلات تعمل على الألياف الضوئية، وبلدة طوني طوبجي الذي اخترع صاروخاً يطير في الجوّ ثم يعود إلى مكانه. ويروي أحد أبناء البلدة أن المهندسة التي ساهمت في هندسة جسر سيدني المشهور في أستراليا وتصميمه هي من بلوزا ومن آل بشارة تحديداً.

تؤمّن المياه إلى بلدة بلوزا من نبع مار سمعان بشري ثلاثة أيام في الأسبوع، وحالياً أنشئ خزان للمياه على الكهرباء بالتعاون مع جمعية بلوزا في أستراليا يؤمّن مياه الشفة للأهالي والري للمزروعات، توزّع بالتساوي على كل مناطق البلدة وأحيائها. وقد تم مؤخراً، وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي للتنمية، تدشين طاقة شمسية للخزان لتأمين الطاقة الدائمة له. إضافة إلى أنه يوجد في جرود بلوزا عيون ماء من أشهرها: عين الكبيرة، عين البشراوي وعين البيادر.

وكما ذكرنا سابقاً، أن بلدة بلوزا وأراضيها شراكة مع البطريركية، ويروى أنه إذا كان أحد الموقوفين المتهمين مكبّل اليدين مع القوى الأمنية يمرّ في بلوزا، يفكّ أسره لدى مروره في البلدة إلى حين خروجه منها ليعاد تكبيله، وذلك يعود ـ بحسب التفسير ـ إلى أنه يمرّ في أرض البطريركة.

ميزة بلوزا الرائعة عن كل ما يجاورها من القرى والبلدات أن موقعها إلى يمين الشمس، لذلك تدبّ فيها الحرارة أكثر من غيرها. وتأكيداً على ذلك يقول الأهالي أن الثلج المكدّس فيها يذوب عند شروق الشمس قبل غيرها من البلدات الذي يستمرّ وجوده بعد ذلك ولوقت أطول.

الوكالة الوطنية للإعلام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى