تذكروا أنّ عيد الحزب هو وقفة العز في حياة الأمة وتذكروا نداء سعاده: «وجودي هو أنتم أيها القوميون وعزّ هذه الأمة»
اياد موصللي
قال سعاده: «لم آتكم مؤمناً بالخوارق بل أتيتكم مؤمناً بالحقائق الراهنة التي هي أنتم».
منذ أن تأسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي وأعلن عقيدته وهوية أمته انتمى إلى صفوفه العديد من الشباب المؤمن بأمته..
هذه المدرسة خرّجت قوافل الأبطال والشهداء والمفكّرين المؤمنين بأننا أمة أبت ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة، لذلك وقفوا في وجه عدو يريد إزالة تاريخنا وأثرنا من الوجود.. كان الحزب المدرسة التي أسّسها سعاده وخرّجت أجيالاً مؤمنة بأننا أحرار من امة حرّة..
اليوم في عيد تأسيس الحزب نقف إجلالاً لروح العطاء التي زرعها سعاده في نفوس المؤمنين بأمتهم ووطنهم الذين آمنوا بأنهم لأمتهم حتى الدماء التي تجري في عروقهم هي وديعة الأمة لدينا متى طلبتها وجدتها.
تعلّمنا في حزبنا ان نقف وقفة العز ونعطي الشهداء. لقد أثبت حزبنا أنه حزب التضحية والعطاء حزب العقيدة والفكر والإيمان من أجل تحقيق الغاية التي تأسّس الحزب من أجلها وهي بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوّتها وتنظيم حركة تؤدي الى استقلال الأمة السورية استقلالاً تاماً وتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمّن مصالحها ويرفع مستوى حياتها، والسعي لإنشاء جبهة عربية وإعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.
قال سعاده: «إننا فخورون بجراحنا لأنها جراح أعزّاء لا جراح أذلاء. واننا فخورون بانكساراتنا لأنها كانت انكسارات مغلوبين غير مقهورين، واننا فخورون بانتصارتنا لأنها انتصارات غالبين غير شامتين!
اننا فخورون لأنّ مناقبنا كانت أقوى من شؤم الانكسار، ولأنّ إرادتنا كانت أغلب من صروف الزمان!
وإيماننا أشدّ رسوخاً منه قبل ما مرّ علينا من التجارب ويقيننا بالنصر الأخير أعظم منه في أيّ زمان مضى. فنحن نعلم والعالم يعلم اليوم انّ السوريين القوميين شعب حيّ مؤمن بحقه وعدل قضيته، فلا الشدائد تُميته ولا الأهوال تزعزع إيمانه، ولا يوجد قوّة على وجه البسيطة، روحية او مادية، تقدر ان تردّه عن غايته.
اني أخاطبكم اليوم والوقت ليس وقت فرجٍ، والصعوبات لما تُزل من طريقنا. وقد تكون الصعوبات المقبلة أكبر من الصعوبات التي اجتزناها. ولكن كلّ هذا كان منتظراً عندي قبل مجيئه. فإذا تذكرتم كلامي الذي خاطبتكم به في أيام الكورة سنة 1937 وجدتم اني حسبت كلّ الشدائد التي ستأتي ونبّهتكم إليها.
في أحد خطاباتي في الكورة قلت لكم: «انّ العراك بيننا وبين القوات الرجعية والإرادات الأجنبية لم ينته ولا بدّ من ان يستمرّ. فكلما ازددنا نمواً وتقدّماً ازداد الضغط واشتدّ العراك. ولن تكون للقوميين راحة حتى يتمّ النصر«.
وقد قلت لكم، في خطابي المذكور آنفاً: «إنّ طريقنا طويلة لأنها طريق الحياة. انها الطريق التي لا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة أما الاموات وطالبو الموت فيسقطون على جوانبها!»
القضية القومية المقدسة تنمو وتتقدّم متغلّبة على جميع هذه الصعوبات. فلا استمرار الحرب، ولا توالي المحن، ولا سقوط الفاشلين، يُزعزع مقدار ذرة من إيماننا بالنصر.
نحن القوميين الاجتماعيين، نفتخر بأننا حاربنا بشيء أساسي بوعينا لحقيقتنا وإيماننا بها، ولم نحتج الى الميعان للإبقاء على نفوسنا، إننا نعتقد انّ لنا نفوساً لا يمكن ان تذوب وتفنى، قد تسقط أجسادنا أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود. ولا يمكن ان تزول، وفي حربنا لم نستغث، في جهادنا لم نطلب نجدة ولم نستنجد، في جهادنا حملنا حقنا وسرنا مؤمنين. انّ النهضة القومية الاجتماعية قد وضعت على أكتافنا عبئاً كبيراً عظيماً، لأنها تعرف أنها أكتاف جبارة وسواعد أبطال. انّ كلّ ما فينا هو من الأمة وكلّ ما فينا هو للأمة، الدماء التي تجري في عروقنا عينها، ليست ملكا لنا، هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها.
لذلك نحن حركة صراع، لذلك نحن حركة قتال، حركة صراع بالمبادئ التي نحمل، وقتال بالدماء الحارة التي تجري في عروقنا، والتي سوف تحوّل أرض هذا الوطن الى وطن الزوبعة الحمراء المنطلقة لتحطيم كلّ نذالة وكلّ قبح، ولتصل بهذا الشعب الى المجد».
تاريخ الحزب هو تاريخ التضحية والجهد والجهاد لأنّ الحزب هو قضية نهضة رسالة، وهذه الرسالة هي روح أمة أبت ان تدفن في تاريخ مصطنع وتكوين بعيد عن روحها وحقيقتها أرادت قوى متعدّدة ان تطمسه وتبعثره وتشتته. فجاءت النهضة السورية القومية الاجتماعية تعمل على بعث التاريخ الحقيقي بكلّ وكامل معطياته، من أجل هذا كان عمل وعطاء المؤمنين بهذه النهضة سخيّاً، ومن أجل هذا سقط الكثير من الشهداء، ومن أجل هذا امتلأت السجون، ومن أجل هذا خاض الحزب الثورات لا سعياً للوصول الى حكم بل سعياً لاستعادة هوية وكيان يعطي هذه الأمة الحيوية والقوة… وقال سعاده: إنّ شهداءنا يمثلون أول انتصاراتنا الكبرى، انتصارات معنى الحياة على مجرد الوجود، انتصارات انّ الحياة في مبادئها ومثلها وغاياتها، وليست في مجاريها الاعتيادية، انهم يمثلون اول انتصار كبير لإرادتنا وعزيمتنا، انهم سقطوا ليثبتوا وثبتوا حياتنا القومية الاجتماعية ثبتوها بالفعل، وأثبتوا للملأ انّ القوميين الاجتماعيين ليسوا بمتراجعين عن عقيدتهم وانهم ماضون ليحققوا آخر غرض من أغراضها وآخر حرف من حروفها، هي عزيمة تطلب الموت متى كان الموت طريقاً الى الحياة، هي عزيمة قد عبّر عنها شهداؤنا الخالدون الذين عملوا لمبادئ النهضة القومية الاجتماعية الراسخة وبذلوا نفوسهم في سبيلها وأعطوا حياتهم كلها لها، من أجل ذلك هم يثبتون بثباتها ثباتاً خالداً، هم خالدون لا يزولون ولا يضمحلّون لأنّ هذه النهضة العظيمة خالدة، انّ لهم تقديرنا واحترامنا وشكرنا.
اليوم أقف متأمّلاً حامداً شاكراً انني على قمة مجد صنعته هذه النهضة، أقرأ في الأفق أسطر قصة كالأسطورة كتبها أبطالنا وشهداؤنا بدماء السخاء في العطاء لتستمرّ الأمة في البقاء تحارب بتاريخها وأمجادها التي هي مخزونة في أمهات الكتب والرسالات… كتابات اقرأها أسطراً فوق سماء بلادي وأرى الدماء التي كتبت بها لا تزال طرية ندية ترافقها أصوات الشهداء من أبناء هذه النهضة. وأسمعهم ينادون ويقولون: يا رفقاءنا صونوا قضيتنا، حافظوا على رسالة الحــق والخــير والجــمال… لا نريد دموعكم تذرف عندما تذكر مواقفنا يتقدّمنا سعاده زعيمنا.
يا رفقاءنا… انّ الوقفة التي وقفناها خلف زعيمنا كانت من أجل أن نشقّ لكم طريق العبور نحو الحياة..
يا رفقاءنا.. تركنا بين أيديكم قضية تساوي الوجود كله وسوّرناها بأرواحنا وحصّناها بدمائنا لتكون لكم سيفاً وترساً تواجهون به من يريد لأمتنا ولعقيدتنا ولسلوكنا الأذى والعار..
انّ أزمنة مليئة بالصعاب تمرّ على الأمم الحية فلا يكون لها خلاص منها إلا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة.. يا أبناء العقيدة اسمعوا النداء الآتي من بعيد.. صونوا وحدتكم.. صونوا عقيدتكم ولا تخافوا التضحية بل خافوا الفشل…
تذكروا نداء الزعيم: اننا قد اجتزنا مصاعب جمّة ولكننا لا نزال في حومة الجهاد لننال غايتنا الأخيرة التي هي إنشاء دولتنا المستقلة وتأسيس حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والروحية على قواعد مبادئنا القومية. ولنصل الى هذه الغاية يجب علينا ان نحقق غرضين أوليين أعلنتهما لكم منذ بدء العمل القومي وهما: استئصال الفوضى الداخلية ودفع المطامع الخارجية.
فثقوا بقضيتكم وحزبكم وبأنفسكم ولا تأبهوا لثرثرة المستهزئين، فهؤلاء يُقهرون ولا يُغلبون، ويُذلون ولا يُجرحون! يودّون أن تكونوا مثلهم لكي لا يكون لكم رفعة عليهم فذروهم في سخريتهم ولا تجعلوا مجالسكم معهم، لأنكم لستم منهم وليسوا منكم.
في هذا الزمن العصيب لنا وللعالم أهنّئكم باجتياز المراحل الصعبة الماضية وحفظ وحدة صفوفنا والتغلب على جميع العراقيل التي وُضعت في طريقنا. إني مغتبط بهذه النتيجة التي تمكنني من القول للعالم: إنّ قيمة المبادئ وقوة المناقب ليست أكثر رسوخاً في أية أمة من أمم العالم منهما في الحركة السورية القومية.
عندما نذكر رفقاءنا ومناقبيّتهم نذكر دائماً الزعيم الذي قال ماذا يعني وجودي غيركم أنتم أيها القوميون الاجتماعيون، غير عزّ هذه الأمة وكرامتها؟