ثقافة وفنون

مسعى فلسطينيّ لمقاومة خطط إخلاء إسرائيليّة من خلال جداريّات فنيّة للعيون

} القدس ـ وكالة شينخوا 

حين تسير على طول الحائط الجنوبي للبلدة القديمة في سلوان شرق القدس تجذبك الرسومات لعيون قادة ومفكرين وشهداء فلسطينيين وعالميين، وهي توجه أنظارها بعيداً لجهة منحدر التل المجاور لأسوار القدس والمسجد الأقصى، فيما توحي عيون أخرى كما لو أنها تريد أن تروي قصصاً للمارة.

إنه ليس معرضاً أو جداريات فنية عادية، وإنما مسعى فلسطيني جديد لمقاومة خطط إسرائيلية لإخلاء السكان الفلسطينيين من بيوتهم.

وبالتدقيق قليلاً في الرسوم، ينتاب المشاهد إحساس مختلط، فتارة يرى عيوناً هادئة وأخرى تعكس الحزن.

وقامت على رسم الجداريات مجموعة من الفنانين الفلسطينيين والأجانب ضمن «مشروع فن الشارع» الذي أطلقه سكان محليون العام 2016 يسمى «أنا شاهد على سلوان».

وقال رئيس لجنة حي بطن الهوى في بلدة سلوان زهير الرجبي لوكالة أنباء (شينخوا) إن إطلاق المشروع تم بعد أن تلقى بعض سكان البلدة أوامر الإخلاء وأوامر هدم لمنازلهم من السلطات الإسرائيلية.

وأضاف أن هذه الجداريات تصوّر عيون شخصيات ورموزاً محلية وعالمية تحتوي على عبارات وطنية تشجع السكان على الثبات والصمود ضد كل الإجراءات الإسرائيلية التعسفية.

وأوضح الرجبي أن سكان حي بطن الهوى في سلوان تلقى وحده 87 أمر إخلاء يؤثر على 700 نسمة.

والرجبي هو أحد السكان المهددين بالإخلاء رغم أنه يمتلك عقداً لملكية المنزل، مشيراً إلى أن جده ووالده يعيشان في البلدة منذ أكثر من نصف قرن.

وأضاف «هذا منزلنا ولن نتنازل عنه للمستوطنين».

ومن أجل الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، استخدم سكان سلوان بشكل أساسي الوسائل القانونية للنضال ضد إخلائهم، بحسب الرجبي.

ومع ذلك، هدمت السلطات الاسرائيلية العديد من المنازل فيما تم إخلاء منازل أخرى بالقوة، مما يعني أن هذا الملف لم يحظ باهتمام كاف من الإسرائيليين والعالم، على حد تعبير الرجبي.

ولجأ الأهالي إلى الفن عبر جداريات العيون على أمل التعبير عن مطالبهم واسماع صوتهم من خلاله.

وقال الرجبي إن «رسم جداريات العيون هي رسالة تعبر عن مشاعرنا ونخاطب بها شعور الإنسان، بأننا كفلسطينيين لدينا الحق في العيش هنا، وليس للمستوطنين الحق في طردنا وتهجيرنا من منازلنا».

وحتى العام 2021، رسم متطوّعون فلسطينيون بمشروع «أنا شاهد على سلوان» حوالي 20 زوجاً من العيون العملاقة على جدران بيوت سلوان، وشارك في النشاط فنانون متضامنون أميركيون وإسرائيليون.

ولا يقتصر أصحاب العيون على شهداء من سلوان أو سكان تلقوا أمر إخلاء، ولكن أيضاً الكوبي الشهير تشي جيفارا، وجورج فلويد الذي قتل على يد ضابط شرطة أميركي أبيض خنقاً العام 2020.

وأبرز الرجبي أنه من أجل تجميل الحي قام الفنانون أيضا برسم العديد من الزهور والطيور.

وتابع أن هناك توترات يومية تحدث في الحي بين الفلسطينيين والإسرائيليين جراء هجمات المستوطنين على سكان البلدة، واعتداء الجيش الإسرائيلي على السكان بالضرب أو الاعتقال، الأمر الذي يجعل الناس يعيشون في وضع صعب، معبراً عن أمله في أن توفر الجداريات الفنية الراحة النفسية لسكان البلدة والتخفيف من معاناتهم.

من جانبها، قالت العشرينية جنان مسودة، فنانة غرافيتي من بلدة سلوان لوكالة أنباء ((شينخوا)) «نحن لجأنا إلى الفن للتعبير عن قضيتنا لأنه اللغة الوحيدة التي يفهمها الجميع حتى مع اختلاف اللغات»، موضحة أن الفن والرسم له دور قويّ في ايصال الرسالة مثل الكتابة والغناء والشعر.

وأضافت مسودة «لقد اخترنا الرسم بسبب وجود أعداد كبيرة من المستوطنين في سلوان، ونحن نخاطبهم من خلال جداريات العيون الضخمةلتخبرهم بأنها تراقبهم وشاهدة على ما يقوم به الاحتلال من اجراءات واضطهاد.

وبالإضافة إلى الجداريات، رسمت العديد من الأعلام الفلسطينية على الجدران وصورة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش وشعره الشهير (وطني ليس حقيبة، أنا لست مسافراً).

وتظهر إحصائيات نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن «إسرائيل» هدمت 69 منزلاً في سلوان العام 2021 وأصدرت 172 أمر هدم لسكانها، ما وضع 5600 شخص في البلدة تحت التهديد بالهدم، بعد ذلك يسكن المستوطنون في البلدة الواحد تلو الآخر.

وتشير الإحصاءات إلى أنه يوجد حالياً 58500 فلسطيني في سلوان بالإضافة إلى 2800 إسرائيليّ في أكثر من 78 بؤرة استيطانية، بعضها تعلق على جدرانها الأعلام الإسرائيلية.

وأكد الرجبي أن مشروع رسم الجداريات سيستمر، قائلا «إننا نريد الحرية والعيش بسلام، ولا نؤيد القتل والإرهاب، ونريد أن يكبر أولادنا ويعيشون حياة طيبة وهذه هي المشاعر والرسالة التي نريد التعبير عنها من خلال الإبداع الفنيّ».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى