أخيرة

نجاح سلام… أسطورة مجد

‭}‬ منجد شريف
نجاح سلام صوتٌ يحاكي الجمال الرباني على بديع خلقه، وما خصه للبعض بالموهبة، فكان جمال الصوت لا يقلّ أهمية عن جمال الخَلق، بل تفوّق عليه، وصار الصوت سفيراً يجول في أقاصي الأرض ليعطي صاحبه شهرةً ومجداً ويعطي بلاده فخراً، وكم كنا فخورين بعمالقة الفن العربي من أبناء وطننا الحبيب لبنان، فكانت سيرة كلّ منهم أسطورة تمجَّد لتدخل في عمق التاريخ وتحاكي الواقع بأننا في سيرتهم واستماعهم نعيش دائماً في زمنٍ جميل.
من قال إنّ الردى يستطيع طي العمالقة، بل على العكس من ذلك فإنهم يتوغلون بالخلود أكثر، فإرثهم الفني عابر لكلّ الأزمان، وها هي قافلة كبيرة من المطربين الراحلين، يتصدّر تراثهم الفني في كلّ زمان ومكان، فإنْ كان الموت نهاية محتومة للإنسان، فالخلود للمتميّزين هو قدر دائم، ونجاح سلام من كبار العمالقة في الطرب العربي على اختلاف لهجاته، وإسمٌ كبير تصدّر الفن العربي منذ ريعان شبابها ونشأتها على أيدي والدها الموسيقار محي الدين سلام، وحتى رحيلها، وسيبقى إسمها من الأسماء الخالدة من التي طبعت في ذاكرة كلّ متذوّق للطرب الأصيل، كما سيبقى إسم لبنان مقروناً بكلّ متميّز من أبنائه في كلّ المجالات لا سيما في عالم الفن والغناء.
نجاح سلام تفارقنا اليوم لتسكن في وجداننا من خلال سيرتها الطويلة والمتميّزة، وستسكن في ذاكرتنا مع قائمة من الكبار من الذين وسَموا مرحلة من تاريخ البلاد بسماتهم الجميلة، حتى صرنا نقولها بديهياً وعفوياً عندما نستحضرهم في أحاديثنا إنه الزمن الجميل، وسيبقى هذا الزمن الجميل يطلّ بجماله علينا مع كلّ أغنية وكلّ مقطوعة موسيقية إلى أن يعبر الواقع حالة المرض الفني الذي أصاب الموسيقى، ليعيد للفن مجده وعظمته وتاريخه المضيء، وليطوي نشازاً أصمّ آذان كلّ متذوّق حقيقي للموسيقى والطرب الأصيل.
لن ترحل نجاح سلام كما لم يرحل من سبقها من جيل العمالقة، ستبقى أعمالهم حاضرة على مرّ السنين ومدى الزمان وستبقى سيرتهم ملهمة لجيل قادم… ليطبعوا زمناً جميلاً آخر مستوحى من زمن الراحلة ومن سبقها من أبناء الزمن الجميل كما نحب أن نسّميه.
وداعاً نجاح سلام، ونسأل الله أن يتغمّدك في فسيح جنانه وفي دار السلام…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى