حزب الله وآل سعود… ما المقصود؟
روزانا رمّال
رغم الخلافات السياسية الكبيرة والعلاقات الثنائية المتوترة التي عرفت بين حزب الله والمملكة العربية السعودية منذ الفترة الممتدّة لما بعد اغتيال الحريري وصولاً إلى حرب تموز 2006 حتى اليوم، بقي هامش الخطاب بين حزب الله والمملكة في توجيه الرسائل والتصريحات يحتفظ بالاعتبارات والأدبيات المعروفة سياسياً والمستخدمة بأسلوب الخطاب والمواقف، خصوصا لجهة حزب الله.
لم يكن حزب الله أشدّ وضوحاً كما هو عليه اليوم منذ «عاصفة الحزم» السعودية على اليمن، حيث بدا حازماً أكثر مما كان متوقعاً تجاه المملكة السعودية، وبدا أنه يطلق حملة حقيقية وصريحة عليها بدأت بقيادته عبر السيد حسن نصرالله وصولاً إلى بيانات كتلته البرلمانية.
إنها المرة الأولى التي يستخدم فيها حزب الله، وبإصرار تامّ، عبارة آل سعود في معرض حديثه أو توجيه رسائله إلى السعودية، كما أنه للمرة الأولى ينسف اسم البلد ويحصره بعائلة من دون أيّ تردّد.
ليست مصادفة ان تكرّر كتلة الوفاء للمقاومة عبارة «آل سعود» التي جاءت على لسان السيد نصرالله في مقابلته التلفزيونية الأخيرة في موقفه وإشارته إلى السعودية، في معرض أجوبته على الأسئلة التي وجهت اليه في هذا الشأن، وقبلها في خطاب له، وهي بالتأكيد ليست زلة لسان لم يقصدها السيد نصرالله وهو أقله بالنسبة إلى أعدائه «الاسرائيليين» سيّد الكلام الوازن وغير العبثي في طرح معادلاته.
تقول كتلة الوفاء للمقاومة في المجلس النيابي اللبناني انّ «الحلّ الوحيد لإنهاء الأزمة اليمنية يقتضي الوقف الفوري لعدوان نظام آل سعود وإطلاق الحوار الوطني بين جميع مكوّنات وأحزاب واتجاهات الشعب اليمني بملء حريتها واختيارها وصولاً إلى حلّ وفاقي شامل».
الحرب السياسية الحقيقية بدأت من حزب الله على السعودية «الكيان» وهو في إصراره على استخدام عبارة آل سعود يؤكد على تحجيم المملكة وحصرها بعائلة وهو يعلن انه لا ينظر اليها بعد الآن كدولة إنما كعائلة يحق له ولكلّ المتضرّرين من سياساتها مواجهتها في السياسة والاستراتيجيات.
بذلك يكون حزب الله قد نسف أيّ علاقة مستقبلاً مع آل سعود، وأعلن سلفاً أنّ اسم السعودية خرج من خريطته للمنطقة، وأنّ المشهد في المستقبل الآتي لن يبقي الحال كما هي، وبالتالي فهي بالتالي لن تكون السعودية بعد الحرب ليست كما قبلها بالمنظار الإقليمي الدولي.
بالنسبة إلى حزب الله فإنّ حرب اليمن قطعت الشك باليقين انه لا مجال للعودة الى التطبيع مع نظام آل سعود حسب مخاطبته إياهم، وهو يؤكد في موقفه أيضاً أنّ الحرب على اليمن ذات استراتيجية كبرى وذات تأثير هائل على العالم برمّته.
حزب الله القارئ الجدّي للتحوّلات في المنطقة يضع نصب عينيه خريطتها السياسية بعد الاتفاق النووي الغربي مع طهران إضافة إلى التوازنات الاقتصادية وأسواق النفط وخطوط الغاز وممرّاتها ويعرف جيداً أنّ الضرر اللاحق بالسعودية بعد الحرب سيضعفها لتصبح دولة عادية كغيرها من دول الخليج.
حملة حزب الله واضحة، وهي تتعدّى الموقف من حرب لتصل الى الاستهداف للمفاهيم والمفردات الفكرية المدروسة على آل سعود، لكن يبقى الأهمّ انّ في كلّ ذلك تأكيد من حزب الله على انّ هذه الحرب دقيقة جداً ومصيرية، بحيث لا يمكن المسايرة فيها، فبدونها لا يمكن رسم الخريطة الجديدة للمنطقة، وإعادة توزيع النفوذ فيها، وبالتالي أطلق حزب الله عاصفة حزمه السياسية التي تدخل الى مسامع السعودية ومسؤوليها على شكل إنذار بأنها غرقت في هذه الحرب وتحجّمت، وانّ هناك استحالة أن تخرج منها بنفس المكانة والميزان، خصوصاً أنها تأتي في «زمان التوقيع على النووي».
يفيد التذكير انّ حملة حزب الله تتوازى مع كلام إيراني شديد الحسم وصل إلى حدّ القول إن الحرب التي تخوضها السعودية ضدّ اليمن ستمرغ أنفها في التراب، وقد تكون مقدّمة لتقسيمها بالإضافة إلى دخولها المستنقع.
حزب الله يتحدّى مملكة آل سعود ويعلن: لا تعتبوا فنحن نخاطب «عائلة وليس دولة» بعد اليوم.
«توب نيوز»