أخيرة

شر البلاء

أن يكون إنكار المقاومة وشتمها والتبلّي عليها والمطالبة بالتخلّص منها هو أداة لنيل الرضا والقبول في بعض الحاضنات الشعبية أو الطوائف، سمّها ما شئت، فإننا بإزاء حالة لاأخلاقية مغرقة في تنحّيها جانباً عن أيّ قدر من العرفان في أفضل الأحوال، ومنحازة الى حالة العهر القيمي والاستشراف الضالّ للحقيقة.

ولكن ما يبعث على الأسى والتأسّي انّ الحال كان هكذا على مرّ التاريخ، وأنّ النزعة الطبيعية للإنسانية هي في الأصل مجانبة الخير والانتصار للشرّ، استئناس الشعبوية ونبذ الفضيلة إلّا من رحم ربي. وقمين بالنهج الخيري أن يقاتل بشراسة، وان يقدّم التضحيات حتى يحقّ الحقّ وحتى تنجلي تباشير الخير ويدرك الناس أين الحقّ من الباطل، ولكنهم او لنقل جلهم ميّالون الى التشبّث بأكثر الأفكار ضحالة وغثاثة، ويستسهلون هضم ما هو سهل الهضم كثير الضرر دونما حاجة الى إعمال العقل والتروّي والجهد في استئصال الخبيث من الطيب.

 كان هذا في الماضي ومستمرّ هو الآن، وسيظلّ كذلك حتى نلاقي الله فينبئنا بما كنّا فيه مختلفين، يتنطح بعض من الساسة في لبنان ـ وليست لبنان استثناء، ولكنها فاقعة ـ للتبرّؤ من المقاومة وتحميلها إفلاس الدولة وما تعانيه البلاد من البلاء، عملية إسقاط نفسي نموذجية، ثم يطالبون ببجاحة قلّ نظيرها بنزع سلاح المقاومة، خطاب مدفوع الثمن، ولكن المخزي ليس الخطاب بذاته، ولكن التعويل عليه لنيل الأصوات والوصول الى منطقة القرار…!

 عبث شيطاني في كيمياء العقول وتقليب لمنطق المعيرة والاستشراف من خلال السيطرة بالمال القذر على وسائط الإشعاع والتوجيه، بحيث يصبح السفيه حكيماً، ويصبح الساقط مبشراً، بينما يدفع الذي وضع روحه على كفه من أجل كرامة الوطن، ومن أجل سموّه وعلوّه وفخاره بأنه السبب في بلاء الوطن وإفلاسه. مشهد آخر دراماتيكي يستدعي من الواحد فينا ان يذرف الدمع على القاع الذي من الممكن للإنسانية ان تبلغ دركه.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى