أولى

انهيار الردع الأميركيّ

– لا يستطيع أي متابع تجاهل وقائع ما يجري في البحر الأحمر من تطوّرات دراماتيكية غير مسبوقة، حيث يفرض أنصار الله ضمن تداعيات العدوان على غزة مشهداً يقول إن الملاحة في هذا الممر المائي الحيوي للتجارة العالمية ونقل الطاقة أمام احتمالات التوقف، وأن الرهان على قدرة الردع الأميركية لبقاء الرفاه العالمي بخير حتى لو قتل كل سكان غزة ليس إلا وهم، وأن أنصار الله رغم الحشود الأميركيّة الضخمة في المنطقة يفرضون معادلة تقول إن حياة الغرب لا تستطيع أن تبقى كما هي فيما غزة تذبح بكل وحشيّة وحكام الغرب يصفقون لآلة القتل الإسرائيلية، أو يخاطبونها بلغة التمني الخجل لتخفيف درجة التوحش منعاً للإحراج.
– استعدّ الأميركي استباقاً لحروبه في المنطقة وكلها حروب إخضاع فجعل في استراتيجيته العسكرية خلال نصف قرن عنواناً دائماً هو البحر الأحمر ومضيق باب المندب باعتباره الممرّ الذي يعبر من خلاله ثلث التجارة العالمية ونصف النفط الآتي من الخليج نحو أسواق العالم، والذي أصبح حالياً أكثر من ثلثي النفط والغاز الذي تحتاجه أوروبا بعد حرب أوكرانيا وتوقف سلاسل التوريد الروسية، وكان واضحاً من خلال أهداف الحرب على اليمن التي تمّ تجنيد دول الخليج لخوضها وراهن الأميركي، ومن خلفه الإسرائيلي، على توجيه ضربة قاسية لأنصار الله، أن هذه القوة الصاعدة للأنصار على خلفيّة حجم اليمن سكانيّاً وموقعه الجغرافي، تمهد إذا انتصرت لجعل اليمن لاعباً استراتيجياً إقليمياً لا يمكن تجاهله أو التساكن مع سقوفه العالية، وفيها رفض للهيمنة الأميركية وتمسّك بفلسطين كحق مطلق، بصورة تفيض عن كل ما هو موجود لدى حركات المقاومة عربياً.
– جاء طوفان الأقصى في لحظة حرجة أميركيّاً، فحرب اليمن انتهت عملياً مع التسليم السعوديّ بلا جدوى مواصلتها، من ضمن اعتماد معادلة لا جدوى مواصلة المواجهة مع إيران، وأنصار الله ظهروا أصحاب يد عليا في جغرافيا اليمن وشريكاً فاعلاً في أمن الخليج ومياهه وأمن الطاقة فيه، ولم ينتظر «أنصار الله» طويلاً حتى قاموا بتسييل فائض قوتهم لنصرة فلسطين، في تحدٍّ علني مباشر لما أعلنه الأميركيّون من معادلة ردع لمنع أي دخول على خط الحرب التي تدعم فيها واشنطن جيش الاحتلال ضد غزة ومقاومتها.
– أن يعلن الأميركي والبريطاني عن هجمات تعرّضت لها مدمّرات وسفن في البحر الأحمر، ويؤكد اليمن قيامه بالهجمات، ويخرج بيان أميركي يقول بأن واشنطن تحتفظ بحق الردّ في المكان والزمان المناسبين يعني أن قوة الردع الأميركي تنهار.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى