أولى

سقط سهوا…

د. كلود عطية

سقط مني سهوا في هذه الأيام الكتابة عن ذاتي.. عن الصيادين الذين اصطادوا لقمة العيش من فمي ومن يدي ومن معرفتي.. سقطت مني سهوا لذة البحث عن شبابي وهو يتوه بين خطوط تجاعيد وجهي وأنا فاقد الشهية للنظر في مرآتي.. لم أكن أعلم أنّ متعة التعليق على الجدران فانية.. فبعد كلّ لوحة علقتها كنت أفكر بما هو آتٍ.. كما سقط سهواً تعليق شهاداتي.. فهي مرمية في غرفتي بين الأوراق التي غرقت بتفاصيلها وأدمنتها وأصبحت سجيناً أبدياً لكلماتي..
وقد سقط سهوا ألا أحرق أوراقي بيدي وأتركها تحترق في محارق النفايات التي رميت فيها كلّ ذكرياتي.. وسقط سهوا ألا أفرز من المصدر علاقاتي وصداقاتي وأمنياتي…
هي أشرس الحروب أن تسقط المعرفة في معركة الجهل وتحارب الكلمة تشويهاً لصورة العلم… ولكن سقط سهواً ألا أذكر خطورة صمتي وخوفي وتردّدي واستسلامي لكلّ هذا الخراب الذي قلب الحياة الى موت وحوّل ثقافة الصراع والمواجهة الى ثقافة انتظار على أبواب وطن جديد يلبّي طموحاتي.
هذا البلد الذي قاتل بالسرّ والعلن جامعتي لن ينهض بأموال الكون ولن يعرف الحرية والسيادة والمعلّم فيه يشحذ كرامته كما كرامتي.. سقط سهواً أنني أعلم أجيالاً.. ولم أتعلم أنّ العلم في بلاد الجهل لن يحقق كلّ غاياتي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى