أين ضربة «داعش»… المقبلة؟
د. رفعت سيد أحمد
– بعد جريمة ذبح الـ21 قبطياً مصرياً في طرابلس على أيدي تنظيم «داعش» الإرهابي يوم 15/2/2015 ولأسباب كثيرة لم يعد السؤال في مصر: هل ستتعرّض البلاد لإرهاب جديد، شبيه بما جرى في كرم القواديس 24/10/2014 والعريش 29/1/2015 ، أو عملية ذبح الأقباط الشهداء ولكن أضحى السؤال هو أين؟… ومتى ستقع الضربة المقبلة، فهذا النمط من الإرهاب، لا سقف له، ولا أخلاق عنده، والغدر هو الصفة الرئيسية فيه، والقوى التي تقف خلفه، لن تهدأ حتى تحوّل مصر إلى منطقة استنزاف، تستهلك فيها طاقة الجيش والشرطة، والمجتمع في حرب عبثية، لا حدود لها بالقطع ليس هذا معناه أنها ستنجح في ما تخطط له، ولكن الأمر يعني الانتباه والحذر، وبناء استراتيجية مضادة للمواجهة والردع.
– قبل أيام نشرت صحيفة معاريف «الإسرائيلية» نقلاً عن إذاعة الجيش «الإسرائيلي» تصريحات لمن أسمتهم بضباط رفيعي المستوى في وحدة الاستطلاع والهندسة العسكرية جاء فيها: «أنّ تنظيم «داعش» يستعدّ لتنفيذ هجمات إرهابية ضخمة داخل سيناء وقرب الحدود المصرية الإسرائيلية»، مضيفين «أنها مسألة وقت فقط قبل تنفيذ العملية». ونقلت الصحيفة عن الضباط قولهم لراديو الجيش، «إن الجيش الإسرائيلي يستعدّ منذ نهاية العام الماضي لهجمات مرتقبة لتنظيم «داعش» ينوي تنفيذها في سيناء قرب الحدود، وأنّ هناك استعدادات هائلة من جانب الجيش بتجهيز وسائل تكنولوجية للمراقبة عالية المستوى وكاميرات تمّ نشرها على طول الجدار الحدودي بين مصر وإسرائيل»، لافتة إلى «أنّ راديو الجيش أعلن أنّ وحدة الهندسة العسكرية تستعدّ منذ نهاية العام الماضي لصدّ أي محاولة مرتقبة من جانب الجماعات الإرهابية في سيناء وعلى رأسها «داعش». وقال أحد الضباط لراديو الجيش «الإسرائيلي»، إنه تم استخدام أحدث الأساليب التكنولوجية المتقدّمة ووسائل المراقبة المتطورة عن بعد بما في ذلك الكاميرات البصرية والرادارية على طول الحدود مع مصر، التي تصل إلى حوالى 450 ميلاً، بما في ذلك الحدود الجنوبية المشتركة أيضاً مع الأردن .
– هذه «النبوءة الإسرائيلية»، التي تبدو كأنها حسنة النية تخفي ما بين السطور، الكثير من التساؤلات المشروعة من قبيل كيف عرف الجيش والاستخبارات «الإسرائيلية» بأن ثمة عمليات كبيرة وجديدة ستحدث؟ وكيف له أن يحذر من قبل في عمليات مشابهة نذكر منها على سبيل المثال عملية رفح في آب 2012، والتي أعلن عنها مكتب نتنياهو قبل أن تقع بأسبوع كيف؟ الإجابة الصحيحة هنا تقول إنّ ثمة اختراقاً «إسرائيلياً» كبيراً لهذه الجماعات إنْ لم يكن توظيفاً مباشراً لها في حربها ضدّ الجيش والدولة المصرية كما هي الحال مع ما تسمّى بالمعارضة السورية، وبخاصة مع «النصرة» في سورية و«داعش» في العراق حيث يرتبطون استخباراتياً وعسكرياً بالموساد الإسرائيلي!! وعندما كنا نشير من باب التحليل وليس المعلومات أنّ هذه الجماعات المسلحة داعش وأخواتها في مصر وسورية وليبيا ليست سوى جماعات مرتزقة تعمل مع أجهزة استخبارات معادية، لتفكيك البلاد التي تتواجد فيها، لم نكن نتجنّى عليها أو نلصق بها تهماً ظالمة، إنها إما صنعت على أعين «الموساد» وأجهزة الاستخبارات الغربية أو على الأقلّ يتم توظيفها، في إطار الصراعات والمصالح الغربية في المنطقة، فالأمر ليس مجرّد اختراق معلوماتي، بل صناعة وتوظيف بيّن.
– في هذا السياق المعلوماتي دعونا ننبّه من الآتي:
أولاً: نحتاج عند المواجهة الجادّة، المعرفة الصحيحة بالعدو الذي نقاتله في سيناء وخريطة انتشاره في مثلث رفح العريش الشيخ زويد ، إنّ خريطة الإرهاب في سيناء كما سبق وقلنا أكثر من مرة تتوزّع على قرابة 10 تنظيمات مسلحة أقواها: «داعش ـ ولاية سيناء» أو «أنصار بيت المقدس» جماعة «أجناد مصر» «التوحيد والجهاد» أصحاب الرايات السوداء التكفير والهجرة جماعات سلفية متشددة بعض عناصر جماعة الإخوان في شمال سيناء جماعة حازمون السلفية الجهادية جيش الإسلام وغيرها وهذه الجماعات المسلحة لا يتعدّى عدد عناصرها في أحسن تقدير الخمسة آلاف عنصر مسلح، وتستند إلى خلفية قبلية ممتدّة توجد في سيناء 26 قبيلة وعدد السكان 400 ألف في مساحة جغرافية تمثل خمس مساحة مصر 61 ألف كلم2 الأمر الذي يعني وجود فراغ استراتيجي يملأه الفقر والإرهاب والتمويل الخارجي.
ثانياً: هذه الجماعات المسلحة تستهدف بعد 30/6/2013، استنزاف الجيش والشرطة في مصر مع عزل سيناء عن مصر تدريجياً والدخول إلى سيناريو شبيه بالسيناريو الليبي أو السوري، انتقاماً منهما ومن الشعب الذي آزرهم لما جرى في ثورة 30/6/2013 وإكراه الشعب على أحد خيارين إما القبول بحكم تيارات الإرهاب والإخوان عنوة أو التعرّض الدائم لموجات من الإرهاب والقتل باسم الدين، إنّ هذا الهدف الذي لم – ولن – يتحقق، يدفع هذه التيارات إلى المغالاة في إجرامها ضدّ الدولة والشعب في مصر، خصوصاً في سيناء وغداً في الحدود مع ليبيا وهو يتطلب في تقديرنا، مواجهة جديدة تقوم على استراتيجية ردع، يلتئم فيها البعد الدعوي بالاقتصادي بالأمني، بالسياسي المطلوب هنا استحضار المجتمع في المواجهة، وهذا لن يتمّ بالإجراءات الموقتة، بل بالقرارات الحاسمة، هنا ننصح بإنشاء وزارة جديدة خاصة بسيناء تعمل مؤسسات الدولة الأمنية والدعوية الأزهر والاقتصادية والسياسية تحت لوائها؟ المطلوب هنا أيضاً إدخال أهالي سيناء وقبائلها في الحرب الحقيقية ضدّ هذه الجماعات، فأهل مكة مؤكد أدرى بشعابها.
إننا ختاماً أمام الجيل الثالث من الإرهابيين وهو جيل يمتلك أدوات تكنولوجية وعسكرية جديدة للإرهاب لم تكن موجودة لدى الجيل الأول جيل أسامة بن لادن! أو الثاني جيل أبو مصعب الزرقاوي! ويمتلك أيضاً، روح تعسة، مشوّهة، ومنحرفة، تبرّر القتل باسم الدين والحرق باسم الله، هذا الجيل الذي يتواجد الآن في سيناء، يحتاج إلى استراتيجية جديدة للردع، ونحسب أننا نمتلك أدواتها، الأمر فقط يحتاج إلى إرادة، وروح مبادرة، وأفق رحب في المواجهة… فهل نقدر؟!
E mail: yafafr hotmail. com