أولى

توسّع «بريكس» وارتباط الاقتصاد بالسياسة

‭}‬ سعاده مصطفى أرشيد*
منذ انهيار النظام الدولي المعروف باسم القطبية الثنائية في مطلع تسعينيات القرن الماضي أصبحت الولايات المتحدة قطباً أوحد يقود النظام العالمي الجديد على نحو أثار النزاعات وحطّم المجتمعات والدول كما حصل في العراق وأفغانستان، ويحاول ان يفعل الأمر ذاته في سورية وبلاد أخرى من العالم. حلم إنشاء قطب مقابل القطب الأميركي او العمل على نظام دولي متعدد الأقطاب، كان حلماً راود الكثير من دول العالم الصاعد والناجح وكانت المحاولة الأبرز والأكثر جدية هي مجموعة دول بريكس التي انطلقت كمجموعة اقتصادية رافضة لسيادة الدولار وسياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونظام سويفت وامتداد هذه السيطرة لإفقار الدول التي وصلت الحال ببعضها بأنّ كامل ناتجها القومي لا يكفي لسداد وخدمه الديون وفوائدها الربوية.
وبما أنّ الاقتصاد والسياسة مرتبطان ببعضهما البعض او أنهما وجهان لعملة واحدة فقد أصبحت مجموعة بريكس منظمة سياسية أيضاً، وإنْ من خلال منظور اقتصادي، واستطاعت تشكيل نموذج ناجح جعل دولاً كثيره تسعى للانضمام للمجموعة بعضها يعلن ويمارس قناعات وسياسات تتحدّى واشنطن مالياً وسياسياً، كما هي حال إيران، وبعضها يريد أن يبقى جزء من رهانه مع مجموعة بريكس مستبقياً على جزء آخر تحت العباءة الأميركية.
من المجازفة القول بأنّ بريكس قد هزمت السياسة الغربية والأميركية، ولكنها لا بدّ تحقق تقدّماً وتكسب نقاطاً تتراكم وتحتاج الى وقت طويل لكي تظهر نتائجها، وكان من إنجازاتها أن استطاعت ممارسة التجارة الخارجية بين دولها كما مع دول أخرى لا زالت خارج المجموعة دون استعمال الدولار كوحدة نقدية دولية، وإنما بعملاتها المحلية مثل اليوان والروبل وغيرهما، ومن خلال تبادل السلع بالسلع وهو ما حصل في المبادلات التجارية بين إيران من جانب والصين وروسيا من جانب آخر، وبين تركيا وروسيا، وكان الأمر اللافت جداً هو دخول السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان على ذلك الخط بإعلانه على أنه يسعى لتنويع علاقات بلاده مع الشرق الصيني والشمال الشرق الروسي، ثم في رفضه الانصياع للطلب الأميركي بزيادة إنتاج النفط بهدف تخفيض سعره مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
في قمه جوهانسبورغ قال الرئيس البرازيلي دوسيلفا بضرورة دعم القارة الأفريقية التي تستطيع تأمين 60% من حاجات العالم الغذائيّة، في حين رأى رئيس جنوب أفريقيا أنّ القاره السوداء هي الأغنى بمصادر الثروة وإنْ كانت الأفقر في حياتها وحياة مواطنيها، وهو ما يمكن ملاحظته في أزمة النيجر…
لكن أهمّ ما قيل وما جاء في كلمة الرئيس الصيني التي قرأها نيابة عنه وزير التجارة الصيني أنّ فكرة الاستعمار والاستغلال والتحكم في سياسات ومصائر الآخرين ليست موجودة في جينات سياسة الصين، وهو الأمر الذي يمكن تصديقه، فمن يلاحظ السياسة الصينية يعرف أنها تعرف حجمها ومحدّدات أمنها القومي وهي تغزو العالم بأسلوب حريريّ وتصل صناعاتها الى قلب الولايات المتحدة وإنْ كانت تدرك انّ سوقها البديل هو في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا والذي يمثل ثلاثة أرباع البشريّة.
الخطر على بريكس يكمن في توسيع العضوية لتشمل مَن لا يريد أن يغادر المربع الأميركي ومما يجعلها منظمة لا قيمة لها كمنظمة عدم الانحياز أو منظمة المؤتمر الإسلامي. على بريكس أن تكون دقيقة في اختيار أعضائها الجدد.

*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير جنين فلسطين المحتلة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى