عشق الصباح

عشق الصباح

لا تدري حنين أيهما أيقظ غفوتها، الهوى الشرقي أم هو حفيف أوراق الدالية على النافذة؟ كان قمر أيلول على كتف جبل السنديان وقد سطع ضوؤه على وجه البحر، كل شيء حولها مقلق، طاولة قديمة وأوراق مبعثرة وكومة من الفناجين التي نشفت القهوة عليها. نظرت نظرة ازدراء للهاتف الجوال، منذ مدّة لم تسمع رنينه! كأنها تعيش في عزلة عن العالم. الغربة موحشة، كهذه الليلة الباردة الموحشة! ارتعشت أصابعها وهي تُشعل لفافة تبغ من علبة الدخان الوطنية، راحت تفتش في صفحات كتاب قديم، كلما قلبت صفحة يتدفّق منها عطر «يوسف»! تنهدت بحرقة وغصّ الدمع في عينيها همست: «يوسف يا وليف الروح»، تذكرت يوم أهداها رواية «ركام الزمن ـ ركام امرأة» في لقائهما الحميم ذات مساء خريفي في مقهى يطلّ على البحر. كانت عيناه تلمعان بالفرح، قال: «حنين، ما رأيك أن يكون الخميس المقبل موعد الزفاف؟». أرادت أن تطلق زغرودة لولا أنّ يوسف وضع كفّه على ثغرها، «انتبهي، الناس بدأوا ينظرون إلينا». فوجئ أن جميع مَن في المقهى وقفوا حول الطاولات وأخذوا يصفّقون للعاشقَين.

كأنهما في حلم! ضمته لصدرها بقوة وراحت ترقص كفراشة، آه وأيّ آه في غيابك تكوي كجمر؟ كم اتشوق إليك يا حبيبي يوسف وأنت مع رفاقك قابضين على سلاحكم بإيمان، تحرسون الحبّ والبيوت والناس والحياة، ليبقى لنا وطن تحت الشمس؟ الأيام والشهور تمرّ ولم نلتق؟ كم يوجعنا غيابك؟ اشتقتلك!

حسن ابراهيم الناصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى