همزة وصل ظاهرة «الاسلاموفوبيا»

نظام مارديني

ستعيد عملية «ليون» من جديد الحديث والنقاش في الغرب إلى مصطلح «الاسلاموفوبيا» وظاهرة اتساع الإرهاب واتساع واجهاته الدولية التي تعود الى طبيعة التغايرات العاصفة في العالم وإقليمنا.

هذا النقاش يتعلق بالحريات والحقوق والهويات والسلم الأهلي وغيرها، بخاصة بعدما انكشف الحجاب بين الواقع والحقيقة في السياسة والثقافة، أو في الدين، حتى باتت عبارة «الاسلاموفوبيا» هي القاسم المشترك التي ينبغي حضورها في كل اللحظات وكل الساحات، الداخلية والإقليمية والدولية.

كثيراً ما ترددت عبارة «إسلاموفوبيا» في الاوساط الاعلامية والاجتماعية الغربية، وغالباً ما صاحبها تصور لأناس بلحى طويلة، ووجوه كالحة، يرتدون ملابس تحاكي القرن الاول الهجري، حتى اصبحت العمامة واللحية يشكلان هاجساً ومدعاة للخوف وعنواناً للموت.

لا شك في أن أول من استخدم مصطلح «الاسلاموفوبيا» كان الكاتب الفرنسي ماليه أميل في مقالة نشرها في «الليموند» الفرنسية عام 1994 بعنوان «ثقافة وحشية»، وحذر فيها من «الاسلاموفوبيا» الزاحفة الى الغرب المسيحي. وقد تبنى هذا المفهوم الكاتب البريطاني رمنيميد تروست في تقرير نشره عام 1997 وعرّفه بأنه «الخوف الذي قد تخلفه الكراهية تجاه كل او معظم الاسلاميين بسبب موقف الاسلام من الأديان الأخرى كونه كتلة وحدانية معزولة وغير قابلة للتغيير ولا يتأثر بالثقافات الاخرى ويسعى الى التأثير فيها وأنه ينظر الى نفسه باعتباره ادنى شأناً من الغرب ويستخدم الايديولوجيا السياسية والعسكرية للوصول الى اهدافه».

لقد حل الإسلام المحمدي محل الشيوعية في صورة الصراع الجديد الذي اطلق عليه الكاتب الاميركي صاموئيل هنتغتون «صدام الحضارات» في مقال نشره في مجلة «فورين اميرز» عام 1993 بعنوان «صراع الحضارات»، وأشار فيه الى ان عالم ما بعد الحرب الباردة سيشهد صراعاً بين الغرب واميركا من جهة والاسلام والصين واليابان والهند من جهة اخرى، وأن ما سيحكم العلاقة بين هذه الحضارات هو الصدام على اساس الثقافة والهوية.

فهل سيبقى العالم يترقب خط الشروع لتطبيق هذه النظرية على ارض الواقع بعدما كان انهيار ابراج التجارة العالمية في نيويورك عام 2000 الشرارة التي اتخذتها اميركا والغرب ذريعة لتحرق المنطقة بحروب، الهدف المعلن لها هو تخليص العالم من التطرف الاسلامي المحمدي الذي هو من صناعتها وتعيد رسم الخريطة السياسية للمنطقة من جديد.

ليست حالة العنف في المجتمعات، حصيلة لفعاليات مسلّحة يقوم بها حفنة من المغامرين والقتلة، بل هي نتاج فكري متشدّد يسعى إلى بسط نفوذه بالقوة، تارة، وبالأيديولوجيات المحرّضة التكفيرية والإقصائية تارة أخرى، وهنا يبرز دور المثقف التنويري في التصدي للظاهرة الإرهابية والحيلولة دون سعيها الى أن تصبح ظاهرة عامة مُسيطِرة على ثقافة المجتمع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى