الحاج: ترشيح عون وفرنجية للرئاسة فرضه انتصار تموز وصمود سورية وتوقيع النووي
حاورته روزانا رمال ـ تحرير محمد حمية
أكد المدير العام الأسبق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج أنّ «اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واتهام النظام الأمني اللبناني السوري واعتقال الضباط الأربعة، كان يهدف الى تنفيذ القرار الدولي 1559 ومن ثم وضع اليد على الأمن والقضاء في البلد للسيطرة عليه»، موضحاً أنّ «الشهود الزور كانوا الأداة لتثبيت الاتهام على الضباط الأربعة»، مشدداً على أن «اغتيال الحريري وسوء استخدام الاغتيال من قبل جهات إقليمية ودولية وترجمة داخلية، كان محاولة لاغتيال الوطن واغتيال تركيبة لبنانية قائمة منذ الاستقلال».
وأشار اللواء الحاج إلى أنّ «إنتصار المقاومة في لبنان العام 2006، وصمود سورية في وجه العدوان الخارجي عليها، وتوقيع الإتفاق النووي الايراني، عوامل أدّت الى هذا التحوّل على المستوى الداخلي، والذي تكرّس في فرض ترشيحي رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المرده الوزير سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية.
وإذ لفت الحاج إلى أنّ ترشيح فرنجية اختيار جدّي، حذر من استخدام هذا الترشيح لضرب فريق 8 آذار، واعتبر أنّ عون وفرنجية قامتان كبيرتان في البلد، وأن وصولهما الى الرئاسة حلم، مرجحاً تأجيل الملف الرئاسي الى ما قبيل الانتخابات الأميركية ليشق بعدها مسار الحلّ السياسي طريقه.
واضاف: «هذا المشروع تداعى في المنطقة، وفريق 14 آذار في لبنان مرتبط بمشهد المنطقة، ولو انتصر مشروعه لكنا عدنا الى السجن، نحن خرجنا من الاعتقال بعد انتصار المقاومة في حرب تموز وليس بكرم من المحكمة الدولية أو غيرها».
وتطرّق الحاج الى الشأنين السوري والاقليمي، معتبراً أنّ «تركيا اقتنعت بأنّ المشروع في سورية سقط مع وصول قوات الجيش السوري وحلفائه الى الحدود التركية، وبعد سقوط جبال التركمان في اللاذقية وسلمى وربيعة وقريباً جسر الشغور وسهل الغاب، وامتداداً الى دوما إلى الجنوب السوري»، ورأى أنه «منذ دخول روسيا الى الحلبة السورية نعيش تراكم إنجازات لمحور المقاومة ما سبّب انهيار التنظيمات الإرهابية على كامل الجبهات على امتداد الوطن السوري والإنهيار الكامل لهذه التنظمات ليس ببعيد».
ولم يستبعد الحاج تدخلاً عسكرياً سعودياً أو تركياً في سورية، معرباً عن اعتقاده بأنّ «هذه الدول تعمل للسيطرة على منطقة في سورية لاستخدامها في المفاوضات ولا يوجد أمامها الا منطقة الرقة»، متوقعاًً تعرّض تركيا والسعودية الى أعمال أرهابية لوجود بيئة حاضنة لـ»داعش» في هاتين الدولتين.
ودعا الحاج السعودية للذهاب الى التشبيك مع محور المقاومة لتضمن البقاء والاستمرار بعد أن أخذت العالم السني الى الحروب والفتن وفشلت في هزيمة محور المقاومة وضرب سورية.
بداية، كيف تنظر إلى الأحداث التي رافقت مرحلة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما هو الفارق بين الأمس واليوم؟
ـ الفرق بين تلك المرحلة واليوم أنّ المشروع الذي جاء إلى المنطقة تحت عنوان العداء لمحور المقاومة وضربه، وبالتالي تطويق سورية، أصبح في خط تراجعي ومحور المقاومة بات في خط تصاعدي.
قوى 14 آذار تشكلت في تلك المرحلة ونظمت حملات إعلامية وسياسية كبيرة عليك وعلى رفاقك من قادة الأجهزة الأمنية ظلماً، ماذا تبقّى الآن من هذه القوى وماذا حققت؟
ـ الحد الفاصل في تلك المرحلة والمراحل التي أعقبتها هو القرار الأممي 1559 والذي لم ينفذ أيّ من بنوده حينها، وكان يهدف إلى تسعير الفتنة المذهبية في لبنان، وحذرت حينها من أنه بعد صدور هذا القرار، هناك دوائر غربية تعمل على تسعير هذه الفتنة واستخدام المخيمات الفلسطينية كمادة في هذه الفتنة، ووضعت هذه المعطيات لدى المسؤولين، هذا القرار لم يؤدّ الغاية المطلوبة منه، وكان المطلوب حصول حدث كبير يحلّ مكان القرار 1559، فكان اغتيال الرئيس الحريري، والهدف كان أيضاً استهداف المقاومة واتهام النظام الأمني اللبناني – السوري واتهام سورية كحامية وحاضنة للمقاومة.
بعد اغتيال الرئيس الحريري ظهر أنّ الهدف استهداف سورية لخروجها من لبنان، هل تعتقد أنّ الهدف الذي تبيّن لاحقاً هو استهداف سورية ككلّ وأنّ المشروع على مستوى المنطقة؟
ـ الإتهام وجه إلى النظام الأمني اللبناني السوري وترجم ذلك بوضعنا في الاعتقال، والهدف تنفيذ القرار 1559، ومن ثم وضع اليد على الأمن والقضاء في البلد للسيطرة عليه، والشهود الزور كانوا الأداة لتثبيت الإتهام على الضباط الأربعة. اغتيال الحريري وسوء استخدام الاغتيال من قبل جهات إقليمية ودولية وداخلية، كان محاولة لاغتيال الوطن واغتيال تركيبة لبنانية قائمة منذ الاستقلال، وتمّ ضرب الميثاق والعيش المشترك والقضاء والأمن.
منذ لحظة اغتيال الحريري تمّ تسريب شريط مسجل تبنّته «جبهة النصرة» وتقول الدراسات إنها كانت العملية الأولى في المنطقة وأول ظهور لـ«النصرة» في بلاد الشام، لكن تمّ استبعاد نظرية أبو عدس وتمّ اتهام سورية ثم حزب الله، اليوم بعد انتشار هذه التنظيمات الإرهابية في سورية والمنطقة ما الذي يمنع من إعادة التحقيق الى هذه الفرضية؟
ـ هذا السؤال يعيدنا الى أحداث الضنية الإرهابية في شمال لبنان عام 2000، وحينها اتخذ الرئيس العماد إميل لحود القرار الجريء لضرب الإرهاب الذي كان هدفه ضرب المقاومة، ثم جاءت حرب تموز عام 2006، لكن العدوان «الاسرائيلي» سقط وجاء اغتيال الحريري والمحكمة الدولية التي كانت عدوان على لبنان وعنوانها تسعير الفتنة، واليوم جاء العدوان على سورية الذي هو مرتبط أيضاً بالقرار 1559، حاولوا تصوير المعركة في سورية على أنها معركة مذهبية وليست صراعاً بين المشروع الصهيوني وأتباعه وبين مشروع عربي مقاوم وحلفائه في المنطقة وحاولوا تصدير الفتنة في لبنان الى سورية، ولكن تبيّن أنّ سورية لديها مناعة وأنّ حسّ الانتماء الوطني عال جداً لدى مواطنيها.
هل نجح هذا المشروع الذي تحدّثت عنه في حلقاته المتعدّدة في ضرب محور المقاومة أو استنزافه على الأقلّ؟ ولماذا سورية وماذا تمثل لكي ينقسم العالم حولها ولتأتي جيوش العالم لكي تحارب فيها وتمتدّ الأزمة حتى خمس سنوات؟
ـ أرادوا استخدام الفتنة لتدمير الموقع الاستراتيحيي لسورية وتدمير تاريخ سورية ولبنان وتدمير الأمن القومي العربي، ولكي تتحوّل العروبة الى لغة خشبية، أهمية سورية أنها ما زالت تحافظ على عروبة المنطقة وما زالت البوصلة الوحيدة لها هي فلسطين وبقيت على عداء مع «إسرائيل»، الجيش السوري هو الجيش الأول في الجيوش المصرية، تمّ استهداف الموقع، ولو كانت سورية في خطّ آخر لما استهدفت، سورية رفضت «كامب دايفيد» و«أوسلو» و«وادي عربة».
ماذا تشكل سورية من الجهة الأمنية والاستراتيجية لكي تتحوّل الى نقطة خلاف بين الدول، لا سيما بين روسيا وتركيا ولا يزال الخلاف مستعراً بينهما؟
ـ سورية وتحالفها مع إيران والمقاومة تشكل بالنسبة للمشروع الأميركي العقدة في الحلّ وإلقاء القبض على المنطقة، وهي في خط المواجهة والمجابهة مع «اسرائيل» ولأنّ المشروع الاميركي الصهويني التركي وبعض العرب يقوم على جبهتين: أمن «إسرائيل» والاقتصاد – خطوط النفط والغاز في العالم التي ستمرّ عبر سورية الى المتوسط، وتركيا تريد السيطرة على هذه الخطوط، لذلك كان المطلوب وضع اليد على الشمال السوري، لا سيما حلب لأنّ من يضع يده على حلب يضع يده على سورية، وكان المطلوب إنشاء امارة في حلب، لذلك اعتبر ذلك استهدافاً لروسيا واستهدافاً لمحور المقاومة وايران، وتوجهوا الى سورية خوفاً من حصول أي خلل يرتكب او اهتزاز بحق سورية يضع روسيا الإتحادية في سيبيريا ويشكل خطراً على المقاومة وعلى إيران الممتدّة منها الى العراق وسورية وفلسطين ولبنان، هم يريدون خطوط إمداد الغاز ونحن نريد خطوط إمداد المقاومة وهذا هو الصراع بين المحورية، وتبيّن أنّ خطوط إمداد المقاومة أقوى من خطوط إمداد غازهم، تركيا ترى اليوم أنّ المشروع يسقط في سورية مع وصول قوات الجيش السوري وحلفائه الى الحدود التركية وبعد سقوط جبال التركمان في اللاذقية وسلمى وربيعة وقريباً جسر الشغور وسهل الغاب وامتداداً الى دوما الى الجنوب السوري – الشيخ مسكين، وحدة الأراضي السورية تعود تدريجياً، ومنذ دخول روسيا الى الحلبة السورية نعيش إنجازات وتراكم إنجازات لمحور المقاومة، ما سبّب انهيار التنظيمات الإرهابية على كامل الجبهات على امتداد الوطن السوري والإنهيار الكامل لهذه التنظمات ليس ببعيد.
أمام هذا الواقع الميداني في سورية، هل ترجح تدخلاً أمنياً وعسكرياً من قبل تركيا والسعودية في سورية؟
ـ السعودية لن تعلن الهزيمة، وتركيا أيضاً، وأميركا من خلفهما لن تسمح لهما بإعلان الهزيمة، لأنه لا جدوى لمفاوضات ولا جدوى لجنيف 3 أو 4 بعد إعلان الهزيمة، يريدون منطقة في سورية خاضعة لسيطرتهم يفاوضون سورية عليها ولا يوجد أمامهم الا منطقة الرقة الموجود فيها «داعش» ولكي يقضوا على «داعش» يحتاجون قوى مدرّبة كبيرة الأمر الذي يحتاج الى ستة اشهر وأكثر، وهذه القوى يوجد فيها عناصر تنتمي الى «داعش» ستنضمّ اليه بعد وصولها الى سورية، كما سيقوم «داعش» بردّ فعل في تلك الدول، كما ضرب في فرنسا ودول غربية أخرى، روسيا لديها القوة والمناعة والسيطرة الداخلية ما يمنع «داعش» من أن ينفذ عمليات ارهابية في روسيا، هناك خطر على الداخل التركي والسعودي من «داعش» لأنّ هناك بيئة حاضنة له في الدولتين والردّ سيكون في هذه الدول.
على السعودية الذهاب الى التشبيك وليس الاشتباك، والتشبيك يتمّ اولاً ضمن الوضع العربي والاسلامي، اميركا تمارس الإزدواجية، فهي وقّعت الاتفاق النووي مع إيران ورفعت والغرب العقوبات عنها وأصبحت إيران قبلة الاستثمارات، ولا استثمار بلا استقرار، لأنّ الغرب لا يضع استثماراته في المنطقة من ودن استقرار، لذلك ما قبل الاتفاق النووي غير ما بعده، اتخذ القرار بالاستقرار في المنطقة والحلول السياسية تحت عنوان الاتفاق النووي الإيراني، لو لم تفقد أميركا وحلفاؤها الأمل بتحقيق شيء في اليمن أو في سورية لم تكن لتوقع الاتفاق النووي، أميركا في الوقت نفسه تتفق مع ايران وتعطي الوقت لتركيا والسعودية لعلهما تحققان إنجازاً يقوّي اوراق التفاوض على طاولة التسوية الآتية لا محال.
هل اقتنعت الولايات المتحدة فعلاً بالحلّ السياسي للأزمة في سورية؟
ـ الرئيس الاميركي باراك أوباما يذهب في حزيران المقبل الى الانتخابات الرئاسية، وبالتالي يريد ان يقدّم شيئاً لحزبه وسيقدّم الاتفاق النووي مع ايران والحلّ السياسي في سورية، من اليوم حتى الصيف تدخل اميركا بـ»الكوما» الانتخابية وستظهر بوادر الحلول السياسية وتوضع على الطاولة، في كلّ الحروب في العالم، التسوية أشرس المراحل، أيّ مراحل المفاوضات وأميركا تعمل لأخذ الاثمان من الميدان.
السعودية مستمرة في حربها على اليمن وعلى سورية، هل تذهب السعودية الى مرحلة اللاعودة؟
ـ تريد السعودية أن تكون زعيمة العالمين العربي والاسلامي ولا تستطيع لعب هذا الدور، وهناك دولاً لا تزال في خانة المواجهة والمجابهة مع «إسرائيل» فعملت على ضرب هذه الدول وأخذت العالم السني الى الحروب والفتن. لكنها لم تستطع هزيمة محور المقاومة وضرب سورية، الآن لا خيار أمامها إلا التشبيك مع سورية وإيران لتحصل على الضمانة في الاستمرار والبقاء.
نعود الى الداخل اللبناني من باب الرئاسة التي لا تزال فارغة على رغم مبادرتي ترشيح الوزير سليمان فرنجية صديق الرئيس السوري بشار الأسد والعماد ميشال عون صديق وحليف حزب الله، كيف تنظر كواحد من الضباط الذين اعتقلتم إلى انتقال الرئاسة الى فريق 8 آذار؟
ـ كما انتصرنا في تموز وسقطت عدوانية المحكمة الدولية لخلق فتنة في لبنان وسورية والمقاومة، اليوم تنتصر وسورية أيضاً وكلّ الآمال والأوهام سقطت والمشروع تداعى في المنطقة، هذا الفريق في لبنان مرتبط بمشهد المنطقة ولو انتصر لكنا عدنا الى السجن، نحن خرجنا من الاعتقال بعد انتصار المقاومة في حرب تموز وليس بفضل المحكمة الدولية ولا شهامة وشرف الذين أخرجونا، انتصار تموز الذي كان مرحلة التحوّل الاولى في المنطقة والثانية صمود سورية، مررنا بثلاث مراحل في سورية، الأولى مرحلة القلق الاستراتيجي، الثانية الصمود الاستراتيجي، والثالثة النصر الاستراتيجي، المنطقة قادمة على معادلات وخارطة جديدة ونصر جديد ينسجم مع الاستقلال الحقيقي لمنطقتنا، كلّ ذلك ادّى الى ترشيح فرنجية وعون.
هل توفرت قناعة لدى الفريق الآخر بأنّ وهم إسقاط النظام في سورية أصبح من الماضي ويجب ان يتموضع مع المعطى الجديد؟
ـ انتصار المقاومة في لبنان عام 2006 وصمود سورية والإتفاق النووي الايراني، هي التي أدّت الى هذا التحوّل على المستوى الداخلي، وفرض ترشيح عون وفرنجية، ترشيح فرنجية اختيار جدّي لكن يتمّ استخدام هذا الترشيح من الفريق الآخر لضرب فيرق 8 آذار، لكن فرنجية هو قامة كبيرة في البلد وحلم أن يكون الرئيس، وكما عون هو قامة كبيرة وحلم أن يكون الرئيس، لكن الملف الرئاسي مؤجّل إلى الصيف المقبل الى ما قبيل الانتخابات الاميركية ليشق مسار الحلّ السياسي طريقه، حينها يمكن أن ينتج رئيس في لبنان.