توقّفوا عن بثّ الفتن والأحقاد المذهبيّة
عمر زين
بداية،إنّه لأمر يستدعي الانتباه، كيف انطلقت حملة العداء والتشهير بالمقاومة مباشرة بعد تصفية جنود التكفيريّين في جرود عرسال، علماً أنّ من حقّ أيّ مواطن لبناني أن يكتب ويعبّر عن موقفه السياسي في كلّ شأن من شؤون الساعة، وفي كلّ موضوع يشغل الناس ويربك حياتهم.
ومن الغريب أنّ المقالات التي كُتبت بالمناسبة ومن جهات بعينها، كلّها قائمة على التعامي غير العفويّ والتحريض غير البريء.
هناك فئة تهاجم المقاومة بشكلٍ مؤذٍ، وهادف إلى البلبلة والشقاق بكلّ المعايير والمقاييس، وبناءً على حديثٍ وهميّ مبنيّ على افتراضات ليست إلّا من نسج خيال ضباط أميركيّين يقومون بالتنسيق بين الموساد وبعض أدواته في الساحات العربية بعامّة وفي الساحة اللبنانيّة بخاصة، باعتبار أنّ هذه الساحة هي مختبر نشيط لبثّ الفتن والأحقاد المذهبيّة. يروّجون للفتنة باستعمال معزوفة سنّي شيعي كي تسقط هويّة النضال والكفاح عن المقاومة، وتقوم أجهزة المخابرات «الإسرائيليّة» والبريطانية والأميركيّة بالتركيز على هذه الزاوية بحربها ضدّ حركات التحرير في عالمنا العربي. نقول لهذه الفئة، لو كانت المقاومة مذهبيّة في أهدافها لباركت لها أميركا و«إسرائيل»، ولكنّ المقاومة تؤمن من خلال عقيدتها أنّ مبرّر وجودها وغاية نضالها هو تحرير المسجد الأقصى وكلّ فلسطين. وبهذه القناعة، فالمقاومة هي مقاومة وطنيّة صرف، وهذا ما يقلق «إسرائيل» وحلفاءها في الساحة العربية. والحديث أنّ وجود هلال من نوع معيّن في هذه المنطقة هو حديث لبثّ الفتنة والأحقاد المذهبيّة ليس إلّا، فالتاريخ من ناحية، والوقائع الميدانيّة من ناحية أخرى، تشير كلّها إلى أنّ المقصود من هذا الكلام شقّ صفوف الأمّة وتفجير تناقضاتها المذهبيّة وكسب المعركة ضدّ العرب والمسلمين من دون تكلفة أو دفع أثمان.
أقلعوا عن الحديث عن هلال أو سوى ذلك، لأنّ غايته صرف الأنظار عمّا يشغلنا حقيقة، وهو الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس وحصار غزة، وتمادي «إسرائيل» في احتلالها لأرض فلسطين قاطبة. بالإضافة إلى ما ذكرت، لو كان هذا الفريق يتوخّى الحقيقة ولا يجهد النفس في كتابة المقالات والإدلاء بالتصريحات الداعية لضعضعة النسيج الاجتماعي اللبناني والعربي، فعليه أن يسير على طريق المقاومة الوطنيّة، طريق الشهداء معروف سعد ومصطفى سعد وخليل عزّ الدين الجمل وخالد علوان وإبراهيم منيمنة وسناء محيدلي وبلال الصمدي ومحمد الصيداني وعصام اليسير وفؤاد أبو حطب ومحمود دالاتي وجورج قساطلي وصالح سعود، وشهداء صيدا الحبال/ والزهرة/ والشريف، وشهداء طرابلس هوشر/ وحمود/ والترك وغيرهم وغيرهم…
ليكن العمل وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ فلندقّق ولنمحّص كلّ خطاب، كلّ أداء، كلّ عمل ونتحقّق منه، وعن مدى مساهمته في خدمة القضية المقدّسة وفي انتزاع فلسطين من أشداق الصهاينة والإمبرياليّة العالميّة!!
كلّ حديث غير ذلك يخدم «إسرائيل» ويعزّز الاحتلال ويضيّع ليس فلسطين فقط، بل يضيّع هُويّتنا ومستقبلنا ووجودنا عن خريطة العالم.
ستبقى مقالعنا اللبنانيّة المؤمنة بالعروبة وبالحرية والسيادة والاستقلال تصدّر الأبطال المقاومين ضدّ الاحتلال والجهل والفقر والتسلط والتعصّب والتطرف والإرهاب، وما عليكم إلّا الخيار بين الوطنيّة والخيانة.
الأمين العام لاتحاد المحامين العرب سابقاً