دمشق تنفي الإشاعات: أي دستور جديد سيكون سورياً يناقشه ويتفق عليه السوريون
نفّت رئاسة الجمهورية في سورية أمس، عرض أيّ مسودة دستور على القيادة السورية مؤكدةً عدم صحة ما تداولته وسائل الإعلام مؤخراً.
وأعلنّت الرئاسة السورية في صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنّه خلال اليومين الماضيين وردت أسئلة كثيرة حول ما تتداوله بعض وسائل الإعلام، عن مسودات لدستور سوري جديد تم عرضه على دمشق، و«تعديلات سورية» على هذا الدستور، وترافق ذلك مع أحاديث وتحليلات في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكدّت الرئاسة أنّه لم تعرض أيّ مسودة دستور على دمشق، وكل ما تناقلته وسائل الإعلام بهذا الشأن عارٍ عن الصحة، وأنّ أيّ دستور جديد لسورية مستقبلاً سيكون سورياً فقط، يناقشه ويتفق عليه السوريون فيما بينهم حصراً، ويُطرح بعدها على الاستفتاء وكل ما عدا ذلك لا قيمة له ولا معنى .
وكان مصدر روسي نفّى قبل يومين تقديم أيّ مشروع دستور لسورية، مشيراً إلى أنّ ما تداولته وسائل الإعلام على أنّه مشروع دستور سوري جديد مقدم من روسيا ما هو إلا وثيقة صادرة عن مركز كارتر.
في غضون ذلك، أكد السفير السوري في موسكو رياض حداد أمس، رفض بلاده قيام فيدرالية كردية شمال سورية . وقال «نكرر باستمرار أن حل الأزمة السورية يجب أن يكون نتيجة لاتفاق بين قيادات البلاد وشعبها، والتسوية السياسية تقوم على عدّة نقاط أهمها: الحفاظ على سلامة الشعب وسيادة البلاد، كل هذا يستبعد إمكانية تقسيم البلاد أو القبول بالمنطقة الفدرالية التي دعا لها الأكراد»، مشدداً على أنّ أيّ مفاوضات تخرج عن هذه الأطر، غير مقبولة بالنسبة لقيادتنا.
من جهته، نفّى صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، وجود مؤامرة لضم محافظة الرقة بعد تحريرها من «داعش» لمناطق السيطرة الكردية، معتبراً هذا «من الأحاديث الدعائية التي لا صحة لها».
مسلم أضاف في مقابلة صحفية «أولًا: قوات سورية الديمقراطية تضم مكونات غير الأكراد ثم هل يتصور هؤلاء أنّ القوات العسكرية ستحرر الرقة ثم تتمركز فيها بالطبع لا بعد التحرير سيكون هناك مجالس إدارة مدنية ومحلية هي من تقرر أمر الرقة وشؤونها، مثلما صار في تل أبيض وغيرها من المناطق التي تم تحريرها وأهل الرقة سيكونون أحراراً في اختيار من يريدون أنّ يحكمهم».
وحول إمكانية أن تضم الرقة بعد تحريرها لمناطق الإدارة الكونفدرالية للأكراد، أجاب «القرار، كما قلت، يعود لأهل الرقة وفي نفس الوقت، نحن لدينا مشروعنا: مشروع سورية الديمقراطية الفيدرالية، الذي نفكر فيه ونفكر بعقد اجتماعي جديد يضم الجميع، وهذا المشروع لكل سورية وليس للشمال فقط ويمكن أن يتوسع ليصل درعا والسويداء ودمشق هو الآن مطبق فقط في الأماكن التي تم تحريرها ولكن كما قلت ممكن أن يتوسع».
جاء ذلك في وقت، إخترقت وحدات مدرعة من الجيش التركي الحدود السورية، وتوغلت في منطقة ريف حلب الشمالي الغربي.
مصدر كردي أكدّ أنّ آليات مدرعة تركية تقل أعداداً من الجنود، دخلت الأراضي السورية في ناحية جنديرس في ريف حلب الشمالي الغربي بعمق 700 متر، وأضاف إنّ الجيش نصب حاجزاً لتفتيش المدنيين في المنطقة.
إلى ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أمس، بأن موسكو مع استئناف المفاوضات السورية – السورية في أقرب وقت ممكن، ولكن هذا يتطلب إبداء إرادة سياسية من جميع أطراف النزاع.
بوغدانوف قال للصحفيين «نود أنّ نتجنب التوقفات الطويلة وأن لا تنقطع المفاوضات، ولكن هذا يتطلب إرادة سياسية من جميع المشاركين: كي يكون ممثلو مختلف الهياكل المعارضة السورية مستعدين لهذه المفاوضات، وأن لا توضع شروط مسبقة ، وهو ما وافق عليه الجميع في إطار صيغة فيينا. من الضروري أن يشارك الجميع في هذه العملية، بما في ذلك الأكراد السوريون وحزب الاتحاد الديمقراطي».
المسؤول الروسي أضاف «كنا نوّد أن يكون هناك وفد واحد عن المعارضة ومفاوضات مباشرة، ولكن أعتقد أنّه لم تنشأ الظروف لذلك بعد، ويؤكد على ذلك جميع من يشارك بالجهود الرامية لإجراء العملية السياسية».
الدبلوماسي الروسي ذكر أنّ أي لقاء خاص بسورية، لن يعقد في إطار مؤتمر باريس حول الشرق الأوسط في 3 حزيران.
كما أكد بوغدانوف تبادل المعلومات بين العسكريين الروس والأميركيين، في الشأن السوري على أساس يومي، وقال أنّ هذه الاتصالات اليومية تجري بين المركزين في قاعدة «حميميم» وعمان، وهي تشهد تبادل المعطيات، ومناقشة تطورات الأوضاع، وكيفية الالتزام بنظام وقف إطلاق النار مع تسجيل الخروقات لدى حصولها، على حد قوله.
وتابع قائلاً «بطبيعة الحال، نود أن تُجري عملية التواصل بين الجانبين الروسي والأمريكي بدينامكية أكبر وعلى نحو أكثر فعالية، وليس ذنبنا أنّ ذلك لا يتحقق بصورة سريعة ومثمرة كما يجب في الوضع الحالي».
من جهته، أعلّن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أنّ موسكو وواشنطن توصلتا إلى اتفاق حول تمديد نظام التهدئة في عدد من المناطق السورية بعد اتصالات أجريت بين العسكريين المعنيين في البلدين.
ريابكوف قال أمام مجلس الاتحاد الروسي أمس «منذ البداية تحدثنا أن ّموعد 25 أيار لا يعتبر نهائياً. لقد تم تحديد هذا الموعد على أساس الوضع الذي تقتضيه العمليات في عدد من مناطق سورية، وفي المقام الأول حلب، لقد تم الاتفاق خلال اليومين الأخيرين على تمديدات محددة لنظام التهدئة في عدد من المناطق السورية».
وأشّار نائب وزير الخارجية الروسي إلى أنّ سلاح الجو الروسي أرجأ عمليات تستهدف «جبهة النصرة» لصالح الحفاظ على الهدنة في سورية، لكنه لم يتخل عنها بشكل نهائي.
ووفقاً له «ليس من الممكن القول إنّ الوضع أصبح هادئاً، ولكن على أي حال، يُلاحظ تناقص في الصدامات العسكرية في بعض المناطق في سورية، ولكن ليس في كل الأماكن».
وأعلن ريابكوف أنّ الدول الغربية تواصل مساعيها للضغط على الحكومة السورية، سواء عبر مجلس الأمن الدولي أو من خلال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وذلك بترويج اتهامات تزعم فيها أنّ دمشق تنتهك اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وقال ريابكوف، إنّ الغرب والولايات المتحدة يسعيان «لتحويل نظام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية إلى أداة لخدمة مصالحهم السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بسوريا». وأضاف «من خلال المنظمات الدولية المتخصصة، وخصوصاً مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يواصل الغربيون الضغط على حكومة الرئيس بشار الأسد لتشويه سمعتها، بترويج مزاعم عن انتهاك لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية».
وفي شأن متصل، قالت وزارة الدفاع الروسية إنّ «جبهة النصرة» استغلت الهدنة في سورية لاستعادة قدراتها جزئياً وشن هجمات جديدة، في الوقت الذي انضمت فيه نحو 60 مجموعة مسلحة للهدنة، وفق الوزارة.
و أشارت الوزارة أنّ تدفق الأسلحة من تركيا إلى مسلحي «النصرة» في سورية لا ينقطع، مؤكدة أنّ واشنطن اعترفت، بأنّ «بؤر التصعيد الرئيسية في سورية تقع في مناطق جبهة النصرة».
وبحسب الفريق سيرغي رودسكوي، رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فقد كثفت موسكو الضربات الجوية على مواقع إنتاج النفط وتهريبه التابعة لجبهة النصرة.
رودسكوف كشّف أنّ القوات الجوية والفضائية الروسية كثفت بدءاً من 20 أيار، غاراتها على منشآت إنتاج النفط وشاحنات تهريب النفط إلى تركيا، و أكدّ أنّ موسكو و واشنطن تتفقان حول ضرورة استهداف القاعدة الاقتصادية لتنظيمي «داعش» و«النصرة»، وتجريان مشاورات موضوعية بهذا الشأن على مستوى الخبراء.
كما أكدّ الفريق الروسي أنّه على الرغم من الاتفاق الروسي- الأميركي بشأن ضرورة تنصل المعارضة السورية من مواقع تنظيم «جبهة النصرة»، وتحديد المناطق الخاضعة لسيطرة مختلف الفصائل المسلحة، لم يتم حل هذه المسألة حتى الآن.
وتساءل «متى سيتخذ الجانب الأمريكي إجراءات للفصل بين فصائل المعارضة المعتدلة والمواقع التي يحتلها تنظيم «جبهة النصرة»، ومتى سيُقدم الأمريكيون لنا الإحداثيات الدقيقة لحدود هذه المناطق؟».
وفي شأنٍ متصل، رحَبّ قادة مجموعة الدول السبع في البيان الختامي لقمتهم في اليابان، بتعهدِ موسكو التعاون مع دمشق لخفض عدد الغارات الجوية في المناطق المأهولة.
وأكدّ بيان المجموعة أنّ كل أطراف النزاع في سورية يجب أن يلتزموا نظام وقف إطلاق النار، مندداً بانتهاك اتفاق وقف الأعمال العدائية وخصوصاً في حلب.
كما رحب القادة باللقاء الوزاري الخاص بالتسوية الشرق أوسطية المزمع عقده في باريس بداية الشهر المقبل.