«راحت.. بشربة مي»
يكتبها الياس عشي
توقّفت، وأنا أقرأ «أوراق فارس الخوري»، عند ما نقله أهل بلودان عن الفتنة التي وقعت قبل أكثر من أربعمئة عام في عين حليا الواقعة في سهل الزبداني، والتي اندثرت كلياً.
يروي أهالي بلودان الرواية التالية:
كانت الصبيّة عائدة من العين وعلى كتفها جرّةٌ ملأى بالماء، فالتقت بالشاب الذي اعترض طريقها قائلاً: أنا عطشان… فردّت عليه بنظرة شذراء، فرفع يديه، وأمسك بالجرّة، وأمالها إلى أسفل، وشرب منها. كانت الصبية والشاب من مذهبين مختلفين، فاعتبرت الفتاة وأسرتها أنّ تصرف الشاب إهانة تمسّ العرض، وفي حفلة من حفلات الضيعة وقف أخو الفتاة وكلّ شباب أسرته متأهّبين، وفي لحظة محدّدة من الاحتفال دنت الفتاة من الشاب الذي شرب من الجرّة، وطعنته بسكّين وهي تصرخ: إلحقني يا أخي. وهبّ أخوها ومعه شباب الأسرة، وقامت معركة بين الأسرتين لم تهدأ إلا بعد احتراق القرية بأكملها، ومهاجرة سكانها. ومن يومها وأهل بلودان يردّدون: «هكذا… راحت الضيعة بشربة مي»، وذهب قولهم مثلاً.