الوطن

مؤتمر المغترب اللبناني في نقابة المحامين: لحماية حقوقه وسياسات تُحاكي خصوصيّة الانتشار

انعفد أمس مؤتمر «المغترب اللبناني – واقع وتحدّيات»، في «اليوم العالمي للمغترب اللبناني»، بدعوة من نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار ولجنة حماية حقوق المغترب اللبناني، وذلك في نقابة المحامين في بيروت – بيت المحامي، برعاية وحضور زير الخارجيّة والمغتربين في حكومة الأعمال عبد الله بوحبيب. كما حضر وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، النواب: مقرِّر لجنة الشؤون الخارجيّة والمغتربين في مجلس النوّاب هاغوب بقرادونيان، قبلان قبلان وناصر جابر، النقيب كسبار وأعضاء مجلس نقابة المحامين، رئيس الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم عبّاس فوّاز، ممثلو عدد من السفارات وديبلوماسيون، رئيس الاتّحاد العمّالي العام الدكتور بشارة الأسمر وحشد من المغتربين وكبار الموظّفين.
ورأى بو حبيب «ضرورة التفكير بوضع سياسات تُحاكي خصوصيّة الانتشار والاغتراب اللبناني، جغرافيّاً وربّما قطاعيّاً ومهنيّاً ليُستفاد منها لملاقاة واقع وطموحات المغتربين»، داعياً إلى «ورشة عمل بين نقابة المحامين ووزارة الخارجيّة والمغتربين لوضع خارطة طريق للنهوض بالاغتراب».
ورحّب بـ»مساهمة النقابة، بالتعاون مع مجلس النوّاب، في أيّ ورشة مستقبليّة لتحديث القوانين المتعلِّقة بالمغتربين».
وألقى الدكتور في القانون الدولي سامر بعلبكي كلمة لجنة حقوق المغترب اللبناني، أكد فيها «أنّ علاقة لبنان بمغتربيه يجب أن تنطلق من خطّة تضعها الدولة تسعى من خلالها لإشراكهم في الحياة العامّة والحفاظ على حقوقهم». فيما اعتبر كسبار في كلمته أنّ المغتربين «هم العصب والركيزة العلميّة والاقتصاديّة والماليّة لوطنهم»، مشيراً إلى أنّ «للمغتربين حقوقاً علينا. يجب الحفاظ على مصالحهم وعلى أملاكهم في لبنان. ودائعهم في المصارف، عقاراتهم والأراضي غير الممسوحة بالإضافة إلى وجوب تشجيعهم على تسجيل أبنائهم في سجلاّت النّفوس وعدم تعقيدها وفرض الشروط التعجيزيّة. كما وتسهيل استعادة الجنسيّة لهم ولأبنائهم».
من جهته، عرض فوّاز نبذةً عن الجامعة الثقافيّة في العالم وما اعتراها من عثرات والجهود التي بُذلت لتذليل العقبات «إيماناً منّا بالدور المُناط بعالم الاغتراب اللبناني الذي لطالما شكّل ضمانةً اجتماعيّةً وماليةً واقتصاديةً خصوصاً في خضم الظروف القاسية غير المسبوقة، التي نمرّ بها حاليّاً، عبر تحويلاتهم الماليّة واستثماراتهم الدائمة، علماً بأنّ المقيم والمغترب لا يستطيع أن يطال ما يرغب من مدّخراته وودائعه، كما نشهد إقفال الكثير من المؤسّسات والشركات ما انعكس سلباً على الوضع العام في البلد، ما فاقم من الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة».
وأعلن أنّ «هذا الواقع المستجدّ يُحمّلنا كمغتربين مسؤولية إضافيّة في سلّم الحلول، ولا سيّما في استمرار الدعم الاقتصادي عبر الاستثمار في مؤسّسات إنتاجيّة، وحسب إحصاءات البنك الدولي قاربت مساهمة المغتربين في الاقتصاد الوطني 38 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما يؤكّد أيضاً أنّ المغتربين اللبنانيين يُمثّلون ركيزة أساسيّة في الاقتصاد الوطني، رغم ما تعرّض له المودعون المغتربون من ظلامة وضياع لمدّخراتهم وجنى عمرهم في المصارف اللبنانيّة، وأيضاً مع عدم وجود حوافز تشجع المغتربين على الاستثمار (التي يحصل عليها المستثمر العربي والأجنبي) لكن مع هذا أؤكّد لكم أنّهم مستمرّون في استثماراتهم الإنتاجيّة رغم كلّ الصعاب والنكسات والمظالم التي تعرّضوا لها».
وختم متوجّهاً إلى المغتربين بالقول «أنتم بقعة ضوء في الأيّام الحالكة، أوجّه لكم كلّ التحايا، أعبّر لكم عن التقدير لما تبذلون، إلى الأمام دائماً، معكم زادت مساحات الوطن، معكم زادت معرفة وتقدير العالم لوطنكم، معكم اكتسب الوطن صداقات وعلاقات مع شعوب ومسؤولي دول كثيرة، معكم الوطن لا يموت، حافظوا على مجتمعاتكم وجالياتكم. انبذوا الخلافات من بينكم، حافظوا على تراثكم وثقافتكم، حافظوا على لغتكم الأم، اللغة العربيّة، نحن في الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم إلى جانبكم في كلّ آن».
بدوره، حيّا النائب بقرادونيان المغتربين وقال «تسميات عديدة استُخدمت منذ القدم: الشتات، الانتشار، الاغتراب، لبنان المقيم ولبنان المغترب. أمّا الحقيقة الأليمة عبر التاريخ فتبقى بأنّ لبنان لم يستطع تلبية حاجات وتطلّعات وطموحات أبنائه الذين فضّلوا ترك الأرض والأهل واللجوء إلى الخارج، حاملين معهم هموم العائلة والبلدة والمنطقة والشوق إلى الماضي، آملين أن يعودوا يوماً للعيش الكريم مع أهلهم وفي بيئتهم الطبيعيّة».
وتابع «على مقاعد الدراسة كنّا نتعلّم في كتب التاريخ والجغرافيا بأنّ مساعدات المغتربين الماليّة لعائلاتهم تساهم نسبيّاً في معيشتهم واستكمال أعمالهم. وفي رحلات مدرسيّة إلى المناطق اللبنانيّة، كنّا نرى منازل فخمة وقصوراً كبيرة يقولون إنّها من أموال المغتربين. وأذكر كيف كنّا نتحدث مع زملائنا بأن نترك لبنان ونُهاجر ربّما نتمكّن من امتلاك بستان شاسع أو شقّة فخمة أو قصراً كبيراً».
وأضاف «أمّا اليوم وفي ظلّ الواقع المرير لا بل السوريالي الإليم الذي نعيشه، لا نتحدث عن قصر أو شقّة أو قطعة أرض بل عن لقمة عيش ونصف قسط مدرسة وبدل نقل وربطة خبز وحبّة دواء ومجمع حليب، وننظر إلى الاغتراب ليمدّ لنا يد العون، وبذلك نكون نحن المقيمين، نقضي على أحلام الشباب المغتربين ونحصر طموحاتهم بالعمل في الخارج لمساعدة عائلاتهم فقط». وأكّد أنّ «الاغتراب اللبناني هو الطاقة المتكاملة للبنان المُقيم، فهو ليس مصدر أموال ومساعدات لا بل طاقة وثروة»، مشيراً إلى أنّ «مسؤوليتنا هنا تكمن في الاهتمام به».
وختم «صحيح أنّ الشمس لا تغيب عن العلم اللبناني، وكيّ لا يتحوّل الاغتراب إلى غربة والبعد إلى جفاء، علينا أن نُحافظ على قدسيّة هذا العلم بشراكة تامّة متكاملة، ربّما نُنجز مع الاغتراب ما لم نُنجزه هنا على أرض الوطن».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى