الوطن

قضيّة فلسطين
سوريّة ولبنانيّة أيضاً!

} د. وفيق إبراهيم

هذا لا ينزع عن قضية فلسطين عروبتها وبعديها المسيحي والإسلامي وبالتالي العالمي.

والمراد هنا أن مصر والاردن والسلطة الفلسطينية اولاً والإمارات والبحرين ثانياً بانتظار موجات جديدة من المطبّعين بقيادة سعودية تستلهم أوامر أميركية. كل هؤلاء يسيئون لفلسطين، مجتاحين حقوقاً لبنانية وسورية إضافيّة يحتلها العدو الإسرائيلي برعاية أميركية.

للإشارة فإن حرب 1967 أدت الى اقتطاع سيناء المصرية والجولان السوري ومزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر وقسم من الشريط الحدودي البري والبحري الذي يفصل لبنان عن فلسطين المحتلة.

واذا كان استسلام الرئيس المصري السابق أنور السادات لـ»اسرائيل» أعاد سيناء الى مصر إنما من دون سيادة حقيقية لأن «اسرائيل» لا تزال تمتلك حتى الآن حق الاعتراض على اي قوة أمنية مصرية تريد الدخول الى عمق سيناء، كما انها ظلت تستثمر في غاز هذه الصحراء حتى العقد الأخير.

بالمقابل نال الكيان المحتل انسحاب مصر من النظام العربي واعترافه بحدودها من دون اي اشارة في نص الاعتراف المتبادل على اراضٍ سورية ولبنانية محتلة.

اليوم يكرر الإماراتيون والبحرانيون الجريمة نفسها فيعترفون بـ«إسرائيل» مع هتافات شفهية حول حق الفلسطينيين بدولة ضمن اراضي الـ 1967 مع تعديلات يتفق عليها طرفا المعاهدة.

ماذا يعني هذا الكلام؟ إنه إقرار إماراتي بحراني مصري أردني ومن السلطة الفلسطينية ايضاً ان فلسطين هي غزة والضفة القابلة للتعديل حسب انتشار المستوطنات الإسرائيلية عليها.

إن هذه الاتفاقات التطبيعية الخمسة المتدرجة منذ 1979 وحتى 2020 باعت فلسطين بشكل واضح بذرائع البحث عن سلام مفترض يتبين بالتدقيق في شروطه أنه استسلام كامل وإنهاء لقضية فلسطين بشعر عربي ركيك.

لكن هذا الأمر ليس إلا جزءاً من غدر الأشقاء السابقين المفترضين الذين اصبحوا اكثر سُماً من الأعداء.

فهؤلاء باعوا أيضاً الأراضي السورية واللبنانية المحتلة، فاتحين ثرواتهم للاستثمار الاسرائيلي ومشرعين الباب لحركة تطبيع قد تشمل عُمان وقطر والسعودية واليمن الجنوبي الذي يترأسه منصور عبد ربه هادي المقيم في قصور آل سعود في الرياض وهو شبه مقعد، من دون نسيان السودان الذي يريد مساعدات مالية مع سحب اسمه من دوائر العقوبات الدولية والأميركية ليدخل في هذا التطبيع، اضافة الى جيبوتي وجزر القمر.

لكن التدقيق في هذا العدد الذاهب الى التطبيع يستدعي التفتيش عن دورها في قضية فلسطين ومدى دعمها لها.

فيتبين على الفور ان قضية فلسطين تحوّلت منذ الاتفاق الذي وقعه القائد الفلسطيني السابق والراحل ياسر عرفات مع الاسرائيليين في اوسلو 1993، اصبحت قضية فلسطينيي الضفة الفلسطينية وغزة وسورية وحزب الله اللبناني بدعم عراقي مقبول وإيراني مفتوح بالمال والسلاح والتدريب والإيواء والإعلام.

هذه هي المساحات التي لا تزال تتحرك فيها قضية فلسطين منذ ثلاثة عقود الأقل وسط جمود خليجي ولامبالاة مصريةأردنية والى حدود تجميد اي دور فلسطيني حتى الإعلامي منه في اراضيها.

بما يكشف ان تحالفاً مصرياً اردنياً مع السلطة الفلسطينية بتأثير خليجي وبرعاية اميركية، كان دائماً يميل الى انهاء القضية الفلسطينية عبر أي حل ولو كان في غزة بمفردها.

وأسباب هذا التحول الذي نقل الخليج ومصر من التأييد الخطابي للفسلطينيين الى مرحلة استعدائهم، هو التراجع الأميركي في الشرق الاوسط الذي يهدد الاحادية القطبية الاميركية.

فجرى الاتفاق على إنهاء القضية الفلسطينية بسحب مداها العربي القومي وإيقاف المساعدات الخليجية وتلك الواردة بالإكراه من جامعة الدول العربية لصاحبها أبو الغيظ وشركاه الأونروا واليونيسكو.

بما يؤدي الى تشكيل حلف عربياسرائيلي يزيد من عزلة إيران، مضعفاً الفلسطينيين الى حدود قبولهم بكانتون صغير من غزة وجزء من غزة بانياً سوراً كبيراً في وجه التقدمين الروسي والصيني.

لذلك تأتي عمليات التطبيع لفرض محاولات للقضاء النهائي على قضية فلسطين وتشريع الاحتلال الإسرائيلي للجولان المحتل والاراضي اللبنانية في الجنوب وعند الحدود.

فإذا كانت العلاقات بين سورية والخليج مقطوعة، فإن على الدولة اللبنانية ان تسأل هذا الخليج عن اسباب اعترافه بإسرائيلية أراضيها المحتلة؟

كما انه يجب عليها وفي هذه المرحلة بالذات إصدار بيان يؤكد على لبنانية اراضيها المحتلة وانها غير مستعدة للتنازل عنها وسط أي ظروف قاهرة او ضاغطة، علماً ان محاولات تفتيت سورية المتواصلة منذ 2011 ارادت ايضاً إنهاء مركزيتها في الشرق وتدمير القضية الفلسطينية وإلحاق الجولان بـ«إسرائيل».

يتبين بالنتيجة أن الخليج باستثناء الكويت ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية يعتديان بكل تأكيد على فلسطين، لكنهما يصيبان ايضاً لبنان وسورية في إلغاء أي كلام عن اراضيهما المحتلة في تطبيعهم مع «إسرائيل» عند ولي الأمر الأميركي.

بالنتيجة، فإن قضية فلسطين مستمرة بالصمود لأن العناصر المكوّنة لها في الضفة وغزة ولبنان وسورية والحشد الشعبي في العراق بتأييد إيراني لا تزال حاضرة، وتتهيأ لتأكيد استمرارها بدعم الداخل الفلسطيني الذي ابتدأ بإطلاق صواريخه من غزة محتقراً اتفاقيات التطبيع في البيت الأبيض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى