بوتين خلال اجتماع مينسك… لا يوجد حل عسكري للأزمة الأوكرانية
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من العاصمة البيلاروسية مينسك خلال المحادثات التي جمعت رؤساء دول الاتحاد الجمركي روسيا وبيلاروس وكازاخستان والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، أنه لا يمكن حل الأزمة الأوكرانية عسكرياً.
وقال بوتين خلال اللقاء بحضور المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون: «نحن على استعداد لتبادل الآراء حول الأزمة الحادة في أوكرانيا التي لا يمكن حلها عن طريق تصعيد السيناريو العسكري، ومن دون مراعاة مصالح أقاليم جنوب شرقي البلاد، ومن دون حوار سلمي مع ممثليها».
من جهة أخرى، أكد الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أن هدف زيارته إلى مينسك وقف إراقة الدماء في شرق أوكرانيا وبدء عملية البحث عن حلول وسط.
وفي وقت سابق قال بوروشينكو في لقاء جمعه بنظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في مينسك: «آمل صراحة في أن يتمخض هذا اللقاء عن السلام، وأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق سيأتي بالسلام إلى أرض أوكرانيا».
وفي لقاء مع آشتون أكد بوروشينكو أن التصديق على اتفاقية الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي سيجري في أيلول المقبل على رغم حلّ البرلمان، مشيراً إلى أن نص الاتفاقية سيبقى من دون أي تغيير، وسيساهم التصديق عليه في إجراء إصلاحات حقيقية في أوكرانيا.
من ناحية أخرى، أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في لقاء مع المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية والأمن، أنه لا يتوقع التوصل إلى اتفاقات حاسمة حول تسوية الأزمة الأوكرانية في لقاء مينسك، إلا أنه أكد أهمية تحديد الاتجاه، الذي يجب السير فيه من أجل إحلال السلام في أوكرانيا.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن كييف يجب أن توقف «اللعبة العسكرية» وتتخلى عن فكرة تجاوز الأزمة العميقة في أوكرانيا من خلال الانتصار في الحرب ضد شعبها. وقال في حديث صحافي: «موقفنا واضح، نحن نريد السلام في أوكرانيا، الذي يمكن التوصل إليه فقط من خلال حوار وطني واسع يشمل جميع مناطق البلاد والقوى السياسية فيها»، مضيفاً أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان للأسف بصورة عمياء أية خطوات تقوم بها كييف.
وقال الوزير الروسي إن محاولات تسوية الأزمات من خلال فرض عقوبات أحادية الجانب خارج إطار قرارات مجلس الأمن الدولي تهدد السلام والاستقرار الدوليين، مؤكداً أن مثل هذه المحاولات مضرة وتتعارض مع قواعد القانون الدولي.
كما أكد أن التعامل مع روسيا أو أي بلد آخر بلغة الإنذار الأخير وإجراءات الإرغام أمر غير مقبول، مشيراً إلى أن رد بلاده على الخطوات الأحادية للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول متوازن ويأخذ في الاعتبار حقوق والتزامات روسيا وفقاً للاتفاقات الدولية بما في ذلك في إطار منظمة التجارة العالمية.
وقال الوزير الروسي إن العقوبات ليست اختيار روسيا، إلا أن موسكو ستفعل كل ما بوسعها من أجل حماية مصالحها الشرعية، بما في ذلك مصالح الأمن القومي بكل عناصره، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن موسكو لا تسعى إلى تصعيد التوتر وتأمل في أن يصغي الغرب إلى صوت العقل وستٌكسر هذه الدورة المغلقة من الخطوات على أساس مبدأ «العين بالعين».
وقال لافروف إن بعض وسائل الإعلام تنشر للأسف معلومات مشوهة وإشاعات وأكاذيب واضحة، لافتاً إلى أن أوكرانيا أعلنت أخيراً تدمير قافلة عسكرية آتية من روسيا، إلا أن حتى وزارة الخارجية الأميركية لم تتمكن من تأكيد هذه المعلومات، مؤكداً أن بلاده تعتبر مثل هذه الأنباء من مظاهر الحرب الإعلامية بخصوص الأزمة الأوكرانية.
وأضاف الوزير الروسي أن تحطم طائرة «بوينغ» الماليزية مأساة حقيقية، مؤكداً أن بلاده متمسكة بشكل كامل بتنفيذ القرار 2166 لمجلس الأمن الدولي وإجراءات التحقيق الدولي، مشيراً إلى أن موسكو طرحت أسئلة مهمة بخصوص الكارثة الجوية في شرق أوكرانيا لم تجب عنها الأطراف المعنية، معرباً عن أمله في أن التحقيق سيكشف حقيقة ما حدث.
وأكد لافروف أن موسكو ستصر على محاكمة جميع المسؤولين عن قتل المدنيين في كييف في شباط الماضي والأحداث الدموية في أوديسا وماريوبل وغيرها، قائلاً: «إنه لا يمكن السماح بإعاقة التحقيق في أسباب تحطم الطائرة الماليزية وغيره من الأحداث في أوكرانيا». وأضاف أن الوضع الإنساني في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك كارثي ومستمر في التدهور، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ومجلس أوروبا واللجنة الدولية للصليب الأحمر تؤكد ذلك.
واعتبر أنه من المهم للغاية في هذه الظروف تأمين تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان جنوب شرقي أوكرانيا.
وأكد لافروف أن موسكو تدعو الحكومة الأوكرانية إلى الوفاء بوعودها والمساهمة في تمرير قوافل إنسانية مقبلة بشكل آمن ودون عوائق، معرباً عن أمله في أن الغرب سيدرك حجم الكارثة وسيساعد في تلبية الحاجات الأساسية للمدنيين في جنوب شرقي أوكرانيا.
وكان الموقع الالكتروني الرسمي للرئيس الأوكراني نشر في وقت سابق مرسوماً أشار فيه إلى أن انتخابات التشكيلة الجديدة للبرلمان ستجرى في 26 تشرين الأول المقبل، في حين أعلن المتحدث باسم رئيس الدولة قرار بوروشينكو حلّ البرلمان الحالي قبل انتهاء صلاحياته وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وأشار المتحدث إلى أن الرئيس دعا القوى السياسية الديمقراطية إلى التوجه نحو مراكز الاقتراع «فريقاً أوكرانياً موحداً موالياً لأوروبا».
وأعلن مصدر في وزارة الدفاع الروسية أن عدداً من العسكريين الروس عبروا الحدود الروسية ـ الأوكرانية بطريق الخطأ ولم يبدوا أية مقاومة لدى احتجازهم في أوكرانيا.
وأعاد المصدر إلى الأذهان، أن عسكريين أوكرانيين كانوا يعبرون الحدود مع روسيا أكثر من مرة بمجموعات يصل عددها إلى 500 شخص، بما في ذلك عسكريون يحملون أسلحة ويقودون آليات عسكرية، مشيراً إلى أن الجانب الروسي لم يثر أية ضجة إعلامية بسبب ذلك وكان يقوم بإعادة جميع الراغبين إلى أوكرانيا في أماكن آمنة.
وكان جهاز الأمن الأوكراني قد أعلن في وقت سابق أنه ألقى القبض على 10 من قوات الإنزال الجوي الروسية بحوزتهم أسلحة ووثائق.
وعلى حد زعم جهاز الأمن الأوكراني، فإن العسكريين الروس قالوا إن كتيبتهم نشرت يوم السبت الماضي على الحدود مع أوكرانيا، ثم قاموا يوم الاثنين بعبور الحدود ضمن قافلة من المدرعات، إلا أن ضباطهم فقط علموا أنهم يعبرون الحدود الروسية ـ الأوكرانية.