المواقف السياسية تجمع على ضرورة الحوار لإبعاد الفتنة ومواجهة الإرهاب وإطلاق عمل المؤسسات بانتخاب رئيس للجمهورية والتوافق على قانون الانتخاب
وسط الأجواء التفاؤلية التي أشاعها الحوار المرتقب بين حزب الله وتيار المستقبل، لا يزال جدول أعمال هذا الحوار غير واضح حتى الآن رغم أنّ المؤشرات توحي بأنّ موعده بات قريباً جداً، إذ يقتصر الحديث عنه على العموميات، كون اللقاء بين الطرفين يشكل أهمية في حدّ ذاته خصوصاً بعد التوتر الذي ساد العلاقة بينهما، من دون التطرّق إلى تفاصيل أخرى، وخصوصاً ما إذا كان سيتطرّق إلى اسم الرئيس العتيد للجمهورية.
وإذ رحب حزب الله بالحوار والتلاقي بين مختلف الفرقاء اللبنانيين، أملت حركة أمل أن يفضي هذا الحوار إلى انتخاب رئيس للجمهورية وقانون انتخاب. أما «اللقاء الديمقراطي» فأعرب عن تفاؤله بإمكانية التلاقي وبجدوى الحوار للخروج من أزمة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، في حين لفت وزير الدولة لشؤون مجلس النواب نبيل دوفريج إلى أنّ الحوار لن يتطرّق إلى الأسماء المرشحة للرئاسة.
وإذ جدّد تيار المرده تأييده ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، أكد «أنّ التواصل مع القوات موجود ولم يتوقف، وهو ما ينفّس الاحتقان التاريخي بين الطرفين».
وفي شأن اللقاء المرتقب بين العماد عون ورئيس «القوات» سمير جعجع، أكد تكتل التغيير والإصلاح أن لا وقت محدّداً بعد للقاء، كاشفاً أنّ هناك أشخاصاً ينشطون على خط الرابية – معراب لعقد لقاء يخرج بنتائج إيجابية. وفي المقابل، اعتبر «القوات» أن تحاوره مع من أسماهم حلفاءه الإقليميين، في إشارة إلى زيارة جعجع الأخيرة للسعودية، يأتي رداً على «انغماس حزب الله في الحرب السورية والوضع الإقليمي»، مشيرةً إلى «مسعى للتفاهم مع حزب الله كي يوقف عرقلته للانتخابات الرئاسية».
وفي موازاة ذلك، شكل قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة، والقاضي بفرض تعويضات على «إسرائيل» يجب أن تدفعها للبنان مقابل أضرار البقعة النفطية في حرب تموز 2006، حدثاً بارزاً وبارقة أمل بأن يكون مدخلاً إلى محاسبة «إسرائيل» على الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها في حقّ الأمة بأرضها وشعبها وثرواتها، من قبل المجتمع الدولي الذي طال صمته حيالها.
وفي السياق، هنّأ رئيس الحكومة تمام سلام اللبنانيين بتبني الأمم المتحدة قرار إلزام «إسرائيل» بدفع تعويضات للبنان عن أضرار البقعة النفطية خلال عدوان تموز 2006، واصفاً الأمر بأنه إنجاز وانتصار سياسي ودبلوسي كبير للبنان.
وجاء في بيان أصدره سلام مساء السبت: «سجّل لبنان انتصاراً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً في أعلى محفل دولي، تمثل في تبنّي الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، قراراً يحدّد بـ856,4 مليون دولار قيمة التعويضات المالية التي يتعيّن على إسرائيل دفعها إلى الدولة اللبنانية نتيجة أضرار البقعة النفطية التي تسبّب بها قصف محطة الجية الكهربائية إبان عدوان صيف 2006».
وتوجه رئيس الحكومة «بالتهنئة إلى جميع اللبنانيين بهذا الإنجاز، الذي جاء ثمرة جهود مضنية بذلتها على مدى سنوات الديبلوماسية اللبنانية ممثلة ببعثتنا الدائمة لدى الأمم المتحدة، والذي يشكل انتصاراً للحقّ وللقيم الإنسانية العليا التي قام عليها ميثاق المنظمة الدولية».
وأضاف البيان: «إذ نؤكد عزمنا على مواصلة الجهود الحثيثة للوصول إلى ترجمة فعلية لهذا القرار، نتطلع إلى أن تكون خطوة الجمعية العمومية هذه فاتحة لمسار تطبيق مبدأ المساءلة القانونية الدائمة لإسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها، ومنعها من الإفلات من العقاب».
وجدّد سلام مطالبة لبنان «الأسرة الدولية بإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المتعدّدة الأشكال للسيادة اللبنانية، وبالتعاون مع قوات حفظ السلام الدولية لترسيم ما تبقى من الخط الأزرق والانسحاب الفوري من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وشمال بلدة الغجر»، مؤكداً تمسّك لبنان «بحقه الكامل في مياهه، وفي نفطه وغازه في منطقته الاقتصادية الخالصة، والتزامه تثبيت قواعد الاستقرار والأمن في الجنوب اللبناني، وفقاً لمنطوق قرار مجلس الأمن 1701».
وإذ أكد «أنّ لبنان، الذي كان وسيبقى دولة تتطلع إلى السلام في محيطها وفي العالم ونموذجاً مناقضاً لمفهوم الدولة العنصرية، يعتبر أنّ إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في حقّ اللبنانيين والفلسطينيين، لن يجلب لشعوب المنطقة سوى مزيد من الدماء والدمار»، كرّر مناشدة لبنان «الأسرة الدولية الخروج من حال اللامبالاة إزاء الصراع العربي – الإسرائيلي، وإلزام إسرائيل بوقف سياساتها العدوانية الاستيطانية، كشرط أساس لنجاح أي مسار تفاوضي يهدف إلى تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط».
حزب الله: نتعامل مع أيّ حوار بجدية كاملة
رحب وزير الصناعة حسين الحاج حسن بـ«الحوار والتلاقي بين مختلف الفرقاء اللبنانيين»، معتبراً «أنّ لبنان يحتاج في هذه المرحلة وأكثر من أي وقت مضى، إلى تحصين ساحته الداخلية لمواجهة تهديدات المجموعات الإرهابية، التي لا تفرّق بين لبناني وآخر إلى أيّ طائفة انتمى».
وشدّد خلال احتفال تأبيني في بلدة نحلة البقاعية على «أنّ المعادلة الذهبية – الجيش والشعب والمقاومة- قادرة على تأمين الحماية للبنان في ظلّ الأطماع الصهيونية والتهديدات التكفيرية».
وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، من جهته، «أنّ المقاومة ومن موقع مسؤوليتها حيال وطنها وأهلها كانت حريصة على اعتماد سبل الحوار مع الذين يختلفون معها، وما تأخرت عن أيّ دعوة له وُجهت إليها».
وقال الموسوي خلال احتفال تأبيني في بلدة طيرفلسيه الجنوبية: «إنّ المقاومة جاهزة لتقديم نموذجها في أيّ حوار يجرى الحديث بشأنه، ولديها من الأدلة والتجارب ما هو كافٍ في هذا المجال، ومن هنا كان من الطبيعي أن نلبّي الدعوة إليه، ولا زلنا نعمل لعقده مع الأطراف جميعاً، إذ أنّ فائدته قد تكون كثيرة أو متواضعة، ولكن بالتأكيد من فوائده الهامة هو أن يختلف الحراك بين اللبنانيين من تحريض وتعبئة وتباغض إلى حوار هادئ يفتش عن كيفية تنظيم الاختلاف والاستفادة من نقاط الاتفاق والتفاهم، ونحن نتعامل مع أي حوار بجدية كاملة ورغبة أكيدة في التوصل إلى تفاهمات، وسنذلل الجهد من أجل تحقيق التفاهم الذي يجب أن يشمل القوى السياسية جميعاً فلا يكون تفاهماً ثنائياً».
وتطرق الموسوي إلى موضوع الثروة النفطية، لافتاً إلى «أنّ قدرات المقاومة أسهمت في تعزيز القدرات اللبنانية لأنّ منصات النفط والغاز اللبنانية باتت محصّنة بالقدرات الصاروخية للمقاومة بحيث أنّ العدو الإسرائيلي يعرف أنّ ثمة توازناً في هذا المجال، فلا يستطيع الاعتداء على المنصّات اللبنانية، ولذلك فإنّ المطلوب اليوم أن يكون هناك نوع من هيئة وطنية جامعة تضمّ وزراء ونواب واختصاصيين في شؤون الغاز والنفط والقانون الدولي والحدود وما إلى ذلك، لتضع خطة وطنية يُجمع عليها الجميع من أجل استعادة حقنا، فبلدنا الآن فقير ومديون وصار لزاماً علينا أن نعمل من أجل التنقيب عن الثروات الموجودة في البحر».
واعتبر النائب حسن فضل الله، بدوره، خلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة بيت ليف «أنّ حماية البلد هي مسؤولية الدولة ومسؤولية وطنية تقع على عاتق كل القوى السياسية في لبنان». وقال: «عندما أخذنا قرار المواجهة تمكنا من إسقاط الكثير من أهداف المشروع التكفيري، واليوم عندما يكون لدينا موقف وطني واضح وجليّ وصريح ومتماسك لا تستطيع القوى التكفيرية أياً كان انتماؤها سواء إلى هذا الفصيل أو ذاك أن تحقق أياً من مآربها في بلدنا».
«أمل»: لحوار يفضي إلى رئيس وقانون انتخاب
أمل عضو كتلة التحرير والتنمية النائب هاني قبيسي خلال رعايته احتفالاً أقامه مكتب النقابات والمهن الحرة في حركة أمل ـ إقليم الجنوب لأطباء المنطقة، «أن تكون الاتصالات التي تجري في الأيام المقبلة هي لحماية لبنان، كي لا يغرق في هذه الفتنة، لنحمي لبنان من خلال إنجاز الاستحقاقات الكثيرة على المستوى الداخلي، إنْ كان على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية أو على مستوى إقرار قانون للانتخابات وإجرائها في الوقت اللازم».
وأشار عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان خلال احتفال تأبيني في بلدة كفرحتى، إلى «أنّ هناك بصيص أمل وبارقة نور في لبنان، من خلال الحوار الذي سيُعقد خلال الأيام المقبلة بين حزب الله وتيار المستقبل وهو حوار نأمل أن يصل إلى خواتيم جيدة، آملين أن يشمل الحوار كلّ المكونات لأنّ لبنان في أمسّ الحاجة إلى حوار يعيد العمل إلى المؤسسات، حوار يبعد شبح الفتنة وإلى مواجهة الإرهاب الذي يهدّد كلّ منطقة من لبنان، حوار يؤسّس لانتخاب رئيس للجمهورية وإلى توافق على قانون انتخابي، ويطلق العمل في المؤسسات الدستورية».
واعتبر النائب عبد المجيد صالح، من جهته، في تصريح «أنّ لبنان يعيش أزمات سياسية دائمة ناتجة من بعض القوانين التي تكرّس الطائفية السياسية، وتندرج تلك الطائفية إلى المذهبية والأنانية والشخصانية البغيضة التي تقفز أكثر الأحيان فوق المواطنية والولاء لوطن لطالما قدمنا من أجله الغالي من النفوس والدماء».
ورأى «أنّ الظروف السياسية والأمنية التي يعيشها لبنان متأثراً بمجريات وأحداث المنطقة وأمام هذه المتأثرات والاستهدافات كوطن وشعب، لا بدّ من الحوار الوطني الذي يجمع الأطراف على مجمل القضايا الوطنية وخاصة انتخاب رئيس للجمهورية».
من جهته أخرى، اعتبر النائب قاسم هاشم «أنّ ما حصل في الأمم المتحدة إنجاز وانتصار للبنان، ولعلها خطوة أولى على طريق تحقيق عدالة أضاعتها الأمم المتحدة في انحيازها لعقود لمصلحة العدو الإسرائيلي الذي لا ينصاع للقرارات الدولية ولا يلتزم المواثيق والقيم الدولية».
«اللقاء الديمقراطي»: متفائلون بجدوى التلاقي والحوار
وخلال لقاء سياسي نظمته وكالة داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في الشويفات ـ خلدة، قال عضو اللقاء الديمقراطي وزير الزراعة أكرم شهيب: «لا نزال على تفاؤلنا بإمكانية تحييد لبنان عن تجرّع مرّ الحرب التي تجري في سورية وفي العراق وفي غير مكان في بلادنا العربية، لا نزال على تفاؤلنا بإمكانية منع تسلّل الحرب السورية إلى الداخل اللبناني، وذلك بالتوافق على الثوابت الوطنية الجامعة لكلّ اللبنانيين وبالحوار على ما نختلف عليه والبناء على ما نتفق عليه، ولا نظن أنّ أحداً يريد إغراق لبنان في بركان الفتن الملتهب». وأضاف: «لا نزال على تفاؤلنا بإمكانية التلاقي وبجدوى الحوار للخروج من أزمة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، هذا الشغور الذي طال ولا خروج منه إلا بالتوافق بين كلّ القوى الفاعلة».
«التغيير والإصلاح»: لا وقت محدّداً للقاء عون وجعجع
وإذ أكد عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب سيمون أبي رميا «أنّ الحوار مع المستقبل لم يتوقف والنقاش قائم بعيداً من الأضواء»، أعلن «أنّ الإرادة موجودة لحصول لقاء بين رئيس التكتل العماد ميشال عون ورئيس القوات سمير جعجع لكن لا وقت محدّداً بعد». وكشف في حديث إذاعي «أنّ هناك أشخاصاً ينشطون على خط الرابية – معراب لعقد لقاء يخرج بنتائج إيجابية»، لافتاً إلى «أنّ حوار المستقبل – حزب الله يأخذ منحى أسرع».
وردّاً على سؤال عن مصير قانون الانتخاب، اعتبر أبي رميا «أن لا حلّ جذرياً لمعضلة أساسية كقانون الانتخاب، فهذا الاستحقاق يكون ضمن سلة متكاملة لتسوية كبرى».
«المستقبل»: الحوار لن يتطرّق إلى الأسماء المرشحة للرئاسة
ولفت وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج إلى «أنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو الباب الأساسي للاستقرار في لبنان»، مشيراً إلى «أنّ موقف الفاتيكان من الرئاسة واضح وداعم، كما أنه يشجع على الحوار الداخلي، خصوصاً بين تيار المستقبل وحزب الله».
وقال في حديث إذاعي: «من أولوياتنا في تيار المستقبل انتخاب رئيس للجمهورية»، لافتاً إلى أنه «لن يتمّ التطرّق في الحوار إلى الأسماء المرشحة للرئاسة».
وفي حين أعرب وزير الثقافة ريمون عريجي عن «ترحيب تيار المرده بالحوار المرتقب بين «المستقبل» وحزب الله، أكد أنّ التواصل بين «المردة» و«القوات»، «موجود ولم يتوقف، وهو ما ينفّس الاحتقان التاريخي بين الطرفين».
وجدّد عريجي دعم «المردة» ترشيح العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة، «نظراً إلى حيازته المواصفات المطلوبة». وتطرّق الوزير سليم كرم، بدوره في حديث لـ«المركزية» إلى اللقاء المرتقب بين عون وجعجع، قائلاً: «لا جديد على صعيد اللقاء الممكن حصوله، كما يمكن القول إنّ الاتصالات مقطوعة راهناً في هذا المجال، ولم نعلم بعد الفكرة التي حملها جعجع لبدء العمل عليها، إنما لسوء الحظ لم يكن العمل داخلياً محلياً، بل خرقته أجواء خارجية يبدو أنّ نمط السير فيها غير واضح المعالم».
وأضاف: «العماد عون لا يزال على موقفه لناحية الاستعداد للاجتماع، ولكن لا جواب من الفريق الآخر، كما أنّ المواضيع التي ستطرح خلال اللقاء لم تُحدّد بعد، لناحية إذا كانت هناك تنازلات أو اتفاقات، ونحن نعلم أهمية تحرّك الوفود الديبلوماسية في المنطقة، إنما هناك ضبابية تسيطر على المشهد، وثمّة أمور تفرض نفسها مثل قضية «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة» والدور الذي تلعبه هذه المجموعات المتطرفة على الساحة المحلية، ورغم أهمية موضوع الرئاسة وقانون الانتخابات والأوضاع الأمنية، لا يجوز أن يمثل الدولة اللبنانية رئيس يُفرض علينا، من أي طرف كان».
أما عضو كتلة «القوات» النائب أنطوان زهرا فأشار إلى أنّ زيارة جعجع إلى السعودية «طبيعية وتأتي في إطار التعاون مع الحلفاء لانتخاب الرئيس، والمملكة السعودية تهتم للوضع اللبناني من خلال دعمه سياسياً وعسكرياً، وهذا التعاون يؤثر إيجاباً علينا».
وقال في تصريح: «إنّ لبنان أمام استحقاقات متكرّرة ومآزق كبرى منها الشغور في الرئاسة، ولا يمكننا أن ننتظر حلحلة الأمور لكي نبدأ بالزيارات»، مبرّراً تحاور حزب «القوات» مع من أسماهم حلفاءه الإقليميين بـ«انغماس حزب الله في الحرب السورية والوضع الإقليمي»، مشيراً إلى ما اعتبره «مسعى للتفاهم مع حزب الله كي يوقف عرقلته للانتخابات الرئاسية».