الجرود بعد الموصل… لا مردّ لقرار الجيش رغم المعترضين
حسين حمّود
الكلمة الأخيرة للجيش. هذا ملخص نتائج زيارة وزير الدفاع الوطني يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزاف عون إلى رئيس الحكومة سعد الحريري، مهما قيل عن شكلها وطبيعتها. أكانت استدعاءً من الحريري عقب العملية النوعية الناجحة التي نفّذها الفوج المجوقل في نهاية شهر حزيران الماضي ضدّ الجماعات الانتحارية الإرهابية، في عرسال وما تلاها من ردود أفعال منوّهة ومشيدة بالعملية، في مقابل حملة شعواء، تحت شعارات واهية، شنّها نوّاب وشخصيّات تدور في فلك الإرهابيين عموماً.
إلاّ أنّ الجيش المولج بحفظ سيادة وأمن لبنان واللبنانيين عموماً، ورغم محاولات أصحاب الحملة على الجيش، إثارة الفتن الطائفية والمذهبية، وافتعال إشكالات بين الجيش وشارع سياسي معيّن، لم يعر اهتماماً لمدمني الفتن. لم يغيّر استراتيجيته في حربه الاستباقية ضدّ الإرهاب، ولا مسرحها مع حرص شديد على أرواح المدنيين الذين يتخذهم الإرهابيون دروعاً بشرية في مخيمات النازحين السوريين، كما يستخدمهم أعداء الجيش من بعض اللبنانيين، غطاء لنمو التنظيمات الإرهابية وتحويلها جيشاً داخل الدولة اللبنانية تابعاً بقيادته ومهماته للدول المموّلة للإرهاب بغية مناوأة المقاومة أمنياً وعسكرياً من جهة، ولاستقطاب جمهور يافع متمرّد، لتحقيق مكاسب سياسية سلطوية عبره من جهة أخرى.
وحتى بعد خروج الحريري عن صمته، استمرّ الصراخ، لكن القافلة لم تتوقف بل واصلت طريقها، وجاءت العملية النوعية الجديدة التي نفّذها الجيش أول أمس ضدّ الإرهابيين في عرسال أيضاً وأسفرت عن نتائج كبيرة، إذ طالت أحد كبار المخططين للتفجيرات الدموية الوحشية وشريكه. وذلك التزاماً بعقيدة الجيش في الدفاع الاستباقي المتواصل عن لبنان وبمساندة الشريحة الأوسع من اللبنانيين والقوى السياسية الكبرى، وليس استناداً إلى دعم متأخر جداً جاء بعد كلّ ما قيل ضدّ الجيش. فلو تمّ التعبير عن هذا الدعم قبل الحملة لكان قضى عليها في مهدها قبل أن تولد وتولِّد معها التشكيك في الجيش، داخلياً ودولياً، ولسكتت الأصوات المغرِضة، لكن السيف يسبق العزل في كلّ مرة يحقّق فيه الجيش إنجازاً كبيراً ضدّ الجماعات الإرهابية ويتعرّض لحملات قاسية من الجهة نفسها وبالذرائع ذاتها، لأنّ الهدف هو هو، وهو قلب وجه لبنان الاجتماعي والسياسي والمقاوم.
لكن المعطيات الميدانية تؤشِّر إلى قرب انتهاء المعركة داخلياً ضدّ الإرهاب. إذ يُصرّ قادة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على ضرورة حسم المعركة ضدّ التنظيمات الإرهابية في الجرود، بالتوازي مع الانتصار الكبير المحقّق في العراق بتحرير الموصل والقضاء على «دولة داعش» هناك الذي يشكّل هزيمة لمخططه الأكبر بفرض سيطرته على أكبر مساحة من الشرق. في وقت يرتفع الحديث في السرّ والعلن عن قرب المعركة الحاسمة في جرود عرسال والقضاء على المسلحين فيها بما يعزِّز محاصرتهم وتضييق الخناق عليهم في سورية.
وما يرجِّح ذلك، هو استمرار تدريبات الجيش ومناوراته في مناطق شبيهة جغرافياً بالأراضي التي يحتلها الإرهابيون، وتحاكي عمليات الهجوم على تلك الأراضي وتحريرها بسرعة خاطفة وحِرفية عالية. وقد بدأ أهالي عرسال يتحضّرون لهذه المعركة بالابتعاد عن بقعة انتشار الإرهابيين في الجرود وداخل مخيمات النازحين مع تأكيد دعمهم لما يقوم به الجيش وما يستعدّ له في الأيام وربما الساعات القليلة المقبلة، بعيداً عن صراخ أصحاب الأجندات المشبوهة والسوابق الإجرامية الوحشية ومنتظري الاعتذارات.