العدوان على اليمن… تكرار الأوراق الفاشلة
زكريا الشرعبي
مع قرب انتهاء العام الثاني من العدوان الذي يقوده التحالف السعودي على اليمن وانقضاء اثنين وعشرين شهراً على ما سمّي بعاصفة الأمل، تبدو معادلة الحرب أكثر وضوحاً من ذي قبل، ويظهر أن المراهنة على كسر الشعب اليمني الذي كسر قمقم الوصاية، أصبحت أكثر من فاشلة.
نعرف أنه لا جديد في هذا القول غير أن التطورات الأخيرة على صعيد الأحداث في اليمن من جهة، وبداية حقبة ترامب الذي تأمل منه السعودية دعماً أكثر لحربها على اليمن من جهة أخرى، وكذلك التطورات على الصعيد السوري المكللة بانتصارات الدولة السورية على الجماعات الإرهابية في حلب وقرب حسم معركة الباب، كلها جعلت تصرفات السعودية وحلفائها خارجة عن الطور وأضحت الأمور عندها كعقد انفرط من يد جارية في سوق مزدحم تصعب لملمته.
في اليمن ومع قرابة انقضاء عامين من الحرب التي يشنها أقوى التحالفات الدولية وأكبرها ترسانة عسكرية ومالية وإعلامية على مَن يقع في نقيضه تماماً، من حيث الإمكانيات العسكرية والمادية وسائر الإمكانيات الأخرى، لم يستطع هذا التحالف أن يُحرز أي تقدم يذكر لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد العسكري، بل إنه وفيما كانت السعودية توارب ضعفها خلف ترسانة سلاح أميركي حديث تهدّد به دولاً إقليمية لا تخضع لطاعتها باتت مكشوفة واستطاع الجندي اليمني الذي لا يملك من الأسلحة غير الكلاشينكوف أن يمتطي بقدميه الحافيتين أحدث إصدارات الـ»أبرامز» والـ»برادلي»، ولم تستطع رغم امتلاكها سلاح الجو الحديث وعدم امتلاك اليمني لما يصدّه وامتلاكها مرتزقة محليين و«أفارقة» في مقابل أفراد بعضهم لم يدخل المعارك إلا منذ شهر أو شهرين أن تتقدم شبراً واحداً في منطقة صرواح وسط مدينة مأرب شمال اليمن، فضلاً عن مناطق أخرى في تضاريس أكثر اصطفافاً إلى جانب الجنود اليمنيين.
ما يعزز هذا القول هو أنّ تحالف العدوان السعودي وبعد أن استنفد جميع أوراقه في الحرب على اليمن، بما في ذلك ورقة الحصار الاقتصادي عاد ليكرر هذه الأوراق مرة أخرى كمحاولة الزحف التي يقودها منذ أكثر من أسبوعين على سواحل باب المندب جنوب غرب البلاد، والتي يفشلها الجيش اليمني واللجان الشعبية كل يوم ويكبد أصحابها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، رغم كثافة القصف المرافق لها، حيث يتجاوز عدد الغارات في الساعات القليلة 100 غارة جوية، منها غارات بصواريخ فوسفورية، ناهيك عن التحليق المستمر لطائرات الأباتشي وطائرات الاستطلاع وقصف البوارج البحرية.
بعيداً عن المعارك في الجبهات الداخلية في اليمن يتساقط الجنود السعوديون يومياً في المناطق الحدودية جنوب السعودية في عمليات الجيش اليمني واللجان الشعبية الاستنزافية، سواء بالقنص أو باستهداف التجمعات وهذا كله غير اقتحام المواقع العسكرية من أول موقع على حدود اليمن حتى آخر موقع قبل مدينة نجران، وآخر موقع قبل مدينة جيزان ووصول ذلك إلى اقتحام المعسكرات الكبيرة كما كان قبل أسبوع باقتحام القوات اليمنية لمعسكر الغاوية في عسير.
على الجانب السياسي فشل التحالف السعودي في انتزاع أي تنازل من القوى السياسية اليمنية، لا سيما في موضوع الخطوط الحمراء المحددة من قبل اليمن والمتمثلة في إيقاف العدوان ورفع الحصار وحل مشكلة الرئاسة والحكومة وتزامن الحل السياسي مع الحل الأمني، رغم التهديدات المستمرة والضغوط المختلفة في كل من مؤتمري جنيف ومؤتمري الكويت. ولعل زيارة المبعوث الأممي لليمن إلى صنعاء مطلع هذا الأسبوع والتقاءه وزير الخارجية اليمني في حكومة الإنقاذ الوطني المشكلة في صنعاء قد أفصحت عن الفشل الذريع الذي بات يلاحق تحالف العدوان في كلّ جانب…