أولى

التعليق السياسي

الأسود المنفردة والذئاب المنفردة

يتمّ استخدام مصطلح الذئاب المنفردة بكثافة في الإعلام الغربيّ للإشارة الى إحدى حالتين، الأولى هي البقايا التي لم تتم تصفيتها بعد ربح حرب على تنظيم إرهابيّ كتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش، والتي تعمل دون قيادة وتضرب خبط عشواء، والثانية هي الحالات التي تمّ التحاقها بالتنظيمات الإرهابيّة من خلال متابعة مواقع الكترونيّة تحمل فكر هذه التنظيمات وتدرّب على استخدام تقنياتها، دون أن يكون هناك رابط هيكليّ لهذه الحالات بالتنظيمات المركزية.

جرت محاولات إسرائيلية ولا تزال تجري لإطلاق هذا الوصف على أبطال المقاومة الفلسطينية الذين ينفذون عملياتهم البطولية التي تسقط منظومة الأمن الإسرائيليّ وتكشف تداعي قدرتها الاستخبارية، وهذا التوصيف لا ينطبق على هذه الحالة مطلقاً، لأننا لسنا أمام بقايا تنظيمات تمّت تصفيتها ولا أمام حالات انتظمت مع جهة خارج السياق التقليديّ، بل نحن أمام شكل من المقاومة الشعبيّة الوطنية التي اختطت لنفسها سياقاً مبتكراً يسقط قدرة جيش الاحتلال واستخباراته على النجاح في تعطيل عمليات المقاومة أو الاحتياط لمواجهتها.

مصطلح الذئاب المنفردة قد يصلح في الحالة التي يستخدم فيها عند الحديث عن التشكيلات الإرهابية، لأن التشبيه بالذئاب ينطلق من حقيقة كون الذئاب تهاجم وتتنقل كقطعان، والذئاب المنفردة هي ذئاب تاهت عن القطيع أو تمّ إبعادها عنه، بينما في حالة المقاومة الفلسطينية الشعبية فالتشبيه الأقرب موضوعياً هو الأسود المنفردة، ليس فقط لحضور عنصر الشجاعة والبطولة والقوة، بل أيضاً لأن الأسود تقاتل وتتنقل منفردة أو كثنائيّ وثلاثيّ كحد أقصى، وفي هذا انطباق على حالة الأفراد والمجموعات التي تمثل الظاهرة الجديدة للمقاومة الفلسطينية الشعبية.

أسود منفردة لا ذئاب منفردة، مصطلح للتعميم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى