أخيرة

دلالات مبادرة أنصار الله…
الحكومة السعودية في مأزق مزدوج

 حسن حردان

شكلت المبادرة التي أعلنتها حركة انصار الله، وتتضمّن عرض مبادلة ضباط سعوديين أسرى لديها بالمعتقلين من حركة حماس لدى السلطات السعودية، وهي خطوة مفاجئة للحكومة السعودية، وغير مسبوقة على المستوى العربي، حيث للمرة الأول تقدم حركة سياسية عربية على هذا الإجراء الذي يحمل في طياته دلالات هامة سيكون لها بكلّ تأكيد أبعاد وانعكاسات على الواقع العربي، والصراع العربي ـ الصهيوني، تقوّي، من جهة، التعاضد والتعاون والتنسيق بين حركات المقاومة والتحرر العربية، وتضعف، من جهة أخرى، موقف الحكومة السعودية وتجعلها في مواجهة مأزق مزدوج

أولاً، تعبّر المبادرة عن الأبعاد النضالية والكفاحية العربية والقومية التي تتميّز بها حركة انصار الله، التي على الرغم من أنها منشغلة في مواجهة أشرس حرب إجرامية تتعرّض لها اليمن، إلا انها تعطي الاهتمام لقضية فلسطين وتدرجها في صدارة أولوياتها، وهي في كلّ المحطات، عبّرت قولاً وفعلاً، عن التزامها الوقوف إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ضدّ الاحتلال الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين

ثانياً، توكد أنّ المعركة ضدّ العدو الصهيوني والأنظمة الرجعية المتآمرة معه على قضية فلسطين، إنما هي معركة واحدة تعني أنصار الله، كما تعني حركات المقاومة كلها والفلسطينية بشكل خاصانّ انتصار اليمن على العدوان السعودي الأميركي هو انتصار لفلسطين، كما أنّ انتصار فلسطين هو انتصار لليمن.. فالنظام السعودي يقف في الخندق الأميركي الصهيوني الساعي لتمرير وفرض خطة القرن لتصفية القضية الفلسطينية

ثالثاً، توجه ضربة قوية وقاصمة لمخطط الحرب الناعمة الأميركي الصهيوني الذي يستهدف تمزيق وتفتيت وحدة جماهير الأمة العربية، عبر اثارة الفتن المذهبية والطائفية، ومعروف انّ الحكومة السعودية تلعب دوراً خطيراً في تنفيذ هذا المخطط  من خلال دعم قوى الإرهاب التكفيري، الوهابي المنشأ، لضرب دول وقوى المقاومة في المنطقة، والتحريض ضدّها مذهبياً في محاولة للنيل من الالتفاف الشعبي حولها، وإضعافها..

رابعاً، تؤكد انّ أطراف جبهة المقاومة تعمل في إطار مشترك تسند وتدعم بعضها بعضاً، وهذا سيكون له تأثير كبير على صعيد تعزيز وترسيخ قيم وأخلاقيات المقاومة المبدئية الثورية وبالتالي جعل إيقاعها متناغماً مما يؤكد أهمية انتصار المقاومة اليمنية التحررية وتحوّل اليمن ليصبح جزءاً لا يتجزأ من محور المقاومةوهو ما يزيد من قلق المستعمرين والمحتلين الصهاينة والأميركيين والرجعيين العرب

خامساً، انّ المبادرة تضع الحكومة السعودية أمام مأزق مزدوج، فهي إذا وافقت على المبادلة فإنها تكون قد تلقت ضربة موجعة وهزيمة قاسية، على أيدي أنصار الله الذين نجحوا في إضعاف الدور الرجعي للسلطة السعودية عندما تمكّنوا من إحباط أهداف حربها العسكرية والسياسية على اليمن، واستنزفوا قدراتها الاقتصادية والمالية، التي كانت توظف في التآمر ضدّ الدول والأنظمة الوطنية التقدمية وحركات المقاومة العربية ضدّ الاحتلال والاستعمار الغربي. أما إذا رفضت المبادلة فإنّ الحكومة السعودية ستكون مكشوفة في الداخل السعودي، حيث ستتهم، من جهة، بأنه لا يهمّها إنقاذ الضباط السعوديين من الأسر، وهو أمر سيترك أثراً سلبياً في صفوف الجيش السعودي، يضعف من عزيمة الضباط والجنود في ميادين القتال، ومن جهة ثانية، يكشف انّ الحكومة السعودية قبلت الخضوع لطلبات واشنطن وتل أبيب على حساب المصلحة السعودية في استعادة ضباط سعوديين أسروا في الحرب التي تشنّها الرياض وواشنطن على اليمن، منذ خمس سنوات

 اننا أمام مبادرة تعبّر عن أصالة عروبية ثورية مبدئية، والتزام وطني وقومي بقضية فلسطين، تتوّج انتصار الخط الثوري التحرري الذي تنتهجه حركة أنصار الله، والقوى الوطنية اليمنية على العدوان السعودي الأميركي، وتؤكد انّ المبادرة إنما تكرّس انتقال زمام المبادرات الهجومية، عسكرياً وسياسياً، لتصبح بيد أنصار الله واللجان الثورية…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى