أولى

التصويت المجدي من فرنسا إلى لبنان

– منذ الانتخابات الرئاسيّة في فرنسا عام 2002 ظهر مصطلح التصويت المفيد الذي انطلق من واقعة إقصاء رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ليونيل جوسبان عن الدورة الثانية، بعدما كان يحمل حظوظ فوز كبيرة بوجه جاك شيراك لو تمكن من بلوغها، وخسر الفرصة بفارق 0,7% عن مرشحة اليمين المتطرّف ماري لوبان المعلومة سلفاً حتمية خسارتها أمام شيراك. وكان مغزى المصطلح مخاطبة مؤيدي الوسط واليسار الذين صوّت كل منهم لمرشحه المؤكد الخسارة في الدورة الأولى، ماذا لو فكروا بالتصويت المفيد ومنحوا أصواتهم لجوسبان للحصول على خيار أفضل من ثنائية شيراك ولوبان ما داموا يرفضونها.

– يتكرّر المصطلح عشية الانتخابات الرئاسية الفرنسية الحالية مع احتمال تكرار ثنائية امانويل ماكرون وماري لوبان، بينما ينال جان لوك ميلانشون نسبة تصويت أقلّ بعدة نقاط من لوبان، في ظل توزع تصويت اليسار والوسط على مجموعة مرشحين لن يُكتب لهم حتماً حظ الوصول الى الدورة الثانية، كما تستخدمه لوبان في مخاطبة مؤيدي المرشح اليمني المتطرف اريك زمور لدعوتهم للتصويت لها لتعزيز وتحصين فرص وصولها الى الدورة الثانية أمام مخاطر تصويت كتل اليسار والوسط لحساب ميلانشون لضمان إيصاله بدلاً من لوبان الى منافسة ماكرون في الدورة الثانية.

– في لبنان بدأ المصطلح بالتسرّب مع وجود لوائح عديدة تمثل الخيار الواحد وتوزع الأصوات بينها بصورة قد تحول دون نيل أي منها بلوغ الحاصل الانتخابي لمقعد واحد، بينما مجموع الأصوات التي قد تنالها هذه اللوائح يضمن أحياناً أكثر من مقعد لكنه يتبدّد بالتشتت وراء عدة لوائح.

– في قلب اللوائح الواحدة من كل الألوان يتم التداول بالمصطلح ولو بأسماء جديدة مثل التصويت الفعال الذي يستخدمه ميلانشون في فرنسا بدلاً من التصويت المجدي أو المفيد الذي يستخدمه خصومه، فاللوائح التي تضمن حواصل انتخابية عدة تدرس كيفية توزيع تصويتها التفضيلي لمرشحيها لضمان وصول المرشحين الأشدّ أهمية في الحساب السياسي. وهذه الحالة تصح في الكثير من اللوائح.

– في اللوائح التي يجهد مرشحوها لجذب مصادر تصويت تفضيليّ داعم لهم، سواء من حلفاء سيدعمون اللائحة التي يترشّحون عليها، أو من كتل مستقلة ستمنح التصويت للائحة، وحجة طلب التصويت التفضيلي تنطلق من القاعدة ذاتها، أي لماذا تمنحون تصويتكم التفضيلي لمرشح لن ينجح ولو كان الأقرب لكم، ولا تمنحون تصويتكم لمرشح أقل قرباً لكنه أفضل حظوظاً في الفوز، بدلاً من أن يفشل المرشحان وينال الفوز مرشح لا يعنيكم وصوله.

– في فرنسا تكرّر الحث على التصويت المفيد والمجدي والفعال، منذ عام 2002، ورصدت الشركات الإحصائيّة استخدامه قرابة 1500 مرة في الانتخابات الأخيرة، لكن تأثيره لم يغيّر الفرص رغم تجاوب شرائح واسعة مع الدعوة إليه وسبب الفشل بقاء تصويت الدورة الأولى تصويت القناعات، كما هي العادة العفوية والتلقائيّة.

– في فرنسا كما في لبنان ستكشف نتائج الانتخابات عما إذا كان الذكاء الانتخابي سيظهر فعالية الدعوة للتصويت المجدي؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى