أميركا.. «فوبيا» الرئاستين

معن حمية

منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، والشارع الأميركي بنصفه الديمقراطي لا يزال مصرّاً على رفض تقبّل وجود ترامب في البيت الأبيض، في سابقة صراع محموم بين أنصار الفيل شعار الحزب الجمهوريّ وأنصار الحمار شعار الحزب الديمقراطي .

وما أن تراجعت احتجاجات الشارع الديمقراطي، حتى بلغت الحملات السياسية ذروتها، فتمّ توجيه اتهامات لروسيا بأنها تدخلت في الانتخابات الأميركية لصالح ترامب، ومن ثم اتهام السفير الروسي في واشنطن بالتجسّس، ثم توجيه الاتهامات إلى عدد كبير من فريق إدارة ترامب، على خلفية مزاعم اتصالاتهم بالروس!

الاتهامات هذه، أفضت إلى استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين من منصبه، وهي تحاصر النائب العام ووزير العدل الأميركي جيف سيشنز، ومن المتوقع أن تطال أعضاء آخرين من فريق ترامب، لأنّ الهدف منها هو محاصرة ترامب وتقييده.

وإذا كان الرأي العام العالمي يحتاج إلى وقت طويل حتى يقتنع بأنّ لروسيا دوراً في التأثير على نتائج الانتخابات الأميركية، فإنّ الأميركيين أنفسهم مقتنعون بذلك. وهذا مؤشر على أنّ أميركا وصلت إلى مرحلة حسّاسة وخطيرة، حيث إنّ العامل الأساس التاريخي الذي أوصل هذا البلد إلى تصدّر الموقع الأول عالمياً، هو ثقة الأميركيين بعظمة أميركا ودورها، أما وقد تبدّد هذا الشعور، وبات الأميركيون يتظاهرون رفضاً لانتخابات رئاسية حدّد الروس نتيجتها بحسب المزاعم ، فلا ريب بأنّ أميركا اليوم لا تشبه أميركا الأمس.

قبل عقدين ونيّف من الزمن، وعلى أثر تفكك الاتحاد السوفياتي، كان الروس قلقين من حجم التمدّد والتوسّع الأميركي في جمهوريات آسيا الوسطى، حيث باتت روسيا الاتحادية بين فكي الكماشة الأميركية، وتمّ تطويق هذا البلد بتحويل الجمهوريات المحيطة بروسيا إلى حقول تزرع بالقنب الهندي والحشيشة، في سياق خطة أميركية لإغراق روسيا بالمخدرات، بعدما صارت بنظر الأميركيين عاجزة عن الدفاع عن نفسها.

لسان حال الروس كان في تلك المرحلة، أنهم أيّ الأميركيين يحاصرون بلدنا من الجهات كلها.

لكن، منذ سطوع نجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدأ حال روسيا يتغيّر، وفي الآونة الأخرى صارت روسيا لاعباً أساسياً في المعادلات الدولية، لا بل تقدّمت بسياساتها على السياسات الأميركية ـ الغربية. وأهمّ ما حققته روسيا هو دورها في مواجهة الإرهاب والتطرّف، في حين ظهرت أميركا داعماً أول للإرهاب.

المفارقة، أنّ الروس كانوا يتوجّسون من غزوة أميركية تحاصر بلدهم، أما الأميركيون اليوم فهم يشعرون بأنّ الروس أصبحوا داخل بيوتهم وغرف نومهم، ولا يعرفون مَن هو رئيسهم، فلاديمير بوتين أم دونالد ترامب…!

إنها أميركا تواجه فوبيا الرئاستين.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى