زيارة أحمد الحريري إلى البقاع جعجعة بلا طحين
ميسم حمزة
أولاً، وقبل أن نتحدّث عن البقاع اسمحوا لنا أن نتحدّث عن بيروت التي باسم النيابة عنها تتولّون رئاسة الحكومة.
نحن لن نفتح كلّ الدفاتر العتيقة لأنها تحتاج إلى مجلدات لن يحتمل المواطن سماعها، بل سنتحدّث عن الأمس القريب جداً:
ـ التشكيلات القضائية لا حصة ولا علاقة لبيروت بها. وغيرها من المراكز التي همّش أهل بيروت من التعيينات فيها، وليس هذا وحسب، بل يخرج أحد المسؤولين ليقول إنّ أهل بيروت غير مؤهّلين للوظائف العامة. إذا كان هذا تعاملكم مع بيروت وأهل بيروت فكيف تعاملتم وستتعاملون مع البقاع؟ وإذا كانت وعودكم لبيروت كلاماً في الهواء فكيف ستكون وعودكم للبقاع؟
إنه البقاع، الذي هُمِّش وحُرِم من كلّ المشاريع الإنمائية والخدماتية لسنوات طويلة، بل منذ الاستقلال، ولم يقدم نوابكم أيّ شيء لأهله، أو لتحسين أوضاعه، إلا وعوداً في الهواء تحملها الريح وتذهب.
واليوم، ونحن على أبواب الانتخابات النيابية تتذكروننا، ويتوافد إلينا الطامعون بالضحك على عقول ناسه للحصول على أصوات أبنائه، حاملين كمّاً من الشعارات والوعود الفارغة من المضمون…
وعودكم اليوم ستلحق بسابقاتها، وبعد الانتخابات تنسون البقاع وأهله كما نسيتم بيروت وعكار التي وعدتموها بالملايين، فطارت إلى جيوب المحاسيب والأزلام.
آخر الجولات تلك التي قام بها أحمد الحريري في البقاع، الطامح لرئاسة الوزارة بعد ابن خاله لكأننا جزء من الميراث.
جولة أشبع خلالها أبناء البقاع بشعارات فارغة من المضمون، براقة تعد بأحلام اليقظة التي لن تتحقق، وفيما يقوم بتقديم الوعود التي تحوّلت إلى وعود دائمة تضيع مع ضياع الصدى وتتناثر في الهواء وجعجعة بغير طحين، يقوم أبناء البقاع الحقيقيون بدعم البقاع وتحصينه وخدمة أبنائه ومدّ يد العون لهم، على مستوى الإنماء التربوي والخدماتي ومشاريع الغد الأفضل التي تتنامى وتتوسّع يراها كلّ ذي عينين ويستفيد من خدماتها كلّ من يقصدها.
ابن البقاع الأصيل يرتبط بقضايا أهله وشعبه ويبقى مستمراً معهم في كلّ المراحل والأوقات، يحمل همومهم ومشكلاتهم ويرتفع بهم إلى حيث يطمح البقاعيون في دور يرفع عنهم حالة الحيف والحرمان، فدائماً كانت المناطق البعيدة عن المركز يقع على عاتقها تحمّل الإهمال والحرمان إلى أن جاء مشروع سياسي بخلفية إنمائية وتربوية يحملها رجل من رجالات البقاع خفف الكثير من معاناة أهلها وجعل من الحلم حقيقة وانتشرت المؤسسات التربوية والجامعية ودار الأيتام والملاعب الرياضية وعزز العمل الكشفي.
فما عادوا يريدون من يقفل باب قصره بوجههم بعد الانتخابات، ولا من يفتح لهم المستوصفات قبيل الانتخابات ويقفلها بعدها، ولا من يوظف أبناء البقاع، ويسرق تعبهم، ويطردهم عند الانتهاء من مصلحته معهم، وها هم متروكون بلا رواتب منذ عامين في بلاد الغربة يعانون الأمرَّين، ويأتينا اليوم يطمع بابتلاعنا من جديد من خلال السعي للوصول إلى الصوت التفضيلي!
اليوم، المعركة الانتخابية الحقيقية هي في البقاع، وأهل البقاع سيختارون من عَمِل لسنوات من أجل مصلحتهم، ومن أنشأ الجامعات والمؤسسات ودور الرعاية، وأمَّن العلم والعمل لأبناء أرض البقاع الطيبة.
فما بين حالم بالاستغلال، ومقدّم للخدمات دون هدف أو مقابل، سيختار البقاع ابنه الأصيل، فهذا البقاعي لم يقفل مؤسساته بعد الانتخابات وإنما استمرّ في البناء والتقديمات أكثر فأكثر، أمثال البقاعي عبد الرحيم مراد الذي يقول في كلّ مناسباته لأبناء البقاع: إننا معكم على عهد العطاء لهذه المنطقة وللوطن، وسوف لن نألو جهداً في سبيل تعزيز مسيرة التنمية في هذه المنطقة، ولن نقبل أبداً أن يبقى البقاع على هامش خارطة اهتمام المسؤولين إلا في المواسم، بل يجب أن تكون للبقاع أولوية في اهتمام الدولة، وكأنّ أبناء البقاع درجة ثانية في الوطن والمواطنة، واستخفافاً بالزراعة والصناعة والسياحة، مما ينعكس سلباً على واقع المواطنين في كلّ النواحي، وهذا ما سنرفع الصوت معكم لتداركه.
البقاع يعرف أبناءه الذين يقومون بخدمته ولا يحتاج لخيالات المآتة الذين لا ينفعون حتى لإبعاد الطيور عن الحقول.