الغاز الإيراني وأثره في المفاوضات النووية
مرفان شيخموس
مفاوضات شاقة ومستمرّة منذ سنوات عديدة بين إيران من جهة وأميركا وحلفائها الأوربيين من جهة أخرى حول البرنامج النووي الإيراني.
أساليب كثيرة أتبعتها تلك الدول للضغط على الجمهورية الإسلامية، بفرض عقوبات اقتصادية وتجميد أموال إيرانية في بنوك خارجية وقرارات منع سفر على العديد من الشخصيات المهمة… لن ندخل في تفاصيل كثيرة ومتشعّبة ولكننا سنبحث سوياً في قطاع الغاز الإيراني ومدى أهميته وتأثيره في السوق العالمية، ومدى ارتباطه بتلك المفاوضات.
بداية عودة إلى التاريخ القريب، ففي عام 2008 وفي شهر نيسان تحديداً، وفي خطوة ربما لم تكن مفاجئة أفصح الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش وضيفه رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض، عن فرض عقوبات مشدّدة على صناعة الغاز في إيران، وأشار براون آنذاك إلى أنه ينوي تشجيع الدول الأوروبية على مقاطعة صناعة الغاز الإيراني.
يبدو أنّ التوجه في سياسة محاربة إيران اقتصادياً كان مرتبطاً بالاتفاقية التي وقعت بين إيران والمجموعة السويسرية بقيمة تصل إلى 22 مليار يورو، وهو ما أثار غضب الولايات المتحدة الأميركية، التي طالبت سويسرا بنسخة عن تلك الاتفاقية بحجة معاينة ما إذا كانت لا تتعارض مع ما يُسمّى قرارات المقاطعة الأممية التي صدرت ضدّ إيران.
ولكن ما الهدف من تلك العقوبات؟
إنّ فرض مثل تلك العقوبات على إيران وبالأخصّ في قطاع صناعة الغاز الطبيعي يُعتبر الأجراء الأقوى من قبل الاتحاد الاوروبي خلال السنوات الماضية، والهدف منه قد أصبح واضحاً بمضاعفة الضغوط على النخبة السياسية الحاكمة في الجمهورية الاسلامية في ما يخصّ الملف النووي.
ولربما من خلال إلقاء الضوء على كميات إنتاج الغاز الايراني وضمن فترة العقوبات الاقتصادية سيتوضح الكثير من الفروقات على تلك العقوبات…
كانت إيران تنتج 600 مليون متر مكعب من الغاز يومياً منها 500 مليون متر مكعب للاستهلاك المحلي.
وأكد مسوؤلون آنذاك انهم يخططون لمضاعفة الإنتاج خلال عامين بالرغم من تلك العقوبات!
ففي مسلسل تطورات الغاز الإيراني قال عضو في جمعية مصنعي أجهزة قطاع النفط في ايران إنّ البلاد قد حققت الاكتفاء الذاتي في تصميم وإنتاج المضخات التي تستخدم في مصافي الغاز والبتروكيميائيات، وأفادت وكالة مهر للانباء انّ «فرج بوروند» قال انّ صناعة هذه المضخات في داخل البلاد وفرت 400 مليون دولار سنوياً لإيران، مضيفاً انّ هذه المضخات هي من نوع «كرايوجينغ» وتستخدم لضخ مادتي البروبان والبوتان السائل في قطاع الغاز.
وفي 19 أيلول 2014 قال وزير النفط والموارد الطبيعية الباكستاني في مؤتمر صحافي: إنّ حكومة إسلام آباد سمحت لمحطات الغاز الطبيعي المضغوط C.N.G باستيراد الغاز الطبيعي المسال L.N.G لتأمين احتياجات هذا القطاع.
في 23 أيلول 2014 اجتمع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بنائب رئيس الوزارء الباكستاني سرتاج عزيز، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أكد الجانبان على المضيّ بمشروع مدّ أنبوب الغاز الإيراني الى باكستان.
وفي ذات السياق نقل موقع «بيزنس ريكوردر» عن وزير النفط والموارد الطبيعية الباكستاني، شاهد خاقان عباسي، انعقاد مفاوضات بين وفدي إيران وباكستان لاستكمال المناقشات حول موضوع خط انبوب نقل الغاز الإيراني في الأيام المقبلة.
قال المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الايرانية ركن الدين جوادي انه حتی عام 2017 سيتم استكمال جميع مراحل حقل بارس الجنوبي الغازي.
وقال جوادي في تصريح للمراسلين خلال تفقّده المعرض الدولي التاسع عشر للنفط والغاز والتكرير والبتروكيمياويات في طهران، انه تمّ التخطيط خلال العام الإيراني الجاري بدأ في 21 – آذار الماضي لرفع مستوی طاقة إنتاج الغاز في حقل بارس الجنوبي بين 80 وحتی 100 مليون متر مكعب.
في 21 شباط 2015 أوضح حميد رضا عراقي في حديث لوكالة فارس أنّ ايران صدّرت نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز، ايّ ما يعادل 4 الى 5 مليارات دولار العام الماضي.
وأوضح عراقي من المقرّر ان تصدر 30 الى 50 مليون متر مكعب يومياً، حيث ستدرّ عملية التصدير عائدات بقيمة تتراوح بين 4 الى 6 مليارات دولار سنوياً. واكد عراقي انّ الطاقة الإنتاجية العامة، ستزداد 100 مليون متر مكعب حتى نهاية العام 20 آذار 2015 ومع نهاية العام المقبل 20 آذار 2016 ستضاف 100 مليون متر مكعب أخرى من انتاج المرحلة 12 و15 و16 و 17و18 من حقل بارس جنوبي الغازي.
هذا ما كان يخصّ تطورات شق الإنتاج ولكن ما الذي كان يدور في كواليس السياسة؟
صرح المرشد الأعلى السيد علي خامنئي أنّ بلاده قد تردّ على الضغوط الدولية بتقليص صادراتها من الغا، مضيفاً إنّ بلاده تمتلك مخزوناً كبيراً وهاماً من النفط والغاز، وأن أوروبا تحتاج إلى هذه الموارد، وأنّ إيران يمكن لها أن تفرض من العقوبات ما يمنع هذه الموارد عن الأسواق.
مصدر مطلع في المفوضية الأوروبية قال إنّ الاتحاد الاوروبي يخطط لاستيراد الغاز الطبيعي من إيران مع تحسّن العلاقات مع طهران في الوقت الذي يزداد فيه التوتر مع روسيا أكبر مصدّر للغاز إليه.
وقال المصدر إنّ تلك الخطط مرهونة برفع العقوبات المفروضة على إيران، وأضاف: «تحتل إيران مكاناً قريباً من قمة أولوياتنا على صعيد إجراءات المدى المتوسط التي ستساهم في الحدّ من اعتمادنا على إمدادات الغاز الروسي… يمكن نقل الغاز الإيراني إلى أوروبا بسهولة ومن الناحية السياسية فهناك تقارب واضح بين طهران والغرب».
ما بين الجدال في الإنتاج والمواقف السياسية فإلى اين ستصل هذه القضية…؟ ومن سيكون الكاسب الأخير في المفاوضات النووية…؟