جورج جبّور مكرّماً في صافيتا
أقام المركز الثقافي العربي في صافيتا، بالتعاون مع فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في طرطوس، حفلاً تكريمياً للدكتور والباحث جورج جبّور، تقديراً لإنجازاته في مجالات الفكر والسياسة والأدب، وذلك بحضور شخصيات رسمية ودينية وشعبية.
بعد عرض فيلم يوجز سيرة حياة جبّور، ألقى الكتّاب عبد اللطيف محرز وجرجس عبيد وغسان كامل ونوس وغيرهم، كلمات في هذه المناسبة، اعتبروا فيها أن الدكتور جبّور مؤسسة في فرد، ومكتبة في ذاكرة، وشاهد حق ودليل إثبات في محكمة زمن، وسعى دائماً إلى حضور وطنيّ مشرّف في الساحة العالمية.
وركّزت الكلمات على مؤلفات جبّور، معتبرةً أنّه من خلال مؤلفاته، كشف ما للعرب من حضارة ومن سَبَق في حماية حقوق الإنسان، وفي تكريس ما للعربية والمسيحية والاسلام من مقام في العالم، كما أنّه أضاء على الفكر السياسي المعاصر في سورية، وعلى أهم الأحداث السياسية فيها.
كما ألقيت خلال الحفل شهادات مرسلة من قبل كل من الدكتور خلف المفتاح عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتب الإعداد والإعلام والثقافة، والأديب والإعلامي حسن حميد، والدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة والدكتور عدنان عمران.
وممّا جاء في رسالة الجعفري: «للتميز عنوان، وللقلم شموخ، ويبقى التميّز في الكتابة كباقة أزهار فوّاحة تملأ المكان بأريج جمال الإبداع الخلاق.
يعزّ عليّ كصديق، أن أشارك عن بعد، أهلي وأحبائي وأبناء وطني في صافيتا حفل تكريم الدكتور جورج جبّور، وهو الحفل الذي يأتي في الوقت المناسب. كان بودّي أن أكون بينكم اليوم لأشارككم جميعاً عن قرب لحظات تكريم قامة فكرية شامخة من قامات بلادنا، ولكنها الظروف القاهرة هي التي حالت دون ذلك.
التكريم بداية هو لمن يستحقه، وهي ممارسة لم تأخذ حقها بما فيه الكفاية في تقاليد تفاعلاتنا مع مبدعينا الكبار المميزين، إذ إن الكثيرين منهم لم نوفيهم حقهم علينا. ولذلك، فإن مبادرة وزارة الثقافة ممثلة برعاية الوزير الأستاذ عصام خليل إلى تكريم الصديق العزيز الدكتور جبّور، واحتضان المركز الثقافي العربي في صافيتا هذا التكريم، ينبغي الإشارة إليهما بالبنان والتنويه بريادتهما.
أعتقد أن تكريم إنسان مبدع، على رغم جمالية الفكرة الدافعة إليه، فيه شيء من الظلم للمكرَّم والمكرِّم، إذ إنه من الصعب جدّاً أن يختصر المرء غنى شخصية المكرّم بأسطر قليلة قد لا تفيه حقه ولا تترجم عمق إنجازاته ونقاء وطنيته وحبه لبلاده. من هنا، أستميح الحاضرين عذراً لعدم تمكّني من تكثيف تقديري للصديق الدكتور جورج جبّور في صفحة أو صفحتين تختصران مسيرته المميزة وقامته العلمية والفكرية العالية، فلا كلمات تفي الكبار حقهم، حتى وإن جاءت هذه الكلمات ببلاغة اللغة العربية وإعجازها.
تعود معرفتي بالدكتور جبّور إلى ثلاثين سنة ونيف، ولا نبذة عن حياته يمكنها أن تعكس غنى شخصيته وفكره وأدائه الوطني. عرفته باحثاً مرموقاً، ومفكراً غزير العطاء، وموظفاً كبيراً في مواقع هامة في الدولة، هذا فضلاً عن أنه صاحب مبادرات مميزة تركت بصماتها على المستوى الوطني وأيضاً المستوى العالمي.
أعتزّ بصداقتنا وافتخر بهذه الفرصة التي أتيحت لي كي أطلّ، بمداخلتي هذه، على إنساننا وأخينا الدكتور جبور لأقول له: هنيئاً لنا بِك… ولأقول لصافيتا: هل من مزيد؟
ومما جاء في رسالة عمران: إنّ تكريم مستحقّي التكريم لهو موقف حضاريّ، وما أجدر مدينتنا صافيتا بهذا الموقف بما تتميز به هذه البلدة من خصائص، جمال الطبيعة، وجمال أخلاق هذه البيئة المثقفة التي تميزت بالروح الوطنية والمحبة التي توحد الجميع في إطار وطنية لا تساوم .
إن صديقنا الذي نكرّم جورج جبّور، ميّز نفسه منذ الصغر بالتفوّق، وعيبه الوحيد، إصراره على الدوام وفي جميع مراحل دراسته على احتلال المراتب الأولى، طالباً في الابتدائية والثانوية والجامعية بما في ذلك دراساته العليا في واشنطن، ثم مواصلته بعد ذلك ممارسة هذه العادة في التميّز، كاتباً ومحاضراً وأستاذاً في طريقه الصاعد ليحتل مسؤولية المستشار السياسي في رئاسة الجمهورية .
ونظراً إلى معرفتي هذا الصديق منذ الطفولة بسبب جوار السكن بالنسبة إلى الاسرتين، أسارع إلى القول إن صفات التفوق والمناقبية العالية أخذها من والدين كريمين نجحا في تنشئة أسرة تفتخر بها صافيتا، وتصلح أن تكون القدوة الصالحة لمجتمعنا كله .
لقد كرّمت صافيتا كثيرين من أبنائها الذين نشأوا في رحابها في ظل جمال الطبيعة وأخلاقيات المكان، وتحملوا مسؤوليات في خدمة الوطن، أفلا تستحقّ صافيتا منّا أن نقدّم لها بدورنا التكريم الذي يرتّبه الواجب والمسؤولية؟
ويمكن أن يتوجه هذا التكريم لرفع شأن البلدة، والنهوض بخدماتها لتكون لؤلؤة السياحة على الشاطئ السوري .ويمكن أن تتولى هذه المسؤولية جمعية خاصة مجتمع مدني تتعاون مع أهل المسؤولية في الوطن من أجل إنجاح برامج التقدّم والتطوير .
وأود أن أذكّر بمشروع إنشاء الجامعة الخاصة في ربوع صافيتا، والذي كان قد قطع شوطاً قبل الاحداث، والهادف إلى إقامة جامعة تعنى بالعلوم التكنولوجية والاختصاصات العلمية الحديثة، لما فيه خير المدينة والساحل والوطن كله .
هذا المشروع من شأنه أن يعزّز مكانة صافيتا والمنطقة علمياً واجتماعياً، ويرفد جهود الوطن في التنمية والتطوّر والتقدّم. إننا تنطلع إلى أن تنجح الجهود في هذا المجال، وأن يترافق ذلك مع انتصار الوطن على المؤامرة الهمجية التي تحاول الانتقام من سورية لصمودها وتمسكها بالحقوق ومصالح الأمة .
وعبّر الدكتور جبّور عن سعادته بهذا التكريم، خصوصاً أنه ينظَّم في مسقط رأسه، وقال: «أدرك أن أوقاتنا الراهنة لا تتسع للتكريم إلا بمقدار ما تساهم فعاليات كهذه في تأكيد الثقة بالنفس، وتأكيد الاهتمام بشؤون الوطن».
وأضاف: «يتزامن هذا التكريم مع خوف يتملك العالم من اجتياح الإرهابيين مدينة تدمر الأثرية، وأن يقوموا بما قاموا به في أماكن أخرى. إن اجتياح تدمر مناسبة للطلب من الهيئات الدولية ـ خصوصاً «اليونيسكو» ـ الدعوة إلى عمل فوريّ لحماية هذا الجزء المهم من تاريخ البشرية».
وعبّر جبّور عن ثقته بالجيش السوري والشعب، وأنهما سينتصران بفعل ما يختزناه من وطنية صادقة.
يذكر أن الدكتور جورج جبّور عمل أستاذاً لعلم السياسة في جامعة حلب، وكان عضواً في مجلس الشعب دورة 2003 ، وله مؤلفات عدّة منها: «العروبة والإسلام في الدساتير العربية»، و«الفكر السياسي المعاصر في سورية»، و«صافيتا ومحيطها في القرن التاسع عشر»، و«الأمم المتحدة والسياسة الدولية وما يخصّ العرب»، و«نحو لجنة في مجلس الشعر للحرّيات والحقوق والواجبات العامة»، و«وعد بلفور»، وغيرها من المؤلفات.