مُسيّرات الميادين والقبّة الحديديّة
} شوقي عواضة
كما في ميادين المواجهة العسكريّة كذلك في ميادين الحرب الإعلاميّة يُراكم الكيان الصّهيوني المؤقّت تراجعه في مقابل تقدّم قوى محور المقاومة وإعلامها. ذلك الإعلام المقاوم الذي هزم إعلام الإرهاب في لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران وأحبط مشاريعه الصّهيو أميركيّة يسقط اليوم أكذوبة الجيش الذي (لا يُهزم) لا بل يقلب المشهد رأساً على عقب ليرسم بإمكانيّاته البسيطة وعدم تكافؤ أدوات المواجهة الإعلاميّة، إلّا أنّه استطاع أن يرسي استراتيجيّاتٍ جديدةً في الحرب الإعلاميّة، استراتيجيات تنبئ بولادة الشّرق الأوسط المقاوم…
عدسة الميادين التي كشفت زيف الإعلام الصّهيوني وكذبه، وكلمتها التي وصلت أصداؤها إلى عمق الكيان وزلزلت أركانه، وصوتها العابر نحو كلّ فلسطين حيث عجزتِ القبّة الحديديّة عن التّصدّي له وإسقاطه مصيباً أهدافه بدقّة عالية ومسجّلاً هزيمةً إعلاميّةً استثنائيّةً تضاف إلى هزائم أعتى الكيانات تسليحاً وديكتاتوريّة. هزيمة استدعت استنفار القيادة السّياسيّة والأمنيّة والعسكريّة بالدّعوة إلى انعقاد جلسةٍ لحكومة الحرب في الكيان المؤقّت (الكابينيت) واتخاذه قراراً بحجب الصّورة وتكبيلها واعتقال الصّوت وجلده واغتيال الكلمة ودفن الحقيقة في الكيان الأكثر إرهاباً وديكتاتوريّة. ووفقاً للبيان المشترك لوزير الحرب الصّهيوني يوآف غالانت ووزير الاتصالات شلومو كرعي فإنّ وزير إعلام الكيان المؤقّت شلومو كاراي تقدّم بهذا الاقتراح نظراً لما تشكّله «الميادين» من خطرٍ أضرّ بأمن الكيان المؤقّت، ولفت البيان إلى أنّ قرار إغلاق «الميادين» قد اتخذ عام 2018…
غالانت الذي لا يزال يحاول استعادة صورة جيشه التي تتهشّم أكثر فأكثر على أيدي المقاومين مع دخول العدوان على غزّة شهره الثاني أشغلته قناة «الميادين» عن ميادين استعادة هيبة جيشه معتبراً أنّ خطر الميادين لا يقلّ خطراً عن ساحات المواجهة معلّقاً على قرار إقفال القناة بعد صدور البيان بقوله إنّ كيانه «لن يسمح بالدّعاية الخطرة التي تبثّها قناة «الميادين» التي تحاول خلال الحرب الإضرار بمصالحنا الأمنيّة وخدمة أهداف (العدوّ)» في حين زعم وزير الإعلام الصّهيونيّ شلومو كاراي إنّ قناة «الميادين» ومراسليها يخدمون تنظيمات المقاومة، وقد حان الوقت لمحاسبتهم.
خلاصة القول إنّ إجماع الجهات السّياسيّة والأمنيّة والعسكريّة مع جهازي الشاباك والموساد ووزير حرب العدوّ وفقاً لما أوردته وسائل إعلامه العبريّة تحمل العديد من المؤشّرات وتؤكّد الآتي:
1 – أكّد قرار إقفال الميادين هشاشة هذا الكيان ووهنه وديكتاتوريّته الاستبداديّة وعجزه عن المواجهة حتى في الميدان الإعلامي وخروجه مهزوماً.
2 – على قدر إنجازات «الميادين» قبل وبعد طوفان الأقصى على قدر ما أوجعت العدوّ الذي اندفع لاتخاذ قرار الإقفال من أعلى الجهات والمستويات.
3 – يؤشّر قرار الإقفال إلى مدى تأثير «الميادين» وكلمتها في مواجهة كيان القتل والإرهاب وترسانته العسكريّة وعجز إعلامه وسقوطه أمام ما سجّلته الميادين من اختراقٍ في الدّاخل.
4 – اعتبار قرار الإغلاق كانقلابٍ على الواقع الفلسطينيّ (الواقع كما هو) في محاولة الكيان الصّهيوني لتغيير الواقع منذ احتلاله لفلسطين وفشله في تحقيق ذلك.
ثمّة حقيقة تقول أنّه في كيان محتلّ يفتقد شرعيّة وجوده لا شرعيّة لقوانين الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقيّة والدوليّة وما يرتكبه العدوّ بحقّ الفلسطينيّين من إباداتٍ جماعيّةٍ نقلتها «الميادين» بالصّوت والصّورة إنّما يعبّر عن مدى أزمة الرّعب التي يعيشها وعقدة الأمن والأمان اللذينِ أسقطتهما المقاومة التي تشكّل الميادين أحد وجوهها في المعركة وبالتّالي مهما ارتكب الاحتلال من مجازر وقتل ودمّر لن يغيّر من واقعه شيئاً ولن يمنحه شرعيّةً لاحتلاله فلسطين ولن يعيد هيبة جيشه الهزوم والمأزوم ولن يعيد ثقة قطعانه من المستوطنين بمسؤوليهم بعد «طوفان الأقصى» ولن يستعيد أمنهم وأمانهم. فأينما يوجد احتلال توجد مقاومة وأينما توجد المقاومة توجد ميادين القتال والجهاد التي حطّمت أسطورة الجيش الذي قيل بأنّه لا يُهزم، وميادين الكلمة والإعلام المقاوم التي هزمت بكلمتها جيشاً جرّاراً بترساناته العسكريّة ومنظومات دفاعه الجويّة وقبّته الحديديّة التي قد تسقط صاروخاً لكنّها تعجز عن إسقاط مُسيّرات كلمة الحقّ.
أقفل مكتب «الميادين» وفتح لها ملايين المكاتب في قلوب الشّرفاء والمقاومين لتنتصر «الميادين» من فلسطين إلى لبنان وسورية والعراق واليمن وفي كلّ الميادين وتستمرّ التّغطية…