خلفيات ظهور الجولاني على فضائية «الجزيرة»

يوسف المصري

لم يكن بريئاً أو يحمل أي جانب من الرغبة في تحقيق سبق صحافي قيام قناة «الجزيرة» القطرية بإجراء مقابلة مطولة ضمن برنامج «حديث الثورة السورية» مع «أمير جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني.

المقابلة تقع ضمن سياق سياسي عمره من عمر بدء الإعداد في تركيا وقطر والسعودية لبدء الهجوم على شمال سورية التي هدفت للسيطرة على جسر الشغور مروراً بإدلب استمراراً حتى حماة.

ومفاد الفكرة التي تخدمها هذه المقابلة هو تطمين الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية، إلى أنّ «جبهة النصرة» تنتمي إلى تحوّل عقائدي مستجد جرى داخل تنظيم «القاعدة».

وبموجب هذا التحوّل المزعوم فإنّ أبو محمد الجولاني دخل منظومة اتجاه في تنظيم «القاعدة» انقلب على نظرية أسامة بن لادن التي تتحدّث عن ضرورة «الجهاد في آن ضدّ العدوين القريب الأنظمة العربية والبعيد الغرب وعلى رأسه أميركا .

وضمن الترويج لهذه الفكرة في الغرب لإقناعه بتسليح «المعارضة السورية» بسلاح كاسر من دون الخوف من أن تستخدمه لاحقاً ضدّ أميركا ومصالحها، كان «أمير جبهة النصرة» في حلب خرج خلال معارك شمال سورية، ليدّعي «أنّ النصرة لا تريد السيطرة على الأرض ولا على الحكم بعد إسقاط الدولة السورية النظام السوري ، وأنّ كلّ هدفها هو تحقيق طموح شعب سورية»!

لقد حاولت أنقرة أيضاً مساعدة هذه الفكرة عن طريق طرحها خلال تشكيل «جيش الفتح» إطلاق تسمية «جيش الفاتح» عليه، وذلك حتى يسود انطباع في الغرب أن هذا التشكيل الإسلامي ينتمي إلى الإرث الإسلامي التركي!

والواقع أن خروج الجولاني على فضائية «الجزيرة» ليقول إنه «لا يحمل إلا الخير للعلويين والمسيحيين والدروز وأيضاً للغرب»، يمثل ذروة محاولات متجدّدة منذ فترة لتلميع صورة «النصرة» التي لم يخف الجولاني حتى خلال مقابلته على «الجزيرة» أنها جزء من تنظيم «القاعدة»، وأنه شخصياً يتبع أيمن الظواهري.

وفكرة تلميع صورة «النصرة» تأتي بعد إخفاق ما تبقى من «نادي دول دعم ما يُسمى بالثورة السورية» بإنتاج «معارضة معتدلة» في سورية، أو حتى إنتاج «معارضة نصف إرهابية». وعليه التجأت إلى أسلوب تلميع «النصرة» والتواطؤ معها على إجراء تعديلات في خطابها العقائدي والسياسي، لكي يمكن خداع الغرب وجعله يقبل بتسليح المتطرفين حتى يتسنى إسقاط الدولة السورية.

لا شك أنّ هذا الاتجاه العربي الرسمي الذي يتوسّل حتى «القاعدة» من أجل تدمير قوى المقاومة في المنطقة، له تتمات عملية حتى في اليمن، وأيضاً في لبنان من خلال التلطي وراء عرسال ومصالح أهلها لدعم «النصرة» في جرودها.

أحدث المعلومات تفيد أن طائرات عربية تمّ رصدها من قبل استخبارات الرعب وهي تحط في حضرموت وتترك أسلحة لـ«القاعدة» هناك. وفي لبنان ليس هناك حاجة لمعلومات لإثبات أن معركة «النصرة» في جرود عرسال لديها خطوط إسناد داخلية سياسية، وهي تهدّد بأن تتحوّل إلى عسكرية أيضاً!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى