أنزور: الأعمال الدراميّة التي تناولت الأزمة في سورية بعيدة عن الواقع
كتبت سلوى صالح من دمشق ـ سانا : يرى المخرج نجدت أنزور أن من واجب الفنان تقديم ما يستطيع، لتسليط الضوء على واقع مجتمعه وأنّ من واجبه كمخرج أن يقدم أعمالاً تتناول ما يحدث في سورية والدول العربية من إرهاب، وأن يحدّد الفنان دوره، فإما يكون ثانويا يقتصر على التسلية والترفيه أو يعتمد على مشروع يسعى إلى تحقيقه وإنجاحه.
في لقاء ضمن برنامج «المختار» عبر إذاعة «المدينة اف ام» اعتبر أنزور أن الدين الإسلامي الحقيقي موجود في بلاد الشام، موضحا أن لا إسلام معتدلاً وإسلام غير معتدل، بل هو إسلام واحد لا يمكن تجزئته، فما يشهده العالم اليوم من تطرف لا يمت إلى الدين الإسلامي بصلة، عارضاً مثل العيش والتآخي في سورية، مؤكداً أن هذا العيش المشترك هو حماية للدين الإسلامي، ومنتقداً محاولات الغرب استقطاب المسيحيين لإفراغ المشرق من أحد أهم مكوناته.
حول التهديدات الذي تلقاها بعد فيلم «ملك الرمال» قال أنزور: «حياتي من دون بلد حر تصان فيه كرامتي وتكون أرضي مستقلة هي حياة بلا معنى، فكلّ ما يصب وطني يصبني في المقام الأول، فأنا مواطن سوري قبل أن أكون مخرجاً أو فناناً.
في جالنب آخر، رأى أنزور أنه بعدما وصلت الدراما السورية إلى القمة وكان المسلسل السوري يباع بأعلى سعر، أصبح المنتج السوري اليوم يسوّق مسلسله بصعوبة بسبب المقاطعة، والهدف في تقديره ألا تستمر الدراما السورية في نجاحها، وأن تتحول إلى دراما هجينة تحت مسمى «دراما عربية»، معتبراً أن الدراما السورية أجهضت على يد السوريين أنفسهم وتقف وراء ذلك رؤوس أموال ومحطات وشركات إنتاج عربية، وحتى سورية استقطبت النجوم والكتاب وأغرتهم مادياً للعمل خارج الوطن.
أكد أنزور إلى ضرورة البحث عن الجديد وتجسيد التاريخ السوري والعربي والعودة للروايات والنصوص ذات القيمة والابتعاد عن التقليد، مظهراً أن الأعمال السورية التي تصور في الخارج اليوم ويشارك السوريون فيها هي أعمال مستنسخة ولا تمت إلى الواقع السوري بصلة، منتقداً دبلجة الأعمال التركية ومشاركة السوريين فيها، ومعتبراً أنها تكرس ثقافة مستعمر احتلّ بلادنا لمدة أربعمئة عام.
عن الأعمال التي تناولت الأزمة في سورية يقول إنها كانت بعيدة عن الواقع وتنطلق من دوافع وغايات إنتاجية معينة، واصفاً مسلسل «سنعود بعد قليل» بالسطحي، و»الولادة من الخاصرة» بالعمل المباشر والفج، كما اعتبر أن بعض الأعمال وجهت رسائل مضادة قائلاً «كنت أعول على المخرج حاتم علي أن يبذل جهداً أكبر في الاتجاه الصحيح لكنه وضع نفسه في مكان خاطئء والمادة ليست كل شيء»، مضيفاً «من غادر سورية من الفنانين لا دور له فيها بعد اليوم، فمن يترك بلده عرضة للنهب والسلب ويترك أبناء وطنه في هذه الظروف سيلفظه المجتمع حين تهدأ الأمور ويقرر العودة».
وحول قرار نقيب الفنانين السوريين زهير رمضان فصل الفنانين الذين ساهموا بحسب قوله في سفك الدماء يقول: لو لم يقم النقيب بذلك لقام به الشعب» واصفا إياهم بالأعداء معرباً عن أمله في أن تعود سورية آمنة مستقرة وأن يتمّ العمل على بنائها من جديد بفكر متفتح وأن تسود فيها القوانين المدنية وأن يُفصل الدين تماماً عن الدولة.
كشف أنزور عن تحضيره فيلماً وثائقياً يتطرق إلى نشوء تنظيم «داعش» الإرهابي يحمل عنواناً مبدئياَ «داعش والغبراء»، كما يهيّئ لمسلسل عنوانه «امرأة من رماد»، كتابة جورج عربجي وتؤدي بطولته سوزان نجم الدين.
القاصّة حنان درويش: عندما أكتب للطفل أكون طفلة مثله
كتب عيسى حمود وسها حسن من حماه ـ سانا : الكاتبة حنان درويش متميزة بكتاباتها القصصية الموجهة إلى الكبار والصغار. بدأت الكتابة في سن باكرة وتركز في قصصها على الواقع، وكل ما قدمته من أعمال على الصعيد الأدبي والاجتماعي صدقها وإخلاصها لما تقدمه.
تؤكد درويش أن المطالعة كانت البوابة التي فتحت لها آفاق الكتابة، إذ اهتمت بالشعر أوّلاً، متأثرة بكتاب محليين وعالميين. وبعدما أصبح لديها أطفال تزامنا مع ممارستها مهنة التعليم، نضجت فكرة الكتابة للطفل التزاماً بهذه الفئة العمرية التي تشكل أساس المرحلة الحالية والمقبلة.
تقول درويش: «إن الطفل بطبعه يحب الحكاية. نذكر عندما كنا صغارا كيف كنا نلوذ بأحضان أجدادنا لنسمع الحكايات الشعبية القديمة. من هذا المنطلق شعرت بأهمية الكتابة للأطفال والعناية بهذا الفن الذي ما زال قاصراً لكونه ظهر متأخراً على باقي الفنون الأدبية التي تسبقه محليا وعالميا.
إن آليات كتابة قصة الطفل تتمحور أولاً انتقاء الموضوع الذي يجب أن يكون من واقع الطفل ولا يشطح في الخيال كثيراً، رغم أن الطفل يحب الخيال لكنه يفضل المزج بينه وبين الواقع، إضافة الى تقنيات خاصة بكتابة قصة الطفل، فكتابة القصة له تختلف عن قصة الكبير، ثمة قاموس لغوي خاص بالطفل على الكاتب أن يكون مطلعاً عليه جيداً».
توضح مؤلفة مجموعة «ذلك الصدى» أنها تستمع إلى أعماق الطفل الجياشة بنبض طفولي لا يفهمه سوى كاتب يملك إحساسا ومضموناً خاصاً، فكاتب قصص الأطفال بحسب درويش يجب أن يكون طفلاً كي يفهم هذا الكائن الصغير من خلال الحوار. وعن الإحساس بعالم الطفولة تقول: «عندما أكتب للطفل علي أن أكون طفلة مثله كي يصل ما أكتبه إليه بصدق، ويجب أن أحب الطفل قبل أن أكتب له مهما كبرت، في داخلي طفلة تريد محاكاة الأطفال بلغتهم التي يفهمون». وتؤكد على أهمية امتلاك الحد الأدنى من الإلمام المسبق بثقافة الطفل ولمفهوم الخطاب الطفلي، لافتة إلى أن التحاور كأصدقاء لا كمعلم وتلميذ يلغي المسافات ويقلص مساحة الغربة ويتيح للطفل أن يفضي بما لديه بحرية وحب وتلقائية مع عدم استسهال الكتابة في قصة الطفل مثلما يحدث الآن، فهي من أصعب فنون الكتابة وتعتبرها «السهل الممتنع».
تركز مجموعات درويش القصصية على القيم الإنسانية فلا تخلو قصة واحدة منها. تحاول أن تربي الاطفال عليها من خلال سلوك الشخصو من دون اللجوء إلى أسلوب الوعظ والنصح مثل ضرورة احترام آراء الآخرين والتروي قبل إصدار الحكم، كما في قصة «حكمة الهدهد» ومحافظة الطفل على أشيائه، والألفة بين أفراد الأسرة، والإيمان بأن العمل الصالح لا يضيع.
من السلوكيات التي تعرض في قصصها قصصها ما هو سلبيّ إذ تحاول أن تربي الطفل على ضرورة الابتعاد عنه من خلال الدعوة إلى نبذ البخل والغيرة المفرطة والطمع والغرور…
كتبت درويش عدة مجموعات للكبار مثل «ذلك الصدى» و»فضاء آخر لطائر النارط و»بوح الزمن الأخير» وللصغار عدة مجموعات مثل «وعادت العصافير» و»حكمة الهدهد» و»أمنيات خالد» التي فازت بجائزة الطفل العربي في الإمارات إضافة إلى سيرة قصصية للأطفال عنوانها «رابعة العدوية» التي فازت بالسيرة الذاتية للطفل العربي .
الكاتبة حنان درويش من مواليد مصياف عام 1952، نشرت في عدة صحف ومجلات عربية. عضو اتحاد الكتاب العرب وعضو رابطة المسبار للإبداع العربي، وعضو اتحاد الصحافيين. فازت بالعديد من الجوائز العربية، بينها جائزة الشيخة فاطمة لقصة الطفل العربي في ابوظبي عام 2000، وجائزة «تحية لاطفال الانتفاضة» من وزارة الثقافة في سورية 2001، وترجمت عدة قصص من أعمالها إلى الإسبانية.