مانشيت

عبداللهيان: على باريس التوقف عن العنف وانتهاك حقوق الإنسان في مواجهة الاحتجاجات/ اعتراف أميركي بعملية استهداف ناجحة في دير الزور… وإعلان عدم رغبة بالتصعيد/ ليف تخاطب الرياض من بيروت: لن نترك لبنان لكم بعد التفاهم مع طهران برعاية بكين/

كتب المحرّر السياسيّ
لم تمر مشاهد باريس الدموية، والتي أظهرت حجم الوحشيّة في تعامل الشرطة مع المتظاهرين، دون تعليق أو ردّ، وقد اعتاد الغرب أن يرتكب الجرائم ويقدم العظات والتوجيهات حول كيفية احترام حقوق الإنسان، وها هي المحكمة الدولية التي تعامت عن جرائم أميركا في العراق وأفغانستان، وتتعامى عن الجرائم الإسرائيلية المستمرة والمتمادية بحق الشعب الفلسطيني، قامت بسرعة قياسية بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بذريعة الدفاع عن حقوق الطفل. وفي هذا السياق جاء موقف وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، الداعي الحكومة الفرنسية لوقف العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في التعامل مع الاحتجاجات التي تملأ شوارع فرنسا ويسقط فيها عشرات الجرحى كل يوم على مدى أسابيع. وكلام عبد اللهيان يأتي بعدما نجحت إيران في احتواء الاحتجاجات السلمية والسيطرة على أعمال الشغب والاستهداف الأمني الموجّهة من الخارج، وبعد التفاهم مع السعودية التي كان يشكل الخلاف معها مصدراً تتغذى منه الأحداث داخل إيران، وكانت باريس كل يوم تخرج ببيان يتهم السلطات الإيرانية بانتهاك حقوق الإنسان وتدعو لوقف العنف.
في المشهد الإقليمي تصدّر الإعلان الأميركي عن نجاح عملية استهداف القواعد الأميركية في منطقة شرق سورية بإلحاق خسائر بشرية كناية عن قتيل وخمسة جرحى، مع الإعلان عن ردّ أميركي باستهداف قواعد لقوى المقاومة في المنطقة، مع التأكيد بعدم وجود نية أميركية بالتصعيد، ومعلوم وفقاً للبيانات الأميركية والإسرائيلية والدراسات الصادرة في واشنطن وتل أبيب أن العملية وما سبقها من عمليات مشابهة وما سيليها، تأتي رداً على الغارات الإسرائيلية داخل سورية، في جانب منها، ورفضاً للاحتلال الأميركي في الجانب الآخر، وفيما واشنطن تشجع الاسرائيليين على مواصلة غاراتها، وتتمسك ببقاء احتلالها، لا يمكن لها أن تتوقع وقف العمليات ضدها، بينما وضعت مصادر سياسية البيان الأميركي محاولة لتحويل العملية التقليدية الى منصة سياسية لإيصال رسالة مضمونها النية الأميركية بالمشاغبة على مناخات إيجابية تجاه سورية سواء من تركيا او من دول الخليج، تتمة لما سبق وقاله رئيس أركان الجيوش الأميركية مارك ميلي في زيارته لمنطقة شرق سورية وتأكيد بقاء قواته فيها، رغم عدم وجود أي صيغة قانونية وشرعية تبرر تمركز قواته في سورية.
في لبنان رسالة مشابهة حملتها جولة معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف، في جولة على المنطقة هي الأولى بعد إعلان الاتفاق الثلاثي الصيني السعودي الإيراني، لم تحمل أي مضامين جديدة سياسياً او اقتصادياً، وليف صاحبة وصايا الفوضى والمزيد من الانهيار أملاً بتغيير المعادلة بوجه المقاومة، تبدو زيارتها وفقاً للمصادر السياسية المتابعة نوعاً من الرسالة الضمنية للسعودية تقول إن واشنطن لن تترك لبنان للسياسات السعودية كما كان الحال قبل الاتفاق السعودي الإيراني، وإن ما كان قبل الاتفاق غير ما بعده.

وفيما لم يحمل المشهد السياسي تطوّرات جديدة بظل استمرار المراوحة بالملف الرئاسي، خطفت زيارة مساعدة وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشّرق الأدنى باربرا ليف لبيروت الأضواء.
واستهلّت ليف جولتها ترافقها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، بزيارة رئيسَ الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في كلمنصو، فاستقبلها بحضور رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، والنائب راجي السعد، حيث كان عرض لمجمل الأوضاع والتطورات السياسية. بعدها انتقلت الى عين التينة واجتمعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أن تحط في وزارة الخارجية للقاء الوزير عبدالله بوحبيب وتمّ البحث في التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان وما يجري في المنطقة من تحوّلات لا سيما انعكاسات الاتفاق السعودي – الإيراني والصراع اليمني والأزمة السورية.
وأكدت خلال لقائها مع رئيس مجلس النواب أن “لا يُمكن أن يستمرّ الوضع في لبنان على ما هو عليه لمدة طويلة، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور ويجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على حلّ في أسرع وقت ممكن”. ونقلت مصادر عن ليف قولها إن الولايات المتحدة ستتعامل مع أي رئيس ينتخب في لبنان وفق السياسات المتبعة في بلادها.
وبحث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مع ليف في دارته، الأوضاع الراهنة في لبنان والعلاقات الثنائية، ونتائج جولة ليف على عدد من دول المنطقة. وقد استبقاها والوفد الأميركي إلى مائدة الإفطار.
ووضعت أوساط سياسية زيارة ليف الى لبنان في إطار استطلاع الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية عن كثب لتحديد كيفية التعامل مع الملف اللبناني في ضوء المتغيرات الإقليمية لا سيما الاتفاق الإيراني السعودي والانفتاح العربي الخليجي على سورية واحتمالات انعكاساتها على لبنان بالتوصل الى تسوية رئاسية، لا سيما في ظل وصول سياسة العقوبات والحصار الاقتصادي منذ 4 سنوات إلى طريق مسدود. ولفتت الأوساط لـ”البناء” الى أن الأميركيين مستمرّون بسياسة العقوبات والحصار على لبنان لإخضاع لبنان لمشروعهم في المنطقة وتنفيذ إملاءاتهم تحت ذريعة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ شروطه التي تنطوي على شروط سياسية واقتصادية أميركية غربية تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي وتقييد سلاح المقاومة وتقديم ضمانات أمنية لـ”إسرائيل” والتوطين والتقسيم واستيعاب اللاجئين السوريين، متسائلة عن أسباب عرقلة الأميركيين لمشروع تفعيل خط الغاز العربي الى لبنان تحت حجة رفض البنك الدولي تمويله مالياً لعدم تنفيذ لبنان الإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء لا سيما تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء ورفع الجباية. واعتبرت الأوساط أن الأميركيين يريدون رئيسين للجمهورية والحكومة ينفذان إملاءاتهم ويلجمان الاندفاعة اللبنانية باتجاه اعادة تصحيح العلاقات مع سورية والانفتاح على الشرق لا سيما الصين.
وكان لافتاً أن جدول زيارة ليف لم يشمل المرجعيات المسيحية السياسية والدينية، لا سيما رئيس القوات ورئيس الكتائب ولا منظمات المجتمع المدني كما درجت العادة، ما يُخفي برودة ما في العلاقة بين الأميركيين وحلفائهم في لبنان، وتجاهل واشنطن للملف الرئاسي.
وأشار رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين، أنّه “لا شك في أنّ الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية هو أمر مهم، لكنه يتطلب مقاربة موضوعية بعيدة عن كل التهويل الخارجي وعن كل المصالح الخارجية، من أجل تحقيق مستلزمات الشراكة الوطنية الصحيحة بين جميع أبناء البلد”.
واعتبر خلال خطبة الجمعة، أنّه «ما لم تكن هناك مقاربة جديدة من قبل البعض بعيدًا عن الخارج، لن يصل لبنان الى مرحلة الإنقاذ، أو إلى مرحلة بداية الإنقاذ، هذا الأمر محسوم ولا بد منه. ويجب أن نعرف أن المشكلة الاقتصادية في أساسها وفي أصولها الذي اوجدها هو هذا الخارج، فكيف نتوسّل الخارج لحل مشكلتنا هو الذي يتوغل وهو الذي يمعن في إذلال اللبنانيين وهو الذي يمعن في منع الحلول عن اللبنانيين».
وشدّد صفي الدين، على أنّ «ما نشر بالأمس أصبح واضحاً جداً لكل اللبنانيين، أن قضية الكهرباء والبنك الدولي كانت بلا أساس، وعبّر البعض أنها كانت كذبة كبيرة على مدى سنة ونصف أو أكثر، وهم يقولون إن البنك الدولي يضع شروطاً واللبنانيون يجب ان يلتزموا بالشروط، والحكومة حكومة تصريف الأعمال مسكينة تلهف وراء تحقيق هذه الشروط، ولن تتمكن من تحقيق كل هذه الشروط، فيتبين بالتالي أن هذه الوعود كلها وعود واهية».
ولفت إلى أنّ ذلك يعني «السفارة الأميركية وبعض الدول وبعض المسؤولين الذين يقولون تحدثنا مع الأميركيين وتحدثنا مع الامم المتحدة، هم يمارسون الكذب والخداع والنفاق. هذا هو الخارج الذي تراهنون عليه. لقد جرب لبنان الاقتصاد المبني على الارتباط بالغرب فقط. هنا حقيقة يجب ان تقال ويجب ان يعرفها الجميع ان الانهيار الاقتصادي، هو إحدى نتائج ارتباط اقتصاد لبنان بالغرب فقط».
وعلى صعيد الملف الرئاسي، أفيد أن الوزير السابق جهاد أزعور زار الضاحية واجتمع مع مسؤولين في حزب الله عارضاً ترشيحه للرئاسة مع ضمانات بعدم فتح ملف سلاح الحزب والاستراتيجية الدفاعية وعدم طعن ظهر المقاومة وحصر اهتماماته بمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية، إلا أن حزب الله اعتبر أن الألوية في المرحلة الراهنة هي سياسية وإن كانت الأولوية الاقتصادية هامة، وجدّد تمسكه بترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية.
ولفتت أوساط الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ”البناء” الى أن الحملات السياسية علينا تدفعنا للتمسك أكثر بترشيح فرنجية لأسباب عدة أولها أنه ليس مرشحاً جديداً بل سبق وتم ترشيحه قبل انتخاب ميشال عون رئيساً في العام 2016 في اجتماع الأقطاب المسيحيين في بكركي، وثانياً أنه ليس مرشح تحدٍ بل توافقي ويملك علاقات سياسية مع مختلف الأطراف في الداخل والخارج، وثالثاً أنه يحظى بدعم كتل نيابية وازنة تصل الى 50 نائباً وليس بعيداً أن يصل الى 65 نائباً، ورابعاً وهو الأهم فشل أطراف المعارضة على الاتفاق على مرشح ينافس فرنجية، وبالتالي الأخير هو الأقرب إلى الفوز وإلا تكون المعارضة تأخذ البلد الى الفراغ كما بشّر سمير جعجع اللبنانيين.
وكان الشارع شهد جولة مواجهة ساخنة أمام مصرف لبنان في الحمرا، حيث اعتصمت “صرخة المودعين” وأطلقت المفرقعات النارية في اتجاه المركزي، وأشعل البعض من المعتصمين الإطارات امامه. وتدخلت عناصر من مكافحة الشغب لمنع المتظاهرين من اقتحام مصرف “سوسيتيه جنرال” المحاذي لمصرف لبنان. وانتقل مودعون الى مصرفي “بيروت والبلاد العربية” و”الموارد” الكائنين في الحمرا، وحاولوا تحطيم ما أمكن بسبب التحصينات لواجهات المصرفين المقفلين. واستقدم الجيش تعزيزات إضافية وفرقة مكافحة الشغب الى مصرف لبنان ومحيطه. كما نشر تعزيزات إضافية امام مصارف أخرى في منطقة الحمرا.
وتتجه الأنظار الى الاثنين الذي سيحمل جملة تطورات واستحقاقات أبرزها جلسة لمجلس الوزراء ستعقد على وقع تحركات شعبية دعا اليها العسكريون المتقاعدون وقطاعات وظيفية عدة منهم الأساتذة.
وعشية جلسة الحكومة ستبحث في زيادة على رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، رفع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل إلى رئاسة مجلس الوزراء مسودة مشروعي المرسومين التي أعدتهما الدوائر المعنية في وزارة المال، ويتضمن الأول تعويض إنتاجية لموظفي الإدارات وسائر المؤسسات العامة ومقدمي الخدمات الفنية والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلي، ويعطى وفق سعر منصة “صيرفة” للدولار الأميركي، لاحظاً تدابير بشأن معاشات المتقاعدين. والثاني يتعلق بتعديل بدل النقل الذي يحتسب بليترات البنزين وفق معدل وسطي لسعر يحدّد بقرار يصدر عن وزير الطاقة شهرياً. على أن تُعرض مسودة المشروعين على مجلس الوزراء في جلسته المقررة الإثنين المقبل لمناقشته واتخاذ القرار بشأنه.

وبحث رئيس حكومة تصريف الأعمال في اجتماعين عقدهما في السرايا مطالب أساتذة وموظفي الجامعة اللبنانية. وفي هذا الإطار اجتمع مع رئيس الجامعة بسام بدران ووفد من الاساتذة. واجتمع أيضاً، في حضور بدران ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، مع وفد من لجنة الموظفين في الجامعة.

وكان قرار الرئيسين بري وميقاتي بتأجيل تقديم الساعة الى نيسان المقبل، اتخذ بعداً طائفياً في ظل تقاطع القوى المسيحية على رفضه ومطالبة ميقاتي بالعودة عنه، فبعد تغريدة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل النارية ضد بري وميقاتي، دعا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عبر حسابه على تويتر، الحكومة “الى العودة عن قرارها قبل فوات الآوان، وقبل أن تضع الكثير من قطاع الأعمال في لبنان، أمام مصاعب إضافية جمّة”. ووجّه رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل، باسم كتلة نواب الكتائب، كتاباً لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي دعاه فيه للرجوع عن قرار تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي لهذا العام، لما لذلك من تبعات سلبية على الشركات والأفراد وعملهم وحركة الملاحة والسفر والتجارة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى