نقاط على الحروف

بعد زيارة رئيسي: مرحلة جديدة في التعامل مع الغارات الإسرائيلية

 

ناصر قنديل

كل ما يتمّ تداوله في كيان الاحتلال يقول إن نصيب الكيان من زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي سوف يكون رئيسياً. وعناصر هذا الاستنتاج تنطلق من تقدير موقف أساسه مجموعة عناصر، أولها أن إيران اجتازت مرحلة الانشغال بترتيب أوضاعها الداخلية إثر اضطرابات الصيف والخريف ودخلت منذ مطلع العام مرحلة استقرار توّجتها الحركة السعودية نحو إيران على خلفية اليقين بسقوط الرهانات على إضعاف إيران عبر الأوراق الداخلية. أما العنصر الثاني فهو الاعتقاد الإسرائيلي بأن إيران تدرك حجم التراجع القائم في الحضور الأميركي في المنطقة الذي تترجمه الانزياحات الكبرى لكل من السعودية وتركيا إلى منطقة بعيدة عن المظلة الأميركية، بصورة لم تعد فيها واشنطن تملك مظلة حماية كافية للكيان. هذا إضافة للارتباك الذي يصيب العلاقة الأميركية الإسرائيلية على خلفية تركيبة الحكومة الأخيرة للكيان وسياساتها من جهة، وتداعيات الانقسام الداخلي الإسرائيلي ووضوح موقف واشنطن الداعم لمعارضة حكومة بنيامين نتنياهو؛ أما العامل الثالث فهو ما أظهرته المنازلات التي خاضتها قوى المقاومة مع جيش الاحتلال، سواء تحت عنوان حماية الأقصى أو ملف الأسرى، وظهور عجز الكيان عن المضي قدماً في المواجهات، ما يجعل استمرار الغارات الإسرائيلية على سورية استثناء لا يستقيم مع المشهد العام في المنطقة من وجهة النظر الإيرانية، وفقاً للقراءة الإسرائيلية.
يقول الإسرائيليون إن إيران وروسيا ترغبان بتحسين مناخات العلاقات السورية التركية، وتدركان أن الطلب العربي على سورية يتزايد ما يدفع الاهتمام السوري بالمصالحة مع تركيا إلى مرتبة أدنى، ما لم تكن هناك محفزات إضافية تقدمها موسكو وطهران، والمحفزات التي يتوقع الإسرائيليون عرضها على الطاولة، يفترض أن تطال ملفين يهمان سورية، وتملك طهران وموسكو قدرات تأثير فيها، هما الملف الاقتصاديّ خصوصاً في قطاع الطاقة بما فيها الكهرباء والمحروقات، وملف الغارات الإسرائيلية، خصوصاً لجهة تمكين سورية من امتلاك أدوات أشد فاعلية في التعامل مع الغارات، وفي مجال الدفاع الجوي، إضافة لتصعيد الخطاب الروسي والإيراني في وجه قيادة الكيان، كل من موقعه، إيران بالتهديد بالرد، سواء بالمباشر أو عبر قوى المقاومة، وروسيا بالضغط على قيادة الكيان بأوراق كثيرة تملكها موسكو، ولذلك يخشى الإسرائيليون من ضربتين على الرأس، واحدة تتمثل بالتحسن في العلاقة التركية السورية ما يضع التمركز الأميركي والكانتون الكردي في شمال شرق سورية في مأزق، والثانية تتمثل بظهور تعقيدات جديدة أمام الغارات الإسرائيلية على سورية.
في شهر شباط 2018 أسقطت سورية مقاتلة إسرائيلية من طراز اف 16، ورسمت عبرها سورية خطاً أحمر حول الأجواء السورية، والتزام جيش الاحتلال بحرمة الأجواء السورية، لكنه واصل الغارات من الأجواء اللبنانية وعبر البحر ومن فوق الجولان المحتل، لكن أكثر من ثلاثة أرباع الغارات نفذت من الأجواء اللبنانية، ويحاول الإسرائيليون قراءة ما بين سطور كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن اقتراب زمن نهاية الغارات على سورية، ويضعون هنا فرضية التزام حزب الله بعنوان وجوده كمقاومة لبنانية، أن كل استخدام إسرائيلي للأجواء اللبنانية سيتم التعامل معه كاعتداء على لبنان يستدعي من المقاومة الرد، وبالتالي ضم التحليق في الأجواء اللبنانية، خلال عمل حربي ضد سورية على الأقل، إلى قواعد اشتباك يمكن أن يرغب حزب الله بوضعها قيد التنفيذ، في ظل شعوره بامتلاكه قدرة التهديد بالحرب، وخشية قيادة جيش الاحتلال من مجاراته في مثل هذا التحدّي. ويشير المعلقون والخبراء الإسرائيليون إلى وجود برامج تعاون جدّي وحثيث بين إيران وسورية لتحسين قدرات وأداء الدفاع الجوي السوري، بما يتيح استهداف الطائرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية أو فوق البحر او فوق الجولان، خصوصاً أن الروس يملكون قدرة تفعيل دفاعاتهم الجوية لتأمين جبهة البحر، وقد لا يترددون في فعل ذلك، بصورة يبدو الأقرب فيها للواقع وفقاً للخبراء الإسرائيليين، التزام روسيا بحماية جبهة البحر، والتزام حزب الله بمنع إسرائيل من استخدام الأجواء اللبنانية، مقابل تخصيص قدرات الدفاع الجوي السوري لمنع الغارات من فوق الجولان، عبر صواريخ الدفاع الجوي، التي قد يسقط أحدها في عمق فلسطين المحتلة، كما جرى مراراً.
الخشية الإسرائيلية في مكانها، والنصيب الإسرائيلي من زيارة رئيسي إلى الشام سيبقى رئيسياً!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى