منابر الأزمة بين التسوّق والتسوّل
منابر الأزمة بين التسوّق والتسوّل
من المثقّفِين قادةُ رأي وصنّاعُ وعْيٍ هم ضَحايا أفكارِهِم.. إنّها مقولةُ حقٍّ يُرادُ بها أحياناً باطلٌ، يتلطّى وراءَها من يدّعون الوصاية على النشرِ والفكر وأحياناً النشرِ ـ وبخاصة في هذه الأزمة ـ ولكن كيف؟!
المقولة صحيحةٌ في حالات كثيرة، ولكن أن تُحدّد الأسماءُ فهنا المصيبة، لأنّ هذا المدَّعي في معظم الأحيان ملوّثٌ إمّا بالعنصريّة البدائيّة القبليّة! أو أحياناً بالارتزاق وحتى أحياناً بالمزاجيّة!
والأخطر من ذلك كلّه أن يكون ملوّثاً بما يقدّمه سلباً إليه عالم الإنترنت! فإنّنا ـ والحمد لله على كلّ شيء ـ نمرّ بزمنٍ قاحلٍ، قاحلٍ حتى من ومضة أدبيّة حقيقيّة، قاحل إلّا بما نتسوقه من الأدبِ الغربيّ، بخاصة الأوروبي الغربي المشبوه،
وربما أحياناً بما نتسوّله من الأدبِ العشوائيّ الشرقيّ!
وأكثر تبرير مُدَّعي الوصاية أنّهم يخدمون الوطن والوطنيّة أو الإنسان والإنسانيّة!
وصادق بالمطلق من قال: إنّ الذين هربوا إلى خارج أوطانِهم هم إمّا خونَةٌ أو مغرَّرٌ بهم أو مرتزقة.
ولكن حتى بعض الذين ظلّوا في أوطانِهم… ممّن ينتظرون الوقت الآتي ليستلموا كلّ شيء ويعيثوا في كلّ شيء، هُمْ إمّا لم يستطيعوا الإفلات، أو إنّهم ممّن فتحت عليهم ميازيب الارتزاق بشكل أكثر وأكثر. أو أنّ القوى الخارجية التي تسيّرهم قد أَوْعَزَتْ لهم بالبقاءِ في الوطنِ الهدف ليفعلوا ما تنفث إليهم هذه القوى وهنا، هنا المصيبة الكبرى! أو إنّهم جبناء أو فقراء وليس عندهم ما يصلون به!
وربما كان النقّاد والإعلاميون والأدباء الحقيقيّون هم الكثرة الكاثرة ولكن لا حولَ لهم ولا قوّةَ… فالآخرون خَنْدَقُوا من حولهم، فلا من يستطيع وصولاً ولا حتى نشراً، إلا من كان نبيلاً أو وطنياً.
وأعجب من ذلك كلّه، أنّنا كنّا نسمع أنّ صاحب المقالِ أو القصيدةِ أو العملِ الثقافيّ أيّاً كان يكسب أجوره من منابر الإعلامِ والنشر على أعماله… اليوم وعلى العكس تماماً نجد أحياناً أنّ المدعي هو الذي يَبْتَزُّ حتى الإعلامي والثقافيّ المغفل والأديب والنّاقد أو أيّ عمل فكريّ ثقافيّ، فيحصل على ما شاء!
ألذلك نجد سيارات هؤلاء المرتزقة اليوم أشدّ قساوة وغلظة من سيارات أرفع مستويات المجمع المالي وحتى الرسميّ؟
وحسبنا الله ونعم الوكيل!
يا رعاكم الله…
د. سحر أحمد علي الحارة