أولى

عناصر الفشل في الخطة الأميركية الصهيونية

انتهت اجتماعات أركان الجيوش وصناع السياسة على المستويين الأميركي والإسرائيلي منذ أسبوعين الى خطة بثلاثة أركان، ركنها الأول العملية العسكرية البرية في غزة وهذه مسؤولية إسرائيلية، والثاني تولي واشنطن تقديم الضمانات بعدم السماح بالضغط على الجيش الإسرائيلي لوقف عمليات القتل والتدمير في غزة، لأنها جزء من خطة ضرب معنويات قادة المقاومة ومقاتليها ومدخل للمساومة على تقديم تنازلات عسكرية وسياسية كثمن لوقف القتل والتدمير، أما الركن الثالث فهو تحمل أميركا مسؤولية عدم دخول محور المقاومة في القتال إلى جانب غزة، سواء عبر الردع بواسطة استحضار عناصر القوة مثل حاملات الطائرات، أو استخدام القوة إذا لزم الأمر.
عملياً، قام التخطيط للعملية البرية على فرضية تقول إن جيش الاحتلال تجنّب دائماً العمل البري تفادياً للكلفة البشرية العالية للدخول البري، لكن الأمر تغيّر مع عملية طوفان الأقصى فما خسره الجيش خلال هذه العملية يعادل ما كان يخشى خسارته في الحرب البرية، ولذلك فإن الاستعداد لدفع هذا الثمن يضمن الفوز بالعملية البرية، لكن ما لم تلحظه الخطة هو أن رقم الخسائر كان حسابه مبيناً على معادلات عشرة أعوام سابقة، قبل أن تطوّر قوات القسام ما لديها من وسائل قتال وتقنيات ضد المدرعات، هذا من جهة؛ أما من جهة مقابلة وهي الأهم، فإن القضية لم تعد بالخسائر وتحملها، بل بمبدأ تحقيق النصر الذي بات مشكوكاً فيه. وهذا ما أظهرته الأيام التي رافقت العملية البرية، حيث خسائر فادحة، لكن دون تحقيق نصر.
قامت أميركا ولا تزال تقوم بتوفير التغطية اللازمة ليواصل جيش الاحتلال ارتكاب جرائم القتل والتدمير في غزة، لكن ظهرت لعمليات القتل والتدمير نتائج عكسية تمثلت بنهوض شارعين عربي وعالمي مناهضين لكيان الاحتلال، والشارعان في تعاظم. وكلما مر الوقت واستمر القتل، وكلما زاد القتل، زاد منسوب نهوض الرأي العام المناهض وحراكه السياسي. وهذا يعني الضغط على حكومات الغرب وإعادة ترتيب الحسابات على قاعدة أن الوقت لا يسمح بمعركة طويلة تقوم على هذه الأركان، سواء لجهة تبدد الدعم الغربي الممنوح لحكومة الكيان وجيشه، أو لجهة الخشية الأميركية من تحول السيولة الشعبية في الدول العربية، وخصوصاً مصر والأردن، الى مصدر خطر على أمن الكيان.
كانت الحسابات الأميركية متسرّعة لجهة التوقع بأن إيصال الرسائل عبر الوسطاء او بواسطة الإعلام يكفي لضبط أداء قوى المقاومة وردعها، لكن الذي جرى هو أن قوى المقاومة بدلاً من مجادلة الرسول، ردت عملياً بعمليات استهدفت القواعد الأميركية في العراق وسورية، مرفقة بتفعيل جبهات المواجهة مع جيش الاحتلال، ثم بعد أيام أرسلت رسالة تقول إن ما يجري هو عينة بسيطة مما يمكن أن يجري إذا أصرّ الأميركيون على تقديم لغة توحي للكيان بأن أميركا جاهزة للحرب معه.
أركان الخطة الثلاثة تحوّلت إلى أركان الارتباك والعجز.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى